شهدت العاصمة النمساوية فيينا، الجمعة الماضية اجتماعًا رباعيًّا ضم وزير الخارجية الأمريكي "جون كيري"، ونظيره الروسي "سيرجي لافروف"، إضافة إلى وزير خارجية السعودية "عادل الجبير"، والتركي "فريدون أوغلو"، حيث تركز الاجتماع على مناقشة الأزمة السورية وتطوراتها، بهدف التوصل إلى تسوية سياسية تنهي الأزمة التي دخلت عامها الخامس. حاولت الرياض خلال الاجتماع فرض رغباتها السياسية التي تتمثل في إزاحة الرئيس السوري "بشار الأسد" عن السلطة، الأمر الذي لقي معارضة روسية قوية، حيث أكد وزير خارجية موسكو أن مصير "بشار الأسد" يحدده الشعب السوري فقط، وبخلاف هذه النقطة فقد لفت "لافروف" إلى إمكانية مشاركة مصر وإيران في المفاوضات المتعلقة بسبب بحل الأزمة السورية. توقيت المحادثات الرباعية أمر يجب التوقف عنده، خاصة أن هذا الاجتماع الرباعي جاء عقب الزيارة التي أجراها الرئيس "بشار الأسد" إلى موسكو، حيث التقى هناك بنظيره "فلاديمر بوتين" وبحثا تطورات الأزمة، وجهود محاربة التنظيمات الإرهابية في سوريا، مما يعني أن دمشقوموسكو اتفقتا خلال هذه الزيارة على استراتيجية التحرك خلال الفترة المقبلة، لاسيما أن تصريحات "الأسد" و"بوتين" تركز على ضرورة محاربة الإرهاب والقضاء عليه، مما جعل الرئيس السوري يؤكد بأن القضاء على الإرهاب بداية الحل السياسي للأزمة. الاقتراح الروسي بضم القاهرة وطهران إلى مفاوضات حل الأزمة السورية، يعني منح دور أكبر لمصر وإيران بصفتهما الإقليمية في تسوية الأزمة السورية، فضلًا عن أنه يعزز من المحور الداعم لرؤية موسكو حيال سوريا، لاسيما وأن القاهرة وطهران تدعمان الغارات الجوية التي تنفذها روسيا ضد داعش في سوريا، فضلًا عن أن انضمام البلدين "مصر وإيران" إلى المفاوضات سيصنع شيئًا من الموازنة في الطرح والمناقشة، خاصة أن الأطراف الثلاثة الأخرى بخلاف روسيا "تركيا والسعودية وأمريكا"، يتبنون رؤية مخالفة تمامًا لموسكو، لذا فإن انضمام القاهرة وطهران سيجعل عملية المقاربة أكثر سهولة بين الفريقين. خلال السبت الماضي، تحول الاقتراح الروسي الخاص بضم القاهرة لمفاوضات تسوية الأزمة السورية إلى خطوات عملية، حيث جرى اتصال هاتفي بين "لافروف" و"سامح شكري"، أطلع فيه وزير الخارجية الروسي نظيره المصري على نتائج الاجتماع الرباعي الذي جرى في العاصمة النمساوية، واقتراح موسكو بانضمام مصر إلى هذه المفاوضات خلال الاجتماع المقبل المقرر الجمعة المقبلة. وتزامنًا مع هذه التطورات، توصلت روسيا والأردن إلى اتفاق بشأن التنسيق العسكري بينهما لمواجهة تنظيم "داعش" في سوريا، وأكد "لافروف" في تصريح مشترك مع نظيره الأردني أن هذا التنسيق سيتم عبر آلية عمل مشتركة بين عمانوموسكو هدفها تكثيف جهود مكافحة داعش على المستوى العسكري، بموازة دفع العملية السياسية إلى الأمام، الأمر الذي يؤكد أن المرحلة المقبلة ستشهد تطورات بارزة عسكريًّا، تمهد الطريق أمام الحل السياسي، خاصة أن الجيش السوري حقق خلال الأسابيع القليلة الماضية تقدمات ميدانية واسعة بدعم من القوات الجوية الروسية. يبقى تعنت السعودية وإصرارها على "رحيل الأسد غير المشروط" عائقًا كبيرًا أمام تحركات روسيا في المنطقة، والجهود التي تبذلها من أجل حلحلة الأزمة السورية وتسويتها، وربما كان الاقتراح الروسي الأخير بضم مصر وإيران إلى المفاوضات هدفه كسر الاستكبار السعودي، وإرغام الرياض على الرضوخ للتوافق الدولي الذي سيتم بحثه بشكل موسع خلال الأيام القليلة المقبلة، لذا فإن الحديث عن أي تطورات سياسية تتعلق بالأزمة السورية يظل مؤجلًا لحين انتهاء الاجتماع المقبل بحضور مصر وإيران، إضافة إلى رباعية فيينا القديمة (السعودية وتركيا وأمريكا وروسيا).