استهجن المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، لجوء بعض السينمائيين الفلسطينيين في الأرض المحتلة، إلى دعم إسرائيلي لأفلامهم، بغض النظر عن مضمونها، معتبرا أنها تمثل اعترافا بشرعية الاحتلال وخضوع لألاعيبه في السجال الدائر بين اليمين المتطرف واليسار المتطرف الإسرائيلي، في محاولة لتشويه وتضييع القضية الفلسطينية. وقال "مشهراوي" خلال الندوة التي عقدت ضمن فعاليات الدروة ال37 لمهرجان القاهرة السينمائي تحت عنوان السينما الفلسطينية والإنتاج المشترك، إن قبول مخرجين فلسطينيين لدعم مؤسسات إسرائيلية يؤدي إلى سوء فهم والتباس حول القضية الفلسطينية، مؤكدًا أنه في كل أفلامه حريص على توصيل هذه الرسالة، بأن الاحتلال يجب أن يظل احتلالًا دون تشويش للقضية. وأدان المخرج الفلسطيني الكبير محاولات تعاون فاشلة مع فئة محدودة جدًا ممن يساندون بعض حقوق الفلسطينيين، يتم توظيفهم لصالح اسرائيل، لكنه في الوقت ذاته رفض تخوين المخرجين الفلسطينيين من عرب 48، الذين يلجأون لهذا الدعم لتقديم أفلامهم أو اتهامهم بالعمالة للمحتل، رغم رفضه مبرراتهم، معتبرًا أن كل فيلم فلسطيني هو حالة خاصة بذاتها. استهجن السيناريست سيد فؤاد مدير برنامج آفاق ورئيس قناة النيل سينما، والذي أدار الندوة التي نظمها برنامج آفاق السينما العربية، بالمجلس الأعلى للثقافة، فكرة أن يقدم عمل فلسطيني تحمل تتراته إشارة لدعم من جهة إسرائيلية، رغم أي ظروف يمر بها السينمائيين تحت الاحتلال، رافضًا اعتبار هذه الأفلام ممثلة للسينما الفلسطينية. وردا على تساؤل للناقد نادر عدلي، عن مدي تدخل الجهة الإسرائيلية الداعمة في السيناريو ولمن يوجه الدعم؛ قال رشيد مشهراوي: إن كل جهات التمويل في العالم تخضع السيناريو إلى لجنة قراءة وتناقشه قبل الموافقة عليه، مشيرًا إلى أن جهات الدعم الإسرائيلية قد تدعم فيلمًا ركيكًا لمخرج غير محترف، لمجرد أن يظهروا أنهم منفتحين ويدعمون الفلسطينيين، ولأن المهرجانات العربية تستهجن وجود اسم إسرائيل في كتالوج أفلامها، تتسلل إسرائيل إليها بطريقة ملتوية عن طريق أفلام مخرجين فلسطينيين من عرب 48تحت مسمى فلسطين. وقال السيناريست سيد فؤاد، إن للسينما الفلسطينية تجربة هامة في مجال الإنتاج المشترك مع أوربا، والذي اعتبره "حتمي وضروري" للتمكن من إنتاج إفلامها في ظل عدم توفر جهات إنتاج فلسطينية قادرة على تأسيس صناعة سينما فلسطينية. وقال "مشهراوي" إن الأفلام الفلسطينية تحتاج عادة إلى مشاركة إنتاج من عدة دول أوربية، ورغم أن مجموع مشاركاتهم قد يكون أقل من الميزانية المطلوبة أصلا للفيلم، إلا أن للإنتاج المشترك مزايا منها فتح أسواق للفيلم الفلسطيني، وعرضه في قنوات أوربية من خلال المنتج الأوربي، واستخدام المعامل المتطورة والفنيين المحترفين. "مشهراوي" هاجم بعض المخرجين العرب الذين يتطوعون بتقديم تنازلات لجهات التمويل الغربية، وقال إن بعضهم خاصة في دول المغرب العربي، خبير بخارطة جهات التمويل حول العالم، ويعملون على قضايا تفضلها تلك الجهات مثل الإرهاب وحقوق الإنسان والعنف والمرأة وغيرها، بما يمكنهم من تقديم أفلام بميزانيات كبيرة، وهذا هو سبب إدانة الكثيرين للتمويل الأجنبي، مستدركا بأنه في المقابل مخرجين عرب كثر ومنهم المخرجين الفلسطينيين يعملون باجتهاد على السيناريوهات التي يقدمونها ولا يتعاملون مع الجهات التي تفرض شروطا في الإنتاج، ويجادلون لتقديم قضاياها برؤاهم المستقلة. مضيفًا أن السينما الفلسطينية حالها كحال الشعب الفلسطيني تجمع بين الموجودين داخل الأرض المحتلة وفي المخيمات والشتات حول العالم، وكلهم مشغولون بالتعبير عن القضية والإنسان الفلسطيني. وقال المخرج الفلسطيني أن شاغله الأكبر في مشروعه السينمائي، كأول من قدم فيلم فلسطيني تحت الاحتلال، هو تأسيس سينما فلسطينية بقضاياها ولغتها السينمائية وسماتها الفنية وإيقاعها وألوانها وفريق عملها، تعبر عن الحياة الحقيقية للمجتمع الفلسطيني. واضاف انهم لا يريدون ان تنحصر السينما في التعبير عن قضية النضال ضد الاحتلال وانما عن مجتمع فلسطيني وشعب يعيش ويبني ويحب به المناضل والفاسد لذا ركزت افلامه الاخيرة علي تعرية المشاكل والفساد في المجتمع الفلسطيني.