تحرك جديد في أسعار الذهب اليوم الجمعة 21 نوفمبر خلال ختام التعاملات    موسكو تستبعد قبول «خطة ترامب» وتؤكد أن التقدم الميداني يمنحها ورقة قوة    جعجع: لبنان يعيش لحظة خطيرة ودموية وكان ممكنًا تفاديها    بنزيما الأعلى تقييما في مباراة الاتحاد والرياض بالدوري السعودي    هالاند يقترب من كسر رقم شيرار قبل مواجهة مانشستر سيتي ونيوكاسل    كونسيساو يشيد بأداء الاتحاد السعودي بعد الفوز على الرياض    أبواب حديدية ومكان معزول، تفاصيل معاينة موقع حادثة هتك عرض أطفال بمدرسة السلام    محمود السيد في «دولة التلاوة»: هدفي الأساسي هو تقديم نموذج مشرف لقارئ القرآن الكريم    رئيس الغرفة التجارية بالقاهرة يدعو الحكومة لمراجعة رسوم الإغراق على البليت لضمان التنافسية وتشغيل المصانع المتعطلة    البلشي يدعو الصحفيين إلى الامتناع عن نشر معلومات حول الأطفال ضحايا الاعتداء بمدرسة العبور    انتخابات مجلس النواب.. إقبال كبير على التصويت في النمسا وتوقعات بزيادة مشاركة المصريين بالخارج    الأهلى يهزم الطيران في الجولة الخامسة عشر بدورى محترفي اليد    أوروبا تتعهد بمنح أفريقيا أكثر من 15 مليار يورو للطاقة النظيفة    الداخلية تكشف ملابسات فيديو اختطاف طالب بالسويس    اضرب بكل قوة.. مصطفى بكري يوجه رسالة حاسمة للرئيس السيسي    عرض أزياء إسلام سعد يجمع نجوم الفن ومى عز الدين تخطف الأنظار فى أول ظهور بعد الزواج    مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي يقيم ندوة الاحتفاء بإصدار يوثق مسيرة جيل من المخرجين    صوته نازل من السما.. برنامج دولة التلاوة يحتفي بالشيخ محمد رفعت    وكيل صحة شمال سيناء يزور وحدة الشلاق بالشيخ زويد لمتابعة الخدمات    أهلي جدة المنقوص يتقدم على القادسية في الشوط الأول    للمرة الثانية في تاريخه.. الجيش الملكي بطلًا لدوري أبطال أفريقيا للسيدات    "السنيورة": لبنان بحاجة إلى قيادات وطنية تحترم التنوع وتعزز الوحدة    تعرف على تشكيل نيس ومارسيليا بالدوري الفرنسي    جعجع: لبنان يعيش لحظة خطيرة والبلاد تقف على مفترق طرق    عالم بالأوقاف: الإمام الحسين هو النور المكتمل بين الإمامة والنبوة    موظف يتهم مدرسًا بالاعتداء على نجله داخل مدرسة ابتدائية في أوسيم    سقوط عصابة تقودها فتاة استدرجت شابًا عبر تطبيق تعارف وسرقته تحت تهديد السلاح بالدقي    أحمد فؤاد سليم يكشف سر استمرار زواجه 50 عاما: الحب هو الأساس والأحفاد فلفل الحياة    بسبب رسامة فتيات كشمامسة.. الأنبا بولس يطلب من البابا تواضروس خلوة بدير العذراء البراموس    إقبال جماهيري كبير على حفل روائع عمار الشريعي بتوقيع الموسيقار هاني فرحات    إقبال كثيف وانتظام لافت للجالية المصرية في الأردن بانتخابات النواب 2025    شوقي علام حول التعاملات البنكية: الفتوى الصحيحة تبدأ بفهم الواقع قبل الحكم    «المال في مواجهة الطموح».. هل يحسم «طوفان اللافتات» مقاعد البرلمان؟    أول تعليق من نادية مصطفى على أزمة ملف الإسكان بنقابة الموسيقيين    رفع 30 طنا من القمامة والمخلفات والأتربة بمدينة ناصر بحى شرق سوهاج    المصري الديمقراطي يطالب خطوات "الوطنية للانتخابات" لمنع تكرار مخالفات المرحلة الأولى    تعرف علي مواقيت الصلاة اليوم الجمعة فى سوهاج    ارتفاع حصيلة ضحايا زلزال بنجلاديش إلى 5 قتلى ونحو 100 مصاب    بالصور.. استعدادات حفل ختام مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته ال46    كيف يؤثر تناول السكر على مرضى السكري وما الكمية المسموح بها؟    «الزراعة» تواصل حملاتها لحماية الثروة الداجنة    انفوجراف| الحصاد الأسبوعي لوزارة الزراعة    جامعة بنها ومؤسسة حياة كريمة ينظمان قافلة بيطرية بمنشاة القناطر    مواصلة الجهود الأمنية لتحقيق الأمن ومواجهة كافة أشكال الخروج على القانون    الحكومة الفرنسية: أطفالنا لن يذهبوا للقتال والموت فى أوكرانيا    السفير المصري بنيوزيلندا: انتخابات النواب تسير بسهولة ويسر    بعد إحالته للجنايات.. تفاصيل 10 أيام تحقيقات مع المتهم بقتل صديقه مهندس الإسكندرية    دعاء يوم الجمعة لأهل غزة بفك الكرب ونزول الرحمة.. اللهم يا فارج الهم ويا كاشف الغم فرّج عن أهل غزة فرجًا عاجلًا    إصابة 3 شباب في حادث مروري بنجع حمادي    وزيرة التخطيط: ملتزمون بتمكين المرأة اقتصاديًا بما يتماشى مع رؤية مصر 2030    زيلينسكي يرفض إقالة أقوى مستشاريه رغم تفاقم فضيحة فساد كبرى    أفضل وقت لقراءة سورة الكهف يوم الجمعة وفضلها العظيم    كهرباء الإسماعيلية مهتم بضم كهربا    رشا عبد العال: النظام الضريبي المتكامل للمشروعات التي لا يتجاوز حجم أعمالها السنوي 20 مليون جنيه    11 قرارًا جمهوريًّا وتكليفات رئاسية حاسمة للحكومة والوطنية للانتخابات ورسائل قوية للمصريين    اسعار الدواجن اليوم الجمعه 21 نوفمبر 2025 فى المنيا    الجالية المصرية بالأردن تدلي بأصواتها في المرحلة الثانية لانتخابات النواب    تحذير جوي بشأن طقس اليوم الجمعة.. خد بالك من الطريق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رفاعة الطهطاوي.. سفير التنوير الأول
نشر في البديل يوم 12 - 12 - 2015

وأنت منحدرٌ بقدميك قاصدا كوبري "قصر النيل" بالقاهرة، تجد يسارك يافطة مكتوب عليها احتفال "المركز القومي للترجمة" بأول مترجم مصري في العصر الحديث، ثم تلتفت تسأل مِن عن يمينك أو عن يسارك هل من أحد يعرف سفير التنوير الأول ورائد الترجمة صاحب باكورة تراجم عصر النهضة، ليأخذك العجب أن لا تجد لك مُجيبًا، وهو العلامة الكبير، أول سفير للتنوير، حامل لواء العلم منذ عصر النهضة إلى يوم الناس، الشيخ الأستاذ رفاعة بك بن رافع الطهطاوي، المنحدر من أقاصي صعيد مصر، فقد ولد في "مدينة طهطا" سنة 1801م وإليها يُنسب فيُقال الطهطاوي، وهي إحدى مدن محافظة سوهاج، ومن عجائب الأقدار أنه ولد في 15 أكتوبر، وهو اليوم الذي رحل فيه الفرنسيين عن مصر، وكأن لذلك دلالة تُعرف فيما بعد.
حطّ الطهطاوي أولّ رِحاله في الجامع الأزهر، وهو ابن ست عشرة سنة حافظا للقرآن والمتون العلمية في المعقول والمنقول التي كانت في أيدي الطلاب وقتئذٍ.
تولّى محمد علي حكم مصر وأراد أن ينفرد بها عن السلطان العثماني في ذلك الوقت؛ لما رأى فيها من التمتع بالخصوصية لم تكن لغيرها من الأقطار، فأراد أن يُجهز جيش ليحمي حماها، ففرض التجنيد الإجباري، وفرض التعليم على الجميع؛ لأنه رأى أنّ النهضة لا تُصنع إلا بالعلم، ولم تكن العلوم الطبيعية، والتكنولوجيا تُعرف لدى طلبة العلم في الشرق العربي بأكمله، فبدأ بإرسال البعثات العلمية، فكانت أول بعثة علمية إلى فرنسا؛ إذ كانت قلعة من قلاع العلم الحديث في ذلك الوقت.
وأشار عليه الشيخ «حسن العطار» شيخ الأزهر بإيفاد أنبغ تلاميذه وأذكاهم؛ وهو رفاعة رافع الطهطاوي؛ ليكون إماما لهم في الصلوات وواعظا في الجُمُعات، فوافق الوالي، خرج ذلك النجيب لتَحُلّ قدمه أرض باريس، حيث الحضارة والمدنية المُتّقدة، فجعل يُدوّن كل ما تراه عينه الثاقبة.
لم يكن إماما للصلوات وحسب بل جاب بعقله، وانفتح بأفقه، ورقى بنفسه، فاختلط مع القوم الذي وجد فيهم من الحسن والإبداع والابتكار ما لم يكن عند غيرهم.
ولا عجب في ذلك فقد اشتد عوده قبل سفره في عمر مُبكّر، بعد أن تعلّم العلوم الأزهرية كلها في وقت قصير، وجلس للتدريس، حتى وصفه خاله -وهو الشيخ فراج الأنصاري أحد العلماء-الذي كان يحضر دروس ابن أخته الصغير مُتخفّيا حين صاح كاشفا عن نفسه "لله درّك يا بن الأخت! لقد بلغت في العلم درجة الأعلام، ونلت مرتبة تقف دون وصفها الأقلام"… وكان وقتها ابن الثانية والعشرين من عمره.
وكانت الدراسة في الأزهر تقتصر على قراءة كتب الدين واللغة وشرحها، وتحشيتها، والتقرير عليها، ولم يكن لعلوم الرياضيات والجغرافيا والأدب مكان في ذلك الوقت، اللهم إلا ما كان من الشيخ حسن الجبرتي الكبير، والد المؤرخ الشهير، فقد كان له اشتغال ببعض الرياضيات حين وفد أحد الباشوات الأتراك المستنيرين، يتباحث في العلوم مع علماء الأزهر فلم يجاريه أحد إلا الجبرتي فقال له الشيخ الشبراوي –شيخ الأزهر- "سترك الله كما سترتنا عند هذا الباشا، فإنه لولا وجودك كنّا عنده حميرًا".
وكان الطهطاوي قبل بعثته يدرس مع شيخه العطار علوما لم تكن تعرفها البيئة الأزهرية ك"الأدب" و"الجغرافيا" و"التاريخ"، وحين وطأت قدمه أرضَ باريس، لم تقنَع نفسه بكونه إماما واعظا فقط، فاستعان بمُعلّم خاص على نفقته؛ لتعليمه اللغة، إلى أن قدّرت إدارة البعثة نشاطه فأسندت إليه أمر الترجمة، فترجم اثني عشر مؤلفا-على ما ذكر هو بتلخيص الإبريز- في التاريخ، والأدب، والطب، والهندسة وغير ذلك.
رجع الطهطاوي رائدا للتنوير وسفيرا له، ومترجما لعلوم وفنون أوروبا في التمدّن والحضارة والعمران والسياسة والاجتماع؛ ليتخطى الشرق العربي بذلك مرحلة التخلف التي صبغتها على عقول الناس أساليب الحكم العثمانية والمملوكية، فكتب الديوان النفيس بإيوان باريس المعروف ب"تلخيص الإبريز إلى تلخيص باريز".
حوى كتاب التلخيص من تعداد العلوم ما يعجز اللسان عن وصفه، فقد اعتنى كاتبه به أشدّ العناية، فتحدّث فيه عن أنواع العلوم والفنون والصنائع التي انفرد بها الأوربيون، وما اشترك بيننا وبينهم، وذكر فيه أحوال أهل بلاد باريس، وعاداتهم في الأكل والشرب والملبس، وذكر التدابير الإدارية التي تقوم عليها مفاصل الدولة من حيث الحكم والقانون، وذكر طرفا من الثورة الفرنسية وما تلاها وحال الشعب بعد إنهاء المَلكية المطلقة وإنشاء الجمهورية، وكلامه عن أهل المشورة، وذكر اعتناء أهل باريس بالعلوم الطبيعية، وأورد شيئا من قوانين الصحّة –الطب- في تلك البلاد.
كما عدّد أنواع العلوم التي قرأها في تلك البلاد على أساتذتها، والقراءة بمُصطلحه-تعني الدراسة على أحد الأساتذة يقرأ التلميذ، ويصحح له الأستاذ العبارة ويوضح له المقصود-فدرس في التاريخ ما اشتمل على سير فلاسفة اليونان وقدماء المصريين والعراقيين وأهل الشام والرومان والهنود، وأخلاق الأمم وعوائدهم، ودرس كذلك في علم الميثولوجيا، وعلم الرياضيات، والطبيعيات، وعلم اللغة بل غاص في علم اللغة الفرنسية، وظلّ يستخرج ما حوت تلك اللغة من أصول وقارنها بما انطوت عليه العربية من بيان وبديع، وذكر أن الشعر غير خاص بالعرب وحدهم بل في جميع اللغات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.