يعتبر صيد الأسماك من الحرف الرئيسة التي تعيش عليها أسر كثيرة من سكان قطاع غزة، حيث إنَّ هذه الحرفة متوارثة من الأجداد إلى الأحفاد. وكان الصيادون يعيشون حياةً كريمةً في الماضي، إلَّا أنَّ الاحتلال الإسرائيلي والحصار المطبق على غزة أدى إلى زيادة معاناة الصيادين بشكل واضح؛ نتيجة الإجراءات التعسفية الحادة للحرية التي يفرضها الاحتلال الإسرائيلي على حرفة الصيد والصيادين. إذ لا يسمح للصيادين تجاوز مسافة ميلين بحريين علمًا بأن هناك اتفاقًا بين السلطة الفلسطينية وحركة حماس من جانب، والاحتلال الإسرائيلي من جانب آخر، برعاية الأشقاء المصريين، وبنص الاتفاق يسمح للصيادين بالصيد لمسافة ستة أميال بحرية، وإن كانت هذه المسافة قريبة جدًّا من الشاطئ إذا ما قورنت بحق دول العالم بمياه إقليمية حتى غاية 200 ميل بحري. ونتج عن منع الصيادين من ممارسة مهنتهم، إلَّا في حدود مسافة الميلين البحريين، اصطياد كميات قليلة من الأسماك صغيرة الحجم والوزن؛ فالأسماك الكبيرة على مسافة أبعد وأعمق، حيث إن كميات الصيد لا تفي بدخل الصيادين وحاجة أسرهم، مما يؤدي إلى تدني دخل الصيادين. ومن ضمن معاناتهم أيضًا ارتفاع أجرة إصلاح المركبات وزيادة أسعار مراكب الصيد؛ لعدم وجود المواد الخام اللازمة للصناعة وإصلاح المركبات، مما ينعكس سلبًا على الصيادين وصنَّاع المراكب ومن يقوم بصيانتها، التي إن وُجِدت المواد الخام تكون أسعارها جنونية. قال أبو مطاوع، 54 عامًا صياد فلسطيني ل"البديل": الصيد كان من أهم الحرف في غزة، لكن اليوم مع ظروف الحصار المطبق على غزة، يادوب نقدر نحصِّل قوت أطفالنا، إضافة للمخاطر التي نتعرض لها؛ لأن مراكب الاحتلال تطلق علينا يوميًّا النيران لإرهابنا من القيام بالصيد، وكل السمك الذي نصطاده صغير جدًّا؛ لأنه ممنوع ندخل في البحر أكتر من مسافة ميلين بحريين". وأضاف: "أحيانًا نمكث بالبحر في مراكبنا يومين وثلاثة أيام وما بنصيد أي سمكة، من تفتيشنا في البحر وإتلاف آلات الصيد من قِبَل جيش الاحتلال الإسرائيلي، يعني معاناتنا لا يعلمها إلَّا الله بسبب الاحتلال والحصار الشديد على قطاع غزة". وتوجه "البديل" إلى الحاج أبو إسماعيل الملقب ب«البحري»، والذي يصنع مراكب الصيادين ويصلحها، وقال: أتمنى لو أستطيع القيام بأي عمل آخر؛ فحرفة الصيد لا توفر قوت يومي، وأخاف أن يأتي اليوم الذي لا أجد فيه المواد الخام قطعيًّا، حيث أصبحت مادة الفيبر جلاس مفقودة وتعتبر المادة الأساسية في صناعة مركبات الصيد وإصلاحها. وأوضح أن ورشته التي يعتاش هو وأسرته المكونة من تسعة أفراد، تعرضت للقصف من طيران الاحتلال في حرب غزة الأخيرة، والتي دمرتها تدميرًا كليًّا. مختتمًا أنه لا يملك حولًا ولا قوة إلَّا بالله.