يشكل إعلان قوات البشمركة الكردية سيطرتها على قضاء سنجار شمال غربي العراق، منعطفا مهما في مسار وقف تمدد داعش، الذي استمر على مدى نحو عام ونصف العام منذ سيطرته على الموصل، حيث كان سيطر التنظيم على سنجار في أغسطس عام 2014 وارتكب جرائم ضد الأقلية الإيزيدية الدينية التي كانت تعيش في القضاء فيما هرب الآلاف إلى جبل سنجار الذي يطل على المدينة، وواجهوا حصارا من قبل مقاتلي داعش. عملية السيطرة على سنجار العراقية، كانت عبر قصف جوي متواصل للمدينة وأطرافها منذ شهر اختتم في ليلة 11 نوفمبر الجاري، تلاها دخول القوات البرية والبشمركة من غرب وشرق المدينة لقطع الطريق الرئيسية. تحرير سنجار من قبل البشمركة مدعومة من التحالف الدولي، جعلت الريبة تتسلل إلى نفوس العراقيين والسياسة الأمريكية في المنطقة، خصوصاً بعدما أخذت البشمركة تتلقى دعم الولاياتالمتحدة على حساب المكونات العراقية الأخرى، ما قد يؤدي إلى تقوية طرف على حساب الآخر، شكوك كرستها تصريحات الأطراف الكردية، حيث قال الأمين العام لوزارة البشمركة جبار ياور: إن دعما استخباريا قدمه للأكراد، التحالف الدولي، مما ساعد في السيطرة على الطريق 47 الذي يربط بين سورياوالعراق ويؤمن الإمدادات. هذا الأمر سعى إلى تأكيده المتحدث السابق باسم وزارة الدفاع الأمريكية جيف غوردن قائلا: إن الجهد العسكري الذي قدمته واشنطن هذه المرة وجه إلى البشمركة كحليف أساسي لأنهم هم القوة الفاعلة. مخاوف العراقيين عززها إعلان مسعود البارزني رئيس إقليم كردستان العراق، اقتطاع قضاء سنجار من محافظة نينوى وإلحاقه بأقليم كردستان، وهذا ما اعتبره الأمين العام لعصائب أهل الحق قيس الخزعلي، أن هذا القضاء قد تحرر من سيطرة تنظيم "داعش" ودخل في احتلال أكثر تعقيداً في إشارة إلى إعلان بارزاني. وعلى صعيدٍ متصل، قال خبراء قانونيين إن تحويل قضاء سنجار إلى محافظة، لا يدخل في اختصاص حكومة أو برلمان الإقليم بأربيل عاصمة كردستان، وأن سنجار قضاء اتحادي وليس قضاء يرتبط بالإقليم، كما أنه جزء من محافظة نينوى التي ترتبط بالسلطات الاتحادية في بغداد، ولذلك فإن تحويل سنجار إلى محافظة يتطلب موافقة مجلسي الوزراء والنواب في بغداد. وعلى الرغم من أن القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي هنأ رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البارزاني، بالانتصارات التي حققتها قوات "البشمركة" الكردية ضد تنظيم داعش، إلا أنه في الوقت عينه رفض قرار بارزاني برفع علم كردستان على قضاء سنجار المحرر داعياً إلى رفع العلم العراقي بديلاً عنه. ويرى مراقبون أن الأيام القليلة المقبلة، ستثبت بما لا يدع مجالاً للشك، فيما إذا كانت نوايا البشمركة هي السيطرة على أكبر عدد ممكن من العراق لضمها لإقليمها الكردي مستغلة الوضع المضطرب بالعراق ودعم أمريكا لها، أم أنها مكون حقيقي ووطني يساهم في تحرير العراق، وأن تحرير قوات البيشمركة لقضاء سنجار من داعش، لا يفرق عن تحرير قوات الجيش العراقي للقضاء.