في الوقت الذي تتحدث فيه السعودية عن وضع اقتصادي صعب وأزمة مالية قد تتجه بالمملكة إلى الاقتراض وترغمها على تطبيق سياسات التقشف، تواصل المملكة إبرامها لصفقات أسلحة بمليارات الدولارات مع فرنساوأمريكا، صفقات تصب في صالح أمريكا وحلفائها، التي تسعى دائمًا إلى إذكاء الصراعات وتصعيدها لابتزاز الدول الخليجية الغنية وعلى رأسها السعودية لانفاق ما لديها من احتياطات مالية هائلة في شراء أسلحة لا تحتاج إليها. أعلنت وزارة الحرب الأمريكية أن وزارة الخارجية وافقت على صفقة لبيع بوارج وسفن حربية بقيمة تزيد عن 11 مليار دولار لصالح المملكة العربية السعودية، وقالت ما تسمى "وكالة التعاون الأمني الدفاعي الأمريكية" التابعة لوزارة الحرب أن الصفقة تتضمن معدات إلى جانب السفن وتصل قيمتها إلى 11.25 مليار دولار، وقد جرى إخطار الكونجرس بها. وذكرت الوكالة أن السعودية طلبت برنامجًا لتحديث أسطولها الحربي البحري عبر شراء سفن حربية وأنظمة رادار وصواريخ ومدافع من عيارات ونوعيات مختلفة، إلى جانب برامج الدعم والتدريب والاتصال، وبحسب الوكالة، فإن الصفقة ستساهم في "تعزيز السياسة الخارجية وأهداف الأمن القومي الأمريكي وضمان الاستقرار السياسي والاقتصادي في الشرق الأوسط" إلى جانب تحسين مستويات الاستقرار والسلامة البحرية حول شبه الجزيرة العربية. الصفقات التسليحية السعودية ازدادت خلال الفترة الماضية، خاصة في ظل التوترات الإقليمية التي تشهدها المنطقة، وعلى رأسها الأزمة السورية والحرب السعودية في اليمن، فمنذ أيام قالت وزارة الحرب "البنتاجون"، إن الحكومة الأمريكية وافقت على صفقة لبيع السعودي تسع طائرات هليكوبتر "بلاك هوك" من طراز "يو.إتش-60إم" التي تصنعها شركة "سيكورسكي إيركرافت" التابعة لمجموعة "يونايتد تكنولوجيز"، وتقدر قيمة الصفقة بنحو 495 مليون دولار. وحينها قالت وكالة التعاون الأمني أيضًا، إن الصفقة ستساعد على تحسين أمن السعودية، وأضافت الوكالة التي تشرف على صفقات السلاح الخارجية إن الحكومة السعودية طلبت شراء تسع طائرات هليكوبتر و21 محركًا من نوع "تي-700-جي.إي-701دي" التي تصنعها جنرال إلكتريك وانظمة "جي.بي.إس" العالمية لتحديد المواقع ورشاشات وأنظمة إنذار مبكر. في ذات السياق، وقعت فرنسا والسعودية منذ أسابيع عدة عقود اقتصادية تبلغ قيمتها عشرة مليارات يورو، وذلك أثناء زيارة رئيس الحكومة الفرنسية "مانويل فالس" إلى المملكة السعودية، حيث تعددت ميادين هذه العقود بين الطاقة والصحة والصناعات الغذائية والبحرية والتسليح والأقمار الاصطناعية والبنى التحتية. الصفقات التسليحية التي تبرمها السعودية لتزهق بها المزيد من الأموال، تأتي في الوقت الذي تنتشر فيه التقارير التي تؤكد أن الملك السعودي "سلمان بن عبد العزيز" يتجه إلى إطلاق حملة تقشف واسعة في مختلف قطاعات الدولة بسبب ارتفاع العجز في الميزانية إلى 20%. قال مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في "صندوق النقد الدولي"، إن الحكومة السعودية تدرس مجموعة واسعة من التعديلات المحتملة على سياسات الإنفاق والإيرادات، للتكيّف مع هبوط أسعار النفط الذي أضرّ بماليتها العامة، وتشير تقديرات صندوق النقد الدولي، إلى أن الرياض تواجه عجزًا قياسيًا في الموازنة يتجاوز 100 بليون دولار هذا العام، أي ما يعادل 21.6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، مع تقلّص إيرادات أكبر مصدر للنفط في العالم بسبب انخفاض أسعار الخام، وأضاف المسئول أنه "من الواضح جداً أن السعودية في حاجة إلى إجراء تعديلات مالية كبيرة وهيكلية تستمر سنوات عدة"، وكان وزير المالية السعودي "إبراهيم العساف" قد أعلن الشهر الماضي، أن الحكومة بدأت بخفض النفقات غير الضرورية مع الاستمرار في التركيز على مشروعات التنمية الأساسية. تسعى الإدارة الأمريكية إلى تهويل وتضخيم المشكلات أمام أعين الدول الخليجية وخاصة السعودية، لتبث الرعب في نفوس قادتها وشعبها، فتبدأ الأخيرة في البحث عما سوف يحميها من هذه المخاطر، فتخرج أمريكا لتقديم مساعداتها ومحاولة طمأنتها، من خلال صفقات تسليح بمليارات الدولارات، تدفع من ناحية المملكة إلى انفاق ما لديها من احتياطات مالية هائلة في شراء صفقات اسلحة، ومن ناحية أخرى تنعش سوق السلاح الأمريكي.