من جديد كشفت أمريكا عن وجهها العنصري الذي طالما حاولت التكتم عليه بالحديث عن الديمقراطية والحرية، فعلى الرغم من مرور أكثر من 55 عامًا على صدور قانون يلغي الفصل العنصري، ومع تزايد حديث الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" عن الدولة الديمقراطية النابذة للعنصرية والتطرف، تطفو من جديد الأعمال العنصرية على الساحة الأمريكية مُخلفة وراءها العديد من الاحتجاجات والتظاهرات المنددة بالعنصرية. أظهرت لقطات فيديو الثلاثاء الماضي، حقيقة مقتل الشاب المراهق الأسود "لاكان ماكدونالد" على يد ضابط شرطة في شيكاغو، أكتوبر عام 2014، حيث قام الشرطي الأبيض "جيسون فان دايك" بإطلاق النار على الشاب البالغ من العمر 17 عامًا، وتم توجيه تهمة القتل إليه في اليوم نفسه. بينت لقطات الفيديو التي نُشرت، "جيسون فان دايك" الذي يواجه اتهامات بالقتل من الدرجة الأولى، وهو يطلق النار أول مرة على الشاب الذي كان يمشي بعيدًا عنه، وفيما كان "ماكدونالد" يسقط على الأرض قام الشرطي بإفراغ مخزن المسدس بأكمله في جسم الشاب الأسود، حيث أصيب "ماكدونالد" ب16 طلقة، وفقا لما نقله مكتب الطب الشرعي في مقاطعة كوك، وكان الشرطي حينها يستجيب لبلاغ حول سارق سيارة كان عثر عليها في المنطقة. الفيديو أثار استياء وغضب الكثيرين في مدينة "شيكاغو"، وعلى إثره خرجت احتجاجات عارمة في المدينة وجميع أنحاء الولاياتالمتحدة، حيث اتهم المشاركين في الاحتجاجات الشرطة الأمريكية بالمعاملة الوحشية والتمييز العنصري، واعتبار عدم مساءلة رجال الشرطة مواصلة لخرق تطبيق القانون في البلاد. من جانبه، أعرب الرئيس الأمريكي "باراك أوباما"، عن "صدمته العميقة" من شريط الفيديو وكتب "أوباما" على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، "مثل العديد من الأمريكيين، صدمت بعمق من الصور التي تظهر كيف قتل "لاكوان ماكدونالد"، وشكر الرئيس الأمريكي السكان على التظاهر "سلميًا". قضية مقتل الشاب الأسود "ماكدونالد" كانت أثارت احتجاجات عارمة في شيكاغو على مدى السنة الماضية وأودت بضابط الشرطة وراء القضبان بتهمة القتل عمدًا، إلا أن نشر فيديو الحادث لأول مرة للعامة دفع إلى تجدد المظاهرات والاحتجاجات. قالت تقارير المحكمة الأمريكية إن الملابسات التي أدت إلى إطلاق النار بدأت في 20 أكتوبر عام 2014 وبالتحديد الساعة 9:47، عندما صرح مُخبر للشرطة عن وجود رجل كان يقتحم الشاحنات لسرقة أجهزة الراديو في موقف للسيارات، مسلحًا بسكين في جيبه، كما ذكرت التقارير أن هناك شيئا واحدا لا يظهره الفيديو وهو مهاجمة ماكدونالد أو تقدمه نحو الضابط. كانت معاناة السود في المجتمع الأمريكي اختفت رسميًا، مع إعلان الرئيس الأمريكي "إبراهام لينكولن" قانون "تحرير العبيد" عام 1862، وفي عام 1964، أعلن الزعيم الأمريكي من أصل إفريقي "مارتن لوثر كينغ"، بداية حملة ضد التفرقة العنصرية، بتأسيسه زعامة المسيحية الجنوبية، وهي حركة هدفت إلى الحصول على الحقوق المدنية للزنوج الأمريكيين، لكنه اغتيل في 4 أبريل عام 1968. محاولات "لينكولن" و"لوثر كينغ" باءت بالفشل، حيث أثبتت الأحداث التي وقعت خلال السنوات القليلة الماضية أن العنصرية الأمريكية لم تختف بل أنها تضرب بجذورها في الأراضي الأمريكية، وهو ما ظهر جليًا في ولايات "ميزوري" و"نيويورك" و"فلوريدا" و"لويزيانا" مؤخرًا، عبر حوادث قتل واضطهاد لأكبر الأقليات العرقية في الولاياتالمتحدة. حادث مقتل "ماكدونالد" أعاد إلى أذهان الأمريكيين الحوادث الأخرى المماثلة والمرتبطة بعنصرية رجال الشرطة البيض ضد السود، ففي عام 2012، أطلق رجل شرطة أبيض في ولاية فلوريدا النار على شاب أسود يبلغ من العمر 17 عامًا، بينما كان في طريق العودة إلى منزله بعد شراء حلوى، وذلك في نفس توقيت استعداد "أوباما"، لتولي فترة رئاسية ثانية، وفي أغسطس 2014، قتل رجل شرطة أمريكي أبيض، مراهق أسود يدعى "مايكل براون" في مدينة فيرجسون بولاية ميزوري، مما تسبب في موجة غضب عارمة واحتجاجات واسعة ضد العنصرية في الولاياتالمتحدة، خاصة بعد أن برأ القضاء الأمريكي الشرطي المدان بالقتل، وفي ابريل الماضي توفي الشاب "فريدي غراي" البالغ من العمر 25 عامًا من أصول إفريقية، متأثرا بكسور أصيب بها في فقرات الظهر أثناء اعتقاله من قبل الشرطة الأمريكية في بالتيمور بولاية ميريلاند الأمريكية، وفي ديسمبر 2014، قتل شرطي أبيض رجلا أسود أعزل في ولاية اريزونا يدعى "رومين بريزبون" ويبلغ من العمر 34 عامًا للاشتباه باتجاره بالمخدرات.