في تطور جديد تشهده فنزويلا، استطاعت المعارضة أن تفوز بغالبية مقاعد البرلمان، بحسب ما أعلنت رئيسة اللجنة الانتخابية التي أكدت حصول تحالف "إتحاد المائدة المستديرة الديمقراطي" على 99 مقعداً من 167 مقعداً، مقابل 46 مقعداً للحزب الاشتراكي الموحد الذي يقوده الرئيس نيكولاس مادورو. وأضافت رئيسة اللجنة الانتخابية تيبيساي لوسينا إن نسبة المشاركة في الانتخابات بلغت 74،2 %، وهنأ الشعب الفنزويلي على الروح الديموقراطية التي أبداها خلال الانتخابات، بدوره اعترف الرئيس نيكولاس مادورو بالنتائج، واعتبر أن من ربح اليوم ليست المعارضة، وإنما المعادون للثورة. وأضاف أن الحرب الاقتصادية ضد فنزويلا والاستراتيجية التي تهدف إلى تغيير نظامها هي التي ربحت حتى الآن، وقال مادورو للذين صوتوا للمعارضة إنه آن الأوان لوقف الحرب الاقتصادية، وشدد الرئيس الفنزويلي على أن فوز المعارضة في الانتخابات تم بفضل النظام الانتخابي الذي وضعه الرئيس الراحل هوجو تشافير، والذي يمثل مادورو امتداداً له، وأن في ذلك دليل على ديموقراطية الانتخابات التي أشرف عليها. ورأى مادورو أن واجب الثورة هو تحرير البلاد من الحرب الاقتصادية التي تشن ضدها، داعياً القوى الثورية إلى التوحد، ولم تشهد العملية الانتخابية الأحد أية أحداث تعكر صفوها، باستثناء بعض الحوادث غير المؤثرة، بحسب ما أدلى وزير الدفاع فلاديمير لوبيز عند إدلائه بصوته في العاصمة كاراكاس. ولم يخرق هدوء العملية الانتخابية سوى تصريح حاد للقيادي المعارض إنريكي كابريليس الذي هاجم الرئيس مادورو وحذره من فقدان صوابه حال فوز المعارضة، في وقت كان تعهد فيه مادورو باحترام النتيجة التي يفرزها صندوق الإقتراع. وكان شارك في الإشراف على سير العملية الانتخابية عشرات المراقبين الدوليين، جاء عدد منهم بناء على دعوة من المعارضة الفنزويلية، والمراقب الإسباني خافيير كوسو أكد عدم وجود أية إشارات تدل على سعي الحكومة للتلاعب في العملية الانتخابية. يعد الملف الاقتصادي التحدي الأبرز الذي تواجهه البلاد بعد أن كانت في الماضي تعد إحدى الدول الأكثر ازدهاراً في أميركا اللاتينية، قبل أن ينهار اقتصادها مع تراجع أسعار النفط، الذي يعدّ ثروتها الوحيدة تقريباً، فقد بلغ سعر برميل النفط الخام الفنزويلي عشية الانتخابات 34.05 دولاراً للبرميل الواحد، وهو أدنى مستوى منذ سبعة أعوام، فضلاً عن الضغوط الأمريكية على الاقتصاد الفنزويلي. ودائمًا ما يتهم الرئيس الفنزويلي أمريكا أنها وراء الحرب الاقتصادية على بلاده بدافع تغيير سياسات فنزويلا المتحررة، لتصبح تابعة لأمريكا، وقال الرئيس الفنزويلي في وقت سابق من هذا العام إن بلاده تعاني من عواقب الحرب الاقتصادية التي شنها الرئيس الأمريكي باراك أوباما لتدمير منظمة أوبك، وقال: إنها خطة لمدة عامين للتأثير على أسعار السلع والعديد من الاقتصادات النامية، الولاياتالمتحدة تسعى لفرض عالم أحادي القطب تتحكم فيه واشنطن، وهذا ضرب من الجنون. وتملك فنزويلا أكبر احتياطيات نفطية مؤكدة في العالم، ويعتمد اقتصادها اعتمادا كبيرا على صادرات النفط، وترى المعارضة الفنزويلية أن السياسات الاشتراكية لمادورو وسلفه الراحل، هوجو تشافيز، هي السبب الرئيسي وراء نقص العديد من المواد الغذائية الأساسية، مثل زيت الذرة والحليب، ومعاناة البلاد من أزمة اقتصادية طاحنة. يشكل فوز المعارضة ضربة قوية للثورة الاشتراكية التي بدأت قبل 17 عاما بقيادة الراحل هوجو تشافيز، الذي كان له مفعول السحر في التعبير عن طموحات قطاع عريض من الجماهير ظلت مغيبة عن المشهد السياسي بالبلاد، كما أن من شأن هذه النتائج أن تمثل انتكاسة لليسار بأمريكا اللاتينية الذي يحظى بنحو 100 مقعد في المجلس السابق.