اعتقلت قوات الأمن النيجيرية رئيس الحركة الإسلامية في البلاد، الشيخ إبراهيم الزكزكي، بعد مجزرة ارتكبتها الأحد الماضي، ضد مشاركين في احتفال ديني أقيم بمدينة زياريا. وأفادت مصادر محلية بمقتل وجرح العشرات من المشاركين في الاحتفال، بينهم نائب رئيس الحركة، الشيخ محمد توري، وأقدمت قوات الأمن بعدها على محاصرة منزل الشيخ الزكزاكي قبل أن تقتحمه وتعتقله، ما أدى إلى مقتل زوجته وابنه، ثم عمدت إلى تحطيم المنزل، الأمر الذي دفع المدن النيجيرية للتظاهر استنكارا للحادث. الجيش النيجيري أصدر بيانا رسميا، قال فيه إن الطائفة الشيعية وبناءً على أوامر قائدهم، إبراهيم الزكزاكي، هاجمت موكب رئيس أركان الجيش الذي يرافقه 73 عسكريا، بينما كان في طريقه لزيارة صاحب السمو الملكي، شيهو إدريس، في زاريا، وتابع البيان: «مئات من أبناء الطائفة الذين يحملون السلاح، وتحصّنوا في الطرق، رفضوا كل التوسلات للتفريق ثم بدأوا بإطلاق النار ورشقوا الموكب بمواد خطرة». في المقابل، رفضت الحركة الإسلامية الادعاء ووصفته بالكاذب، متسائلة: كيف يمكن للناس العزل أن تغتال رئيس الأركان؟. مراقبون يرون أن اتهامات الشيخ زاكزاكي للحكومة النيجيرية كان لها دور كبير في تحرك الجيش ضده، خصوصاً أن الهجوم العنيف ليس الأول من نوعه على الحركة، ففي العام الماضي، تعرّضت مظاهرة مؤيدة للقضية الفلسطينية بمناسبة يوم القدس العالمي، لنيران القوات الأمنية النيجيرية، التي طاردت المتظاهرين السلميين وأطلقت عليهم الرصاص الحي، مما أسفر عن وقوع 33 قتيلا، بينهم ثلاثة من أبناء الشيخ الزكزاكي، وإصابة العشرات المدنيين، بينهم الابن الرابع للشيخ. انتقادات الزاكزاكي الشديدة للحكومة النيجيرية كانت تتعلق بملف الفساد السياسي، وعلاقتها مع الكيان الإسرائيلي وتبادل المعلومات بين الأجهزة الأمنية للدولتين، بالإضافة إلى بوكو حرام وعلاقاتها مع بعض قيادات الجيش النيجيري. اتهام الزاكزاكي بوجود تواطؤ بين بعض عناصر الجيش النيجيري وبوكو حرام أكدتها تصريحات متفرقة للجيش النيجري نفسه، فالحركة الإسلامية اعتبرت أن هناك توغلا لداعش «بوكو حرام» الوهابية في الجيش النيجيري، واعتبروها أنها تشارك الجيش في استهداف الحركة الإسلامية بسبب انتمائها للمذهب الشيعي، فقبل أسبوعين فقط هاجمت الجماعة موكبا تابعا للحركة، مما أدّى إلى قتل 22 شخصا في ولاية كانو الشمالية، كما أن هجوم الأحد الماضي حدث أثناء تشييع أبناء المدينة لأحد ضحايا بوكو حرام. تمتلك جماعة بوكو حرام المتشددة في نيجيريا ما بين 4 و6 آلاف مقاتل، حسبما نقل عن مسؤولين بالاستخبارات الأمريكية «سى آي أيه»، ورغم ذلك قال المسؤولون النيجريون، إن الحركة لا تشكل تهديدا كبيرا لحقول النفط في البلاد. هجمات بوكو حرام التي تسعى إلى إقامة دولة إسلامية في شمال شرق نيجيريا، أدت إلى سقوط 17 ألف قتيل على الأقل وتشريد نحو 2,6 مليون شخص منذ العام 2009، وتكرر خلال النزاع الاتهامات بأن بوكو حرام تتلقى رعاية من بعض الأشخاص المقتدرين في شمال شرق البلاد. وفي وقت سابق، اتهم الجيش النيجيري بعض الشخصيات البارزة والجماعات السياسية في بورنو وشمال شرق البلاد، بالعمل على تقويض عملية مكافحة التمرد لمصالح شخصية، وقتها، لم يذكر الجيش أي أسماء أو تفاصيل عن ماهية عمليات التخريب أو الغرض منها، لكن مع استمرار الهجمات يبدو أن الاتهامات لن تتوقف. وللفساد أيضا دور كبير في إعاقة مكافحة بوكو حرام، خاصة خلال عام 2014 حين استولت الجماعة على مساحات شاسعة من الأراضي، وبدا الجيش عاجزا عن التحرك. يقول المحلل الأمني المتابع للنزاع، عبدالله وازع، إنه من الواضح أن بعض العناصر في الجيش كان أو لايزال يتعاون بشكل وثيق مع بوكو حرام لتحقيق مكاسب مالية. ويبدو أن مخاوف الزكزاكي لم تقتصر على توغل بوكوحرام في بعض قطاعات الجيش النيجري، لكنها توسعت لتشمل التوغل الإسرائيلي في الجماعة الإرهابية. في كلمة سابقة، أشار الزكزاكي إلى مؤامرات أعداء الإسلام وعلى الخصوص الكيان الصهيوني وأمريكا ودورهما في إيجاد المجموعات التكفيرية كداعش وجبهة النصرة وغيرها في أوساط الدول الإسلامية، قائلا إن كل المجموعات التكفيرية أوجدت في الدول الإسلامية، في ظل الدعم والسياسات الخبيثة للاستكبار العالمي، مشيرا إلى أن بلاده لم يكن فيها من قبل أي وجود لعصابات بوكو حرام التكفيرية، والآن بات لها وجود إثر الدعم الذي تتلقاه من الكيان الصهيوني وأمريكا. ويعد الزكزاكي داعما قويا للقضية الفلسطينية في نيجيريا، ما يجعلع عرضة لأنظار أجهزة الكيان الصهيوني الأمنية، بالإضافة إلى علاقته القوية مع إيران التي يعتبرها الكيان الصهيوني تشكل خطرا أكبر من داعش التي بايعتها بوكو حرام مؤخرا. من جانبه، قال رئيس المخابرات بالجيش الإسرائيلي السابق، عاموس يادلين، إن داعش يعتبر أقل خطرًا من إيران، علي خلفية توصل طهران لاتفاق مع القوى العالمية الست، وبالتالي هناك استعداد إسرائيلي للتعاون مع داعش في أي مكان بالعالم لتحقيق أهدافها المعلنة ضد إيران، خاصة أن لإسرائيل تاريخا حافلا في التعامل مع داعش والنصرة من حيث الدعم ومعالجة المقاتلين في سوريا، فالتغيرات الأخيرة التي أجراها جهاز الموساد الإسرائيلي بتعيين رئيس، قائمة على مبدأ صهيوني بتحجيم الخطر الإيراني، فطالما يلمح نتنياهو إلى أن المهمة الأساسية للموساد، ضمان أمن إسرائيل بمواجهة التهديدات الإرهابية والتهديد الإيراني والتهديدات الأخرى. ويبدو أن التغيرات الجديدة في الموساد الإسرائيلي، واختراق الكيان الصهيوني لداعش وأخواتها، واختراق داعش للجيش النيجيري، وصمت الحكومة النيجيرية على ما يجري، فالزكزاكي يعد من أكبر منتقديها مهد الطريق أمام وقوع مثل هذه الهجمات.