منذ تدخل روسيا في سوريا بشكل مباشر، وقطعت الطريق على الدول المعادية لدمشق والتي كانت تراهن على التنظيمات الإرهابية في تنفيذ مخططاتها الرامية إلى إسقاط وتدمير سوريا، وبعد أن اشتدت العمليات الروسية التي تبعها انتصارات للجيش السوري، أصبحت صرخات واستغاثات الجماعات المسلحة في سوريا تدوي بشكل مسموع في أرجاء الدول الداعمة لهذه التنظيمات، وعلى رأسها السعودية وقطر وتركيا، حاولت هذه الدول التحرك بشكل أكثر كثافة لإنقاذ الحلفاء الإرهابيين، إلا أن الدب الروسي أدرك جيدًا ما يُحاك له وأطلق الرسائل التحذيرية المباشرة والغير مباشرة. اخترقت مجموعة "سايبر بيركوت" التي يديرها ناشطون أوكرانيون مؤيدون لروسيا، مؤخرًا البريد الإلكتروني الخاص برئيس شركة بولندية لتجارة السلاح تدعى "Level 11″، وهو "ويتولد كجيكوفسكي"، وأوضحت مراسلات "كجيكوفسكي" أن الشركة البولندية هي إحدى الشركات الوسيطة التي تقوم بشراء أسلحة، تحت إدعاءات مختلفة ثم تحوّلها إلى السعودية ودول خليجية أخرى، حتى تقوم هذه الحكومات بتسليم السلاح إلى تنظيمات مسلحة تدعمها في سوريا وباقي دول المنطقة. مجموعة "سايبر بيركوت" أظهرت عقد تجاري منذ أبريل 2015، اعتمدت الشركة البولندية بموجبه توريد 256 رشاشًا ثقيلاً من طراز"ZSU 23″ لمصلحة قوات الدفاع الوطني الأوكراني بقيمة 14.5 مليون يورو، ثم تظهر هذه المعدّات بالمواصفات والعدد نفسه في عقد لشركة سعودية اسمها "القايش للتجارة"، وهي شركة مباعة لوزارة الدفاع السعودية. احتوى العقد على معدات أخرى من بينها 500 رشاش دوشكا ومئات الهاونات وعشرات ملايين الطلقات، من الواضح أنها موجّهة لتسليح التنظيمات الموالية للمملكة في سوريا وغيرها، وليس لتجهيز الجيش السعودي لأن من المعروف أن الجيش السعودي لا يستخدم هذه الأسلحة السوفيتية، كذلك يتبين أن الشركة التي اشترت منها السعودية هذه المعدات، وهي مسجلة في قبرص باسم "Blessway Limited"، يديرها نائب رئيس شركة"Level 11″ البولندية، التي يفترض أنها اشترت الرشاشات لمصلحة أوكرانيا. رسالة أخرى وجدتها مجموعة "سايبر بيركوت" في بريد "ويتولد كجيكوفسكي"، تكشف عن صفقة أشد خطورة مما سبقتها، تتضمن شراء أنظمة حديثة وثقيلة مضادة للطائرات، ففي 30 سبتمبر 2015، تلقى نائب رئيس شركة "Level 11″ ورئيس شركة"Blessway Limited" ، رسالة من دبلوماسي أوكراني يعمل في سفارة بلاده في الدوحة، اسمه "فوليديمير كوروتس"، يشكره فيها على "الصلات المغربية والسعودية" التي زوده بها، ويخبره عن "فرصة لصنع الكثير من المال"، ويقول الدبلوماسي الأوكراني، "هم على وشك شراء نظام بيتشورا وشيء آخر أكثر أهمية، لكن مسألة التوصيل ما زالت عالقة"، فيقترح الدبلوماسي على نائب رئيس شركة "Level 11″ ورئيس شركة "Blessway Limited"أن تقوم شركته بنقل هذه المنظومات، مضيفًا أن "الأمريكيين موافقون، والأتراك والبلغاريون يعرفون بالأمر". احتوى البريد الإلكتروني أيضًا على رسالة تكشف أن وفدًا رسميًا قطريًا زار معرض عسكري أقيم في كييف في أواخر شهر سبتمبر الماضي، بغرض الاطلاع على هذه المعدات والاتفاق على شرائها، كما عرضت "سايبر بيركوت" مراسلة داخلية بين شركة تصدير السلاح الأوكرانية "بيتستيكنو اكسبورت" والشركة الأوكرانية الصانعة للسلاح "يوكروبورونبروم"، بغرض التعاون لإرسال منظومات"اس 125″، و"بيتشورا 2 دي"، إلى قطر. تقرير مجموعة الهاكرز "سايبر بيركوت"، يكشف أن الدعم الأمريكي والخليجي العلني للجماعات المسلحة لم يتوقف عند إلقاء الأسلحة جوًا لهذه التنظيمات، بل امتد ليكون سريًا أيضًا من خلال إنشاء تحالفات مع الدول المعادية لروسيا مثل أوكرانيا لتمويل هذا الدعم وشراء الأسلحة من هناك، وهو ما يُعد تحديا صارخا للتحذيرات الروسية التي أطلقتها مؤخرًا من دعم التنظيمات المسلحة والإرهابية في سوريا. لم تكن روسيا غافلة عما يدور في الكواليس السعودية والقطرية، فقد سبق أن وجهت موسكو تهديدًا صريحًا ومباشرًا وعنيفًا إلى كل من السعودية وقطر وتركيا، معتبرة أن السعودية وقطر على وجه الخصوص منخرطتان في تنظيم ورعاية الهجمات الإرهابية، وملوحة بإمكانية هجوم روسيا على هذين البلدين، بغطاء قانوني مستمد من ميثاق الأممالمتحدة. قالت صحيفة "برافدا" التي تعتبر أحد أهم الصحف الروسية وأوسعها انتشارًا، "إن بوتين توعد عام 1999 بملاحقة وقتل الإرهابيين حتى ولو كانوا في مراحيضهم"، مشيرة إلى أن "بوتين" نفذ وعيده وصفى من أمراء الحرب الشيشانية، وأضافت الصحيفة أن "الهجمات الصاروخية الأخيرة التي نفذتها روسيا في سوريا باستخدام القاذفات الاستراتيجية والغواصات تعطي إشارة تحذير للدول التي تدعم الإرهابيين"، وتابعت "في مجال مكافحة الإرهاب، روسيا ستقوم بالتصرف وفقا للمادة 51 من ميثاق الأممالمتحدة، التي تضمن حق الدول في الدفاع عن النفس". وتنص المادة 51 من ميثاق الأممالمتحدة، على أنه لأي دولة عضو في الأممالمتحدة الحق في الدفاع عن النفس في حالة وقوع هجوم مسلح على تلك الدولة، إلى أن يقوم مجلس الأمن الدولي باتخاذ إجراءاته للحفاظ على السلم والأمن الدوليين، وقالت الصحيفة في تقريرها أن "في قطر والمملكة العربية السعودية، يوجد هؤلاء الذين ينظمون ويرعون الهجمات الإرهابية، إنهم أناس معروفون هناك بإدارتهم الأنشطة الإرهابية في سوريا والعراق".