رابط تنسيق الدبلومات الفنية 2025.. مؤشرات كليات ومعاهد دبلوم صناعي 3 سنوات    تشكيل لجنة إعلامية.. «حماة الوطن» يوضح أبرز مخرجات الاجتماع الثاني للقائمة الوطنية بانتخابات «الشيوخ»    الجرام يسجل 3960 جنيهًا.. أسعار الذهب والسبائك اليوم الثلاثاء بالصاغة بعد الانخفاض الجديد    شعبة المخابز تحذر من احتمالية تعطل شبكة صرف الخبز بعد حريق سنترال رمسيس    ترامب يفرض رسومًا جمركية على 14 دولة (تعرف عليها)    ترامب: لا يوجد أي عوائق للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة    «لجنة التخطيط بالزمالك رفضته».. عبد الواحد السيد يكشف مفاجأة بشأن صفقة الأهلي الجديدة    كل ما يخص مباراة تشيلسي ضد فلومينينسي في كأس العالم للأندية    هشام يكن : رحيل ميدو عن الزمالك ليس بسبب جون إدوارد    وصول وزير الاتصالات إلى موقع حريق سنترال رمسيس لمتابعة جهود السيطرة على النيران    بعد حريق سنترال رمسيس.. «إسعاف المنوفية» ينشر أرقام الهواتف الأرضية والمحمولة البديلة ل 123    «غفران» تكشف التفاصيل.. كيف استعدت سلوى محمد على لدور أم مسعد ب«فات الميعاد»؟    تصريحات عاجلة لترامب.. وتفاصيل مهمة عن قتل 5 جنود إسرائيليين فى غزة (فيديو)    نتنياهو: إيران كانت تدير سوريا والآن هناك فرصة لتحقيق الاستقرار والسلام    5 وظائف جديدة في البنك المركزي .. التفاصيل والشروط وآخر موعد ورابط التقديم    البيت الأبيض: مجموعة بريكس تسعى إلى تقويض المصالح الأمريكية    التعليم العالي يوافق على إنشاء جامعة العريش التكنولوجية.. التفاصيل الكاملة    التداول بالبورصة المصرية من القرية الذكية اليوم    استمرار عمليات التبريد والسيطرة على حريق سنترال رمسيس بعد ظهور النيران    حسام أشرف لاعب الزمالك ينتقل إلى سموحة لمدة موسم واحد على سبيل الإعارة    وزير العمل: صرف نحو 23 مليون جنيه كتعويضات للعمالة غير المنتظمة في 2024    اتحاد بنوك مصر: البنوك ستعمل بشكل طبيعي اليوم الثلاثاء رغم التأثر بحريق سنترال رمسيس    سعر الفراخ البيضاء والساسو وكرتونة البيض الأبيض والأحمر بالأسواق اليوم الثلاثاء 8 يوليو 2025    استشهاد 16 فلسطينيا في غارات الاحتلال على النصيرات وغزة    أرقام لويس دياز مع ليفربول بعد صراع برشلونة وبايرن ميونخ لضمه    الجهاز الفني لمنتخب مصر تحت 16 سنة يُقيم أداء 36 محترفًا    «درجة تانية».. سيف زاهر يكشف رحيل نجم الزمالك للدوري السعودي    سنرددها ألف مرة.. المفتي: «المسجد الأقصى حقٌّ إسلاميٌّ خالص لا يقبل القسمة ولا المساومة»    قوات الاحتلال تضرم النيران في منزل داخل مخيم نور شمس شرق طولكرم    جهاز الاتصالات: متابعة استعادة تشغيل خدمات الاتصالات تدريجيا بعد السيطرة على حريق سنترال رمسيس..    في حريق سنترال رمسيس.. وجميع الحالات مستقرة    لقطات جديدة ترصد آخر تطورات محاولات إطفاء حريق سنترال رمسيس (صور)    احذروا الشبورة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم الثلاثاء 8 يوليو 2025    مصدر حكومي: إنستا باي يعمل بكفاءة.. وتأثر بعض خدمات البنوك بسبب حريق سنترال رمسيس    إصابة شقيقين فى حادث تصادم جرار زراعى وسيارة ملاكى بالغربية    على خلفية حريق سنترال رمسيس.. غرفة عمليات ب «صحة قنا» لمتابعة تداعيات انقطاع شبكات الاتصالات    انطلاق فعاليات معرض مكتبة الإسكندرية الدولي للكتاب في دورته ال 20.. المعرض بمشاركة 79 دار نشر مصرية وعربية.. 215 فعالية ثقافية على هامش المهرجان ل 800 محضر.. خصومات تصل إلى 30%.. فيديو وصور    تساؤلات داخلية وخوف من الوحدة.. توقعات برج الحمل اليوم 8 يوليو    بعض التحديات في الأمور المادية والمهنية.. حظ برج الجدي اليوم 8 يوليو    جمال عبد الحميد: دخلت السينما وسط تهافت المنتجين.. واعتزلت فجأة بعد خطبة جمعة    عماد الدين حسين: العلاقات المصرية الصومالية تاريخية وجرى ترفيعها لآفاق الشراكة الاستراتيجية    عمرو أديب عن أزمة مها الصغير: سرقة غبية.. ومش عاوز حد يبررلها اللي حصل    أهم طرق علاج دوالي الساقين في المنزل    الدكتورة لمياء عبد القادر مديرًا لمستشفى 6 أكتوبر المركزي (تفاصيل)    لعلاج الألم وتخفيف الالتهاب.. أهم الأطعمة المفيدة لمرضى التهاب المفاصل    عاجل- المصرية للاتصالات تخرج عن صمتها: حريق سنترال رمسيس فصل الخدمة عن الملايين.. وقطع الكهرباء كان ضروريًا    السعيد غنيم : مشاركتنا في القائمة الوطنية تأكيد على دعم الدولة ومؤسساتها الدستورية    رتوش أخيرة تفصل الزمالك عن ضم مهاجم فاركو وحارس الاتحاد    أطعمة قدميها لأسرتك لحمايتهم من الجفاف في الصيف    مدارس البترول 2025.. الشروط والأوراق المطلوبة للتقديم    انطلاق مهرجان جرش 23 يوليو بمشاركة كبيرة لنجوم الغناء    رئيس جامعة المنوفية يكرم أساتذة وأوائل الدفعة السادسة بكلية علوم الرياضة    وفقا للحسابات الفلكية.. تعرف على موعد المولد النبوي الشريف    نجاح إجراء جراحة معقدة لإصلاح تشوه نادر بالعمود الفقري لطفلة 12عاما بزايد التخصصي    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : الفساد صناعة ?!    (( أصل السياسة))… بقلم : د / عمر عبد الجواد عبد العزيز    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : حالة شكر.""؟!    نشرة التوك شو| الحكومة تعلق على نظام البكالوريا وخبير يكشف أسباب الأمطار المفاجئة صيفًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رفاعة الطهطاوي.. سفير التنوير الأول
نشر في البديل يوم 12 - 12 - 2015

وأنت منحدرٌ بقدميك قاصدا كوبري "قصر النيل" بالقاهرة، تجد يسارك يافطة مكتوب عليها احتفال "المركز القومي للترجمة" بأول مترجم مصري في العصر الحديث، ثم تلتفت تسأل مِن عن يمينك أو عن يسارك هل من أحد يعرف سفير التنوير الأول ورائد الترجمة صاحب باكورة تراجم عصر النهضة، ليأخذك العجب أن لا تجد لك مُجيبًا، وهو العلامة الكبير، أول سفير للتنوير، حامل لواء العلم منذ عصر النهضة إلى يوم الناس، الشيخ الأستاذ رفاعة بك بن رافع الطهطاوي، المنحدر من أقاصي صعيد مصر، فقد ولد في "مدينة طهطا" سنة 1801م وإليها يُنسب فيُقال الطهطاوي، وهي إحدى مدن محافظة سوهاج، ومن عجائب الأقدار أنه ولد في 15 أكتوبر، وهو اليوم الذي رحل فيه الفرنسيين عن مصر، وكأن لذلك دلالة تُعرف فيما بعد.
حطّ الطهطاوي أولّ رِحاله في الجامع الأزهر، وهو ابن ست عشرة سنة حافظا للقرآن والمتون العلمية في المعقول والمنقول التي كانت في أيدي الطلاب وقتئذٍ.
تولّى محمد علي حكم مصر وأراد أن ينفرد بها عن السلطان العثماني في ذلك الوقت؛ لما رأى فيها من التمتع بالخصوصية لم تكن لغيرها من الأقطار، فأراد أن يُجهز جيش ليحمي حماها، ففرض التجنيد الإجباري، وفرض التعليم على الجميع؛ لأنه رأى أنّ النهضة لا تُصنع إلا بالعلم، ولم تكن العلوم الطبيعية، والتكنولوجيا تُعرف لدى طلبة العلم في الشرق العربي بأكمله، فبدأ بإرسال البعثات العلمية، فكانت أول بعثة علمية إلى فرنسا؛ إذ كانت قلعة من قلاع العلم الحديث في ذلك الوقت.
وأشار عليه الشيخ «حسن العطار» شيخ الأزهر بإيفاد أنبغ تلاميذه وأذكاهم؛ وهو رفاعة رافع الطهطاوي؛ ليكون إماما لهم في الصلوات وواعظا في الجُمُعات، فوافق الوالي، خرج ذلك النجيب لتَحُلّ قدمه أرض باريس، حيث الحضارة والمدنية المُتّقدة، فجعل يُدوّن كل ما تراه عينه الثاقبة.
لم يكن إماما للصلوات وحسب بل جاب بعقله، وانفتح بأفقه، ورقى بنفسه، فاختلط مع القوم الذي وجد فيهم من الحسن والإبداع والابتكار ما لم يكن عند غيرهم.
ولا عجب في ذلك فقد اشتد عوده قبل سفره في عمر مُبكّر، بعد أن تعلّم العلوم الأزهرية كلها في وقت قصير، وجلس للتدريس، حتى وصفه خاله -وهو الشيخ فراج الأنصاري أحد العلماء-الذي كان يحضر دروس ابن أخته الصغير مُتخفّيا حين صاح كاشفا عن نفسه "لله درّك يا بن الأخت! لقد بلغت في العلم درجة الأعلام، ونلت مرتبة تقف دون وصفها الأقلام"… وكان وقتها ابن الثانية والعشرين من عمره.
وكانت الدراسة في الأزهر تقتصر على قراءة كتب الدين واللغة وشرحها، وتحشيتها، والتقرير عليها، ولم يكن لعلوم الرياضيات والجغرافيا والأدب مكان في ذلك الوقت، اللهم إلا ما كان من الشيخ حسن الجبرتي الكبير، والد المؤرخ الشهير، فقد كان له اشتغال ببعض الرياضيات حين وفد أحد الباشوات الأتراك المستنيرين، يتباحث في العلوم مع علماء الأزهر فلم يجاريه أحد إلا الجبرتي فقال له الشيخ الشبراوي –شيخ الأزهر- "سترك الله كما سترتنا عند هذا الباشا، فإنه لولا وجودك كنّا عنده حميرًا".
وكان الطهطاوي قبل بعثته يدرس مع شيخه العطار علوما لم تكن تعرفها البيئة الأزهرية ك"الأدب" و"الجغرافيا" و"التاريخ"، وحين وطأت قدمه أرضَ باريس، لم تقنَع نفسه بكونه إماما واعظا فقط، فاستعان بمُعلّم خاص على نفقته؛ لتعليمه اللغة، إلى أن قدّرت إدارة البعثة نشاطه فأسندت إليه أمر الترجمة، فترجم اثني عشر مؤلفا-على ما ذكر هو بتلخيص الإبريز- في التاريخ، والأدب، والطب، والهندسة وغير ذلك.
رجع الطهطاوي رائدا للتنوير وسفيرا له، ومترجما لعلوم وفنون أوروبا في التمدّن والحضارة والعمران والسياسة والاجتماع؛ ليتخطى الشرق العربي بذلك مرحلة التخلف التي صبغتها على عقول الناس أساليب الحكم العثمانية والمملوكية، فكتب الديوان النفيس بإيوان باريس المعروف ب"تلخيص الإبريز إلى تلخيص باريز".
حوى كتاب التلخيص من تعداد العلوم ما يعجز اللسان عن وصفه، فقد اعتنى كاتبه به أشدّ العناية، فتحدّث فيه عن أنواع العلوم والفنون والصنائع التي انفرد بها الأوربيون، وما اشترك بيننا وبينهم، وذكر فيه أحوال أهل بلاد باريس، وعاداتهم في الأكل والشرب والملبس، وذكر التدابير الإدارية التي تقوم عليها مفاصل الدولة من حيث الحكم والقانون، وذكر طرفا من الثورة الفرنسية وما تلاها وحال الشعب بعد إنهاء المَلكية المطلقة وإنشاء الجمهورية، وكلامه عن أهل المشورة، وذكر اعتناء أهل باريس بالعلوم الطبيعية، وأورد شيئا من قوانين الصحّة –الطب- في تلك البلاد.
كما عدّد أنواع العلوم التي قرأها في تلك البلاد على أساتذتها، والقراءة بمُصطلحه-تعني الدراسة على أحد الأساتذة يقرأ التلميذ، ويصحح له الأستاذ العبارة ويوضح له المقصود-فدرس في التاريخ ما اشتمل على سير فلاسفة اليونان وقدماء المصريين والعراقيين وأهل الشام والرومان والهنود، وأخلاق الأمم وعوائدهم، ودرس كذلك في علم الميثولوجيا، وعلم الرياضيات، والطبيعيات، وعلم اللغة بل غاص في علم اللغة الفرنسية، وظلّ يستخرج ما حوت تلك اللغة من أصول وقارنها بما انطوت عليه العربية من بيان وبديع، وذكر أن الشعر غير خاص بالعرب وحدهم بل في جميع اللغات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.