أكد العقيد السابق بالجيش السوداني ومنسق حركة العدل والمساواة المعارضة بأمريكا خليل محمد سليمان، أن السودان أول المتضررين من بناء سد النهضة الإثيوبي، مضيفًا في حوار مع البديل أن توتر العلاقات بين القاهرةوالخرطوم خلال الفترة الأخيرة، يؤكد أن الحكومة السودانية لا يشغلها صالح البلاد، بل تسعى لافتعال الأزمات مع دولة كبرى مثل مصر.. وإلى نص الحوار. العلاقات المصرية السودانية شهدت توترًا ملحوظًا في الفترة الأخيرة، وهناك تصريحات إعلامية ورسمية وصفت بالتصعيدية من الخرطوم ضد القاهرة.. كيف ترى الأمر؟ المعارضة السودانية لا يهمها سوى العلاقة بين البلدين، جزء كبير عاش في مصر ويقينه أنه لا مجال غير العمل من أجل العمل الشعبي المشترك، بعيدًا عن أي سياسة لأي نظام شمولي، ونحن ندرك أن نظام البشير شمولي وعقائدي، ولا يمكن أن يحكم بعيدًا عن افتعال الأزمات، لذلك نحن كشعبين نريد عزل ومحاصرة نظام الإخوان الذي رهن العلاقة التاريخية بين الشعبين لمصالح التنظيم الدولي للإخوان. وأضاف أن نظام البشير السبب الرئيس لما يحدث الآن من توتر في العلاقات بين مصر والسودان، ولنا تجربة مع خداع الإخوان عمرها ربع قرن من الزمان، والنتيجة لا تخفى على أحد، فالسودان كل أقاليمه بها حروب ويكفي انفصال الجنوب، فالبشير قلبه مع الإخوان فكيف أن نثق في إنسان شرد شعبه أن يوطد علاقاته الخارجية. وتابع: البشير يمثل تيار الإخوان ولا يأبه لأي مصلحة غير مصلحة الجماعة، فهو لا يمثل الشعب السوداني؛ لأن من يتهم بجرائم حرب ضد الإنسانية لا يمكن أن يتحدث باسم أمة وشعوب، فهو يمثل جماعته فقط التي تحاربها مصر، وبالطبع لا يحملون الخير أبدًا لشعبينا في وادي النيل. وأكد أن التنظيم الدولي للإخوان الآن يتخذ السودان لتكون حصنًا له في معركته الأساسية ضد الدولة المصرية، لذلك كانت هناك تغييرات كثيرة في السلطة السودانية خلال الفترة الأخيرة؛ ليعمق دور الجماعة أكثر من أي وقت مضى. كثير من المحللين أكدوا أن السودان له موقف إيجابي من سد النهضة.. هل هناك فوائد للخرطوم من إنشائه؟ أؤكد لك بصوت عال أن السودان أول المتضررين من بناء إثيوبيا لسد النهضة، فنظام البشير لا يدير هذا الملف بناءً على دراسات تؤكد عدم الإضرار بمصالحنا المائية وما يترتب على بنائه من تحديات إقليمية، وكأنه يدير اتحادًا للطلاب في أي مدرسة ثانوية لا بلد يخاف على مصالحها وأمنها القومي، وأنا من سكان النيل الأزرق، ولم يشهد في تاريخ هذا النيل المأساة التي يشهدها من ضمور وقلة مياه في وقت فصل الفيضانات، وتصريحات البشير الأخيرة تجاه السد الإثيوبي سياسية؛ للضغط على الدولة المصرية للقبول بالسد. وماذا عن ملف أبيي؟ على ماذا نبكي، على ثلث مساحة السودان بشعبها الشقيق، أم على قطعة أرض لا تتجاوز مساحتها حارة من حواري أي مدينة في السودان، إنه نظام شمولي يتغذى على زرع الشقة والفرقة بين الناس حتى يجد لنفسه مكانًا بين ضعف الجميع. وفيما يخص منطقة إبيى الآن فهي تفقد الوقت الراهن الأولوية لدى الدولتين، وبالأخص الجنوب لانشغاله بأزماته الداخلية، فالدولتان تسعيان في الوقت الحالي إلى الاستقرار الداخلي أولًا. تشهد الحكومة تغييرات كثيرة في مواقع مهمة في الفترة الأخيرة.. ما تأثير ذلك على الوضع في السودان؟ الإدارة السودانية لا يعنيها إلَّا السلطة فهي غير مهتمة برجل الشارع، وما يثبت ذلك التغييرات الحكومية الأخيرة، بعدما استعانت بالصف الثاني والثالث من قيادات الإخوان المسلمين، مما يدل على أن السلطات السودانية يهمها الجماعة أكثر من أمور البلاد. شوارع الخرطوم مليئة بالفقراء، إضافة إلى غلاء أسعار الاحتياجات الأساسية للمواطن السوداني، من مسكن وملبس، حتى المواد الغذائية، فلا توجد دولة في العالم مثل السودان بالغلاء. يردد الإعلام الرسمي أن هناك حوارًا سودانيًّا تدخل فيه القوى السياسية والمعارضة كافة مع الحزب الحاكم.. ما رأيك في هذا الأمر، وهل تشاركون فيه؟ هل يمكن أن يعود من قتلهم البشير بالحوار؟ نحن مع تحقيق العدالة مهما كان الثمن لكي لا يتكرر ما حدث، والإفلات من العدالة يكسر حاجز الردع والانضباط واحترام القانون، البشير شخص لا يجب أن يرهن السودان ومستقبله بوجوده في السلطة، وعلى حزب المؤتمر الوطني «الحزب الحاكم» إن أراد المشاركة في الحياة السياسية كحزب له جمهور من أبناء الشعب السوداني تسليم كل المطلوبين للعدالة، نحن لا يمكن أن نعزل أحدًا من العمل السياسي ما لم يثبت أنه أجرم في حق السودان وأهله، فتحقيق العدالة الطريق الوحيد لتوحد مكونات الشعب السوداني، قبل الحديث عن أي حوار سياسي أو المشاركة في الحكم، العدالة هي أول عتبات السلم نحو دولة عصرية محترمة يسودها القانون. وتحركات المجتمع الدولي في هذا الحوار؟ بالنسبة للغرب نعي تمامًا معاييره المزدوجة، مما يجعل العدالة عرجاء، فالغرب عمومًا تغلب عليه لغة المصالح، وللأسف توهَّم الغرب وراهن علي التمكين للإسلام السياسي، وخسر هذا الرهان ومصر خير دليل على ذلك، أما السودان فهو المثال السيئ في الحروب العبثية باسم الدين والجهاد والتقسيم للدين والهوية، وتحركات المجتمع الدولي في إطار الحوار دائمًا ما تكون لها نوايا مبيتة، فلم يتدخل الغرب لحل مسألة إلَّا إذا كانت له مصالح يريد تحقيقها من وراء هذا الأمر.