بعد أن فشل بنك التنمية والائتمان الزراعي في تحصيل مستحقاته لدى الفلاحين المتعثرين، لجأ القائم بأعمال مدير البنك عطية سالم، إلى مناشدة الفلاحين عبر إعلان تليفزيوني يتم بثه من خلال قناة مصر الزراعية التابعة لوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، والتي لا يتابعها الفلاحون بشكل فعال، بسرعة سداد أصل الدين قبل انتهاء المدة التي تم تحديدها في فترة سابقة بنهاية هذا العام قبل تفعيل الملاحقات القضائية بداية عام 2016. صوّر الإعلان الفلاح مهموما ومخنوقا وتنتابه حالة من الضيق لما عليه من ديون قديمة لبنك التنمية والائتمان الزراعي، وحثه على الإسراع بالتوجه إلى أقرب فرع للبنك «وميكسلش» وانتهاز الفرصة بتأجيل الملاحقات القضائية هذه السنة للمتعثرين من صغار المزارعين داخل البنك، وسداد أصل الدين فقط، مع وعد بإعفائه من جزء من الفوائد المحسوبة عليه، وبسداد الدين ستحل مشاكله، ومن ثم يمكنه الحصول على قرض جديد للفلاح حتى يقوم بزراعة المحصول الجديد، في تأكيد لدور البنك تجاه الفلاح البسيط مناشدا إياه في نهاية الإعلان بعبارة «يلا روح والحق وادفع بسرعة بنك التنمية معك أينما كنت». وقال محمد برغش، وكيل مؤسسي حزب مصر الخضراء «حزب الفلاحين» إن الإعلان الذي بثته قناة مصر الزراعية غير كاف للفت انتباه الفلاحين إلى قرب انتهاء المهلة التي منحت لهم لسداد مديونياتهم لدى بنك التنمية والائتمان الزراعي، بل كان يجب أن يبث في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة المنتشرة خلال ساعات الذروة، بالإضافة إلى الجرائد اليومية، حتى يعي المتعثرون أن القانون سيطبق على من يتخلف عن السداد، وتخلي الدولة مسؤوليتها آنذاك من الغدر بالفلاحين. وأكد أن الديون المتراكمة على الفلاحين لم تكن ضمن الديون الزراعية «السلف الزراعية» ولكن 99.9% من تلك السلف كانت قروضا استثمارية، تفتق عنها ذهن القائمين على البنك حين فرقوا بين قروض زراعة المحاصيل وبين القروض الخاصة بالميكنة الزراعية والثروة الحيوانية والداجنة والسمكية واعتبروها قروضا استثمارية تراوحت فائدتها بين 16 و33% سنويا ولا تطبق عليها الإعفاءات التي منحت للقروض الزراعية، والتي تم إعفاء الفلاحين من فوائدها وغرامة التأخير والرسوم الإدارية بنسبة تجاوزت 75%، في حين تراوحت نسبة الإعفاء للقروض المتوسطة بين 50 و60%، وأعفيت القروض الكبيرة بنسبة 50% من الفائدة، مع إلزام الفلاحين بتسديد أصل الدين لأنها أموال مودعين وليست ملكا للبنك. وأوضح برغش أنه بتاريخ 13 يناير 2014 عُقد اجتماع مع الرئيس السابق المستشار عدلي منصور، تم خلاله الوصول إلى آلية لتسوية ديون متعثري الفلاحين، وصدر قرار بوقف كل القضايا المنظورة بكافة مستوياتها ضد الفلاحين، وخروج المسجونين من الفلاحين وتسوية حالاتهم، هذا بجانب إيقاف الملاحقات القضائية لمدة سنة تم تجديدها لمدة سنة أخرى من قبل الرئيس السيسي، لافتا إلى أنه دعا جميع الفلاحين المتعثرين بسداد مديونياتهم لدى البنك حتى يتجنبوا الملاحقات القضائية، قبل انتهاء المهلة في 31 ديسمبر الجاري. وأشار إلى أنه خلال الأيام القليلة الماضية عُقد اجتماع بين رئيس البنك المركزي ورئيس مجلس إدارة بنك التنمية والائتمان الزراعي، بحثا خلاله الأمور المتعلقة بمديونيات الفلاحين والتي تحمل البنك منها ما يقرب من 3 مليارات جنيه من آخر مبادرة إعفاء قام بها الرئيس الأسبق مبارك عام 2010، والمبادرة الأخرى التي قام بها الرئيس الأسبق مرسي عام 2012، وخلص الاجتماع إلى القرار الذي اتخذه رئيس البنك المركزي بعدم تجديد المبادرة، مقترحا مد مهلة السداد دون ملاحقات قضائية لمدة 6 أشهر أخرى حتى تؤتي مبادرة الرئيس السيسي ثمارها، بحيث تكون نهائية لإتاحة الفرصة للإعلان عنها بما ينفي الجهل لدى الفلاحين بعد الإعلان عنها عبر الوسائل ذات المشاهدات المرتفعة. من جانبه، قال الدكتور فتحي هلال، خبير التمويل الزراعي، إن الإعلان عبر قناة مصر الزراعية عن سرعة تسديد الديون غير كاف، وخاصة أن الإعلان لم يشتمل على التفاصيل التي من شأنها تشجيع الفلاحين على السداد، كما لم يشر إلى دليل التسويات الائتمانية والكتاب الدوري رقم 86 بتاريخ 7 يوليو 2015 لشرح سياسة البنك في معالجة الديون المتعثرة بناء على موافقة مجلس إدارة بنك التنمية والائتمان الزراعي الرئيسي، والتي نصت على الإعفاء التدريجي للمتعثرين وفقا للصلاحيات الممنوحة لكل لجنة من لجان التسويات الخمس، بداية من لجنة القطاع المختص «المحافظة»، ثم لجنة بنك وجه قبلي أو بحري، ثم مجلس إدارتهما، ثم لجنة البنك الرئيسي، وأخيرا لجنة مجلس إدارة البنك الرئيسي، لافتا إلى أن تلك الإعفاءات تمنح للديون الرديئة والتي مر على تاريخ استحقاقها سنة، أما من توفى من المتعثرين فإنه يعفى تماما من قيمة الفوائد البنكية. ويشرح الجدول التالي ما يسمح به لكل لجنة في العفو عن قيمة الفوائد وفقا لقيمة القروض دون المساس بمبلغ القرض الأساسي، حتى يمكن للبنك الحصول على مبالغ القروض وإعادة تدويرها مرة أخرى على صورة قروض جديدة.