كهربا يقود الاتحاد الليبي للفوز على الترسانة بثلاثية    صالح موسي: هذه نصيحتي للاعبي الزمالك قبل مواجهة مودرن سبورت.. وهذا ما يعاني منه الفريق    منتخب فلسطين يستدعى نجم الإسماعيلي استعدادا لمباراتي الأردن والعراق    وزير خارجية الأردن: مواقفنا ودول الخليج إزاء القضايا الإقليمية واحدة    ترامب: الولايات المتحدة أجرت مناقشات مع حماس    مصطفى بكري: الجيش السوداني اقترب من ساعة الحسم    نتنياهو يصدق على توصية لتقليل أعداد المصلين فى المسجد الأقصى أيام الجمعة    ترامب يرد على ماكرون بعد عرض الأخير توفير مظلة نووية فرنسية لأوروبا    بيان من مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية بعد قائمة ترامب السوداء لدول يحظر دخول مواطنيها    مدفوعة الأجر.. عدد أيام إجازة عيد الفطر المبارك 2025 للموظفين أول أيامه فلكيًا (تفاصيل)    لتعزيز التكامل.. تفاصيل لقاء وزير البترول ب أعضاء مجلسي النواب والشيوخ    تقارير إعلامية: آليات عسكرية تركية تدخل سوريا عبر معبر باب الهوى    إنفانتينو يعتذر للأهلي عن عدم حضور احتفالية جولة كأس العالم للأندية    بقيادة كهربا.. الاتحاد يهزم الترسانة في الدوري الليبي    أوباميانج: قدمنا مباراة جيدة وكنا قريبين من إسقاط الاتحاد    الأرصاد تكشف موعد تحسن حالة الطقس    ثلوج وأمطار غزيرة تضرب شوارع وميادين الإسكندرية فجرا (فيديو وصور)    مصرع شاب صدمه سائق ميكروباص أثناء توزيعه وجبات إفطار على المسافرين في قها    السيطرة على حريق فى ورشة قطع غيار ومحل بقالة بمدينة إسنا.. صور    مصرع عامل سقط أثناء استقلاله مصعد عقار فى إمبابة    مسلسل الكابتن الحلقة 7.. حسام وسما وكريم يحاولون تحقيق مطلب روح عاطف "شبه المستحيل".. ويتعرضون لمواقف محرجة.. روح عم بانى ب"تكراش" على تيتة إصرار.. عاطف المغفل يعجب برانيا وهى ترفض زواج الصالونات    مسلسل فهد البطل الحلقة 6.. والد كناريا يخدرها لقتلها بهدف فتح المقبرة    مسلسل الشرنقة الحلقة 8.. أحمد داوود يتعرض للصدمة بعد رؤيته لزوجه فى المتجر.. ومريم الخشت تكشف له حقيقة كوابيسه.. والأجهزة الأمنية تحاول محاصرة مخدر "الفنتانيل" وتسعى للقبض على سارة أبى كنعان    «سيد الناس» الحلقة 6 | ريم مصطفى تكشف ماضي أحمد فهيم لزوجته    جدل بسبب توقيت أذان الفجر في المنوفية وتنبيه عاجل من الأوقاف للمساجد    بدأت ب ماجد المصري.. مي عمر تنفذ خطة انتقامها في الحلقة 6 من «إش إش»    «لا أمان لأي مان».. ياسمين عبدالعزيز تعلق على خيانتها في «وتقابل حبيب»    آلاف المصلين يؤدون العشاء والتراويح بالجامع الأزهر    زكاة الفطر 2025 .. قيمتها وشروطها وأشخاص لا تجب عليهم    يساعد على الشبع.. الصحة تنصح المواطنين بتناول الفول    «رمضان» في عز البرد.. طبق الشوربة يتفوق على كوب العصير    «لو بتخسي في رمضان غصب عنك».. إليك حيل ذكية للحفاظ على قوامك دون عناء    أسعار الذهب اليوم في المملكة العربية السعودية وعيار 21 الآن الجمعة 7 مارس 2025    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على تراجع    موعد أذان فجر الجمعة 6 من رمضان 2025.. الإمساكية ودعاء السحور    القادسية أحدث الضحايا.. الاتحاد ملك ال"+90" في الدوري السعودي    الحوامدية وكرداسة.. شروط التقديم لوظيفة معلم لغة عربية في 9 إدارات بالجيزة    كندا تؤجل الموجة الثانية من الرسوم الجمركية على المنتجات الأمريكية حتى أبريل    حمزة الجمل مديرًا فنيًا لنادي إنبي.. وأحمد فتحي مساعدًا    كيف تتناول سحورًا يحفظ لك صيامك؟    دياب يستعيد ذكريات والده في "قلبي ومفتاحه": 'مع أبويا الحاج.. الله يرحمه'    رئيس جامعة الأقصر تهنئ وزير التعليم العالي بمناسبة العيد الماسي ل«الأعلى للجامعات»    «سوهاج الأزهرية» تحتفل بذكرى مرور 1085 على تأسيس الجامع الأزهر    بالأسماء| جامعة الأقصر تعلن نتيجة مسابقة الطلاب المثاليين.. صور    أسعار الفراخ البيضاء وكرتونة البيض في الأسواق اليوم الجمعة 7 مارس 2025    محافظ الإسكندرية يرفع درجة الاستعداد بجميع الأحياء لضمان الانتهاء من أعمال الصيانة    ضبط شخصين بتهمة سرقة أجهزة من داخل شركة بالقاهرة    استعادتها في 6 ساعات.. مباحث قلين في كفر الشيخ تنجح في العثور على طفلة مبلغ بتغيبها    بعد تحذيرات الأرصاد للسائقين غدًا.. 9 نصائح هامة «حفاظاً على حياتك» من الشبورة الصباحية    استشارية أسرية: قائمة المنقولات الزوجية أصلها يهودي وتعود لعام 1160 ميلادي    دعاء ليلة رمضان السابعة بالقرآن الكريم    بعد ارتفاعه رسميًا.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الجمعة 7 مارس 2025    مصر للطيران تواصل اجتماعاتها في بورصة برلين للسياحة والسفر ITB    5 آلاف وجبة إفطار| التحالف الوطني يقيم أكبر مائدة رمضانية في الجيزة    موعد أذان المغرب غدًا في محافظة المنوفية.. إمساكية شهر رمضان 2025    إنقاذ حياة سيدة في المجمع الطبي بالإسماعيلية بإستئصال ورم أذيني    عدد أيام إجازة عيد الفطر المبارك 2025 في الحكومة والقطاع الخاص    القضاء الإداري يلزم وزارة الصحة ونقابة الصيادلة بقيد خريج من دولة روسيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رفاعة الطهطاوي.. سفير التنوير الأول
نشر في البديل يوم 12 - 12 - 2015

وأنت منحدرٌ بقدميك قاصدا كوبري "قصر النيل" بالقاهرة، تجد يسارك يافطة مكتوب عليها احتفال "المركز القومي للترجمة" بأول مترجم مصري في العصر الحديث، ثم تلتفت تسأل مِن عن يمينك أو عن يسارك هل من أحد يعرف سفير التنوير الأول ورائد الترجمة صاحب باكورة تراجم عصر النهضة، ليأخذك العجب أن لا تجد لك مُجيبًا، وهو العلامة الكبير، أول سفير للتنوير، حامل لواء العلم منذ عصر النهضة إلى يوم الناس، الشيخ الأستاذ رفاعة بك بن رافع الطهطاوي، المنحدر من أقاصي صعيد مصر، فقد ولد في "مدينة طهطا" سنة 1801م وإليها يُنسب فيُقال الطهطاوي، وهي إحدى مدن محافظة سوهاج، ومن عجائب الأقدار أنه ولد في 15 أكتوبر، وهو اليوم الذي رحل فيه الفرنسيين عن مصر، وكأن لذلك دلالة تُعرف فيما بعد.
حطّ الطهطاوي أولّ رِحاله في الجامع الأزهر، وهو ابن ست عشرة سنة حافظا للقرآن والمتون العلمية في المعقول والمنقول التي كانت في أيدي الطلاب وقتئذٍ.
تولّى محمد علي حكم مصر وأراد أن ينفرد بها عن السلطان العثماني في ذلك الوقت؛ لما رأى فيها من التمتع بالخصوصية لم تكن لغيرها من الأقطار، فأراد أن يُجهز جيش ليحمي حماها، ففرض التجنيد الإجباري، وفرض التعليم على الجميع؛ لأنه رأى أنّ النهضة لا تُصنع إلا بالعلم، ولم تكن العلوم الطبيعية، والتكنولوجيا تُعرف لدى طلبة العلم في الشرق العربي بأكمله، فبدأ بإرسال البعثات العلمية، فكانت أول بعثة علمية إلى فرنسا؛ إذ كانت قلعة من قلاع العلم الحديث في ذلك الوقت.
وأشار عليه الشيخ «حسن العطار» شيخ الأزهر بإيفاد أنبغ تلاميذه وأذكاهم؛ وهو رفاعة رافع الطهطاوي؛ ليكون إماما لهم في الصلوات وواعظا في الجُمُعات، فوافق الوالي، خرج ذلك النجيب لتَحُلّ قدمه أرض باريس، حيث الحضارة والمدنية المُتّقدة، فجعل يُدوّن كل ما تراه عينه الثاقبة.
لم يكن إماما للصلوات وحسب بل جاب بعقله، وانفتح بأفقه، ورقى بنفسه، فاختلط مع القوم الذي وجد فيهم من الحسن والإبداع والابتكار ما لم يكن عند غيرهم.
ولا عجب في ذلك فقد اشتد عوده قبل سفره في عمر مُبكّر، بعد أن تعلّم العلوم الأزهرية كلها في وقت قصير، وجلس للتدريس، حتى وصفه خاله -وهو الشيخ فراج الأنصاري أحد العلماء-الذي كان يحضر دروس ابن أخته الصغير مُتخفّيا حين صاح كاشفا عن نفسه "لله درّك يا بن الأخت! لقد بلغت في العلم درجة الأعلام، ونلت مرتبة تقف دون وصفها الأقلام"… وكان وقتها ابن الثانية والعشرين من عمره.
وكانت الدراسة في الأزهر تقتصر على قراءة كتب الدين واللغة وشرحها، وتحشيتها، والتقرير عليها، ولم يكن لعلوم الرياضيات والجغرافيا والأدب مكان في ذلك الوقت، اللهم إلا ما كان من الشيخ حسن الجبرتي الكبير، والد المؤرخ الشهير، فقد كان له اشتغال ببعض الرياضيات حين وفد أحد الباشوات الأتراك المستنيرين، يتباحث في العلوم مع علماء الأزهر فلم يجاريه أحد إلا الجبرتي فقال له الشيخ الشبراوي –شيخ الأزهر- "سترك الله كما سترتنا عند هذا الباشا، فإنه لولا وجودك كنّا عنده حميرًا".
وكان الطهطاوي قبل بعثته يدرس مع شيخه العطار علوما لم تكن تعرفها البيئة الأزهرية ك"الأدب" و"الجغرافيا" و"التاريخ"، وحين وطأت قدمه أرضَ باريس، لم تقنَع نفسه بكونه إماما واعظا فقط، فاستعان بمُعلّم خاص على نفقته؛ لتعليمه اللغة، إلى أن قدّرت إدارة البعثة نشاطه فأسندت إليه أمر الترجمة، فترجم اثني عشر مؤلفا-على ما ذكر هو بتلخيص الإبريز- في التاريخ، والأدب، والطب، والهندسة وغير ذلك.
رجع الطهطاوي رائدا للتنوير وسفيرا له، ومترجما لعلوم وفنون أوروبا في التمدّن والحضارة والعمران والسياسة والاجتماع؛ ليتخطى الشرق العربي بذلك مرحلة التخلف التي صبغتها على عقول الناس أساليب الحكم العثمانية والمملوكية، فكتب الديوان النفيس بإيوان باريس المعروف ب"تلخيص الإبريز إلى تلخيص باريز".
حوى كتاب التلخيص من تعداد العلوم ما يعجز اللسان عن وصفه، فقد اعتنى كاتبه به أشدّ العناية، فتحدّث فيه عن أنواع العلوم والفنون والصنائع التي انفرد بها الأوربيون، وما اشترك بيننا وبينهم، وذكر فيه أحوال أهل بلاد باريس، وعاداتهم في الأكل والشرب والملبس، وذكر التدابير الإدارية التي تقوم عليها مفاصل الدولة من حيث الحكم والقانون، وذكر طرفا من الثورة الفرنسية وما تلاها وحال الشعب بعد إنهاء المَلكية المطلقة وإنشاء الجمهورية، وكلامه عن أهل المشورة، وذكر اعتناء أهل باريس بالعلوم الطبيعية، وأورد شيئا من قوانين الصحّة –الطب- في تلك البلاد.
كما عدّد أنواع العلوم التي قرأها في تلك البلاد على أساتذتها، والقراءة بمُصطلحه-تعني الدراسة على أحد الأساتذة يقرأ التلميذ، ويصحح له الأستاذ العبارة ويوضح له المقصود-فدرس في التاريخ ما اشتمل على سير فلاسفة اليونان وقدماء المصريين والعراقيين وأهل الشام والرومان والهنود، وأخلاق الأمم وعوائدهم، ودرس كذلك في علم الميثولوجيا، وعلم الرياضيات، والطبيعيات، وعلم اللغة بل غاص في علم اللغة الفرنسية، وظلّ يستخرج ما حوت تلك اللغة من أصول وقارنها بما انطوت عليه العربية من بيان وبديع، وذكر أن الشعر غير خاص بالعرب وحدهم بل في جميع اللغات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.