ا ا أخي المواطن المصري، إذا طرحتُ عليك هذا السؤال: ما هي نسبة إحساسك بالأمان في مصر؟، وللتوضيح، أقصد بالأمان، أن تأمن على نفسك في الشارع ليلا ونهارا، وعلى زوجتك وبناتك وأولادك، وأن تكون آمنا مطمئنا حين تدخل قسم شرطة لقضاء مصلحة أو خدمة ما أو تقديم بلاغ أو حتى لو كنت متهما أنك لن تتعرض للإهانة والمهانة، وأن تكون آمنا حين ترتكب مخالفة قانونية أن القانون سينفذ وستحصل على حقوقك كاملة مجنيا عليك كنت أو جانيا، وأن تكون آمنا حين تقع في نزاع قانوني مع أحد رجال السلطة أو المتنفذين فيها أو ذوي الصلات بها، ولا سيما من الشرطة والجيش والقضاء، وهل أنت آمن على وضعك الوظيفي سواء كنت تعمل في الحكومة أو القطاعين العام والخاص ولست مهددا بالفصل التعسفي وإنهاء عملك أو وظيفتك نتيجة تربص بك أو ترصد، وهل تشعر بالأمان على دخلك المادي ووضعك الاقتصادي وكفاية دخلك لاحتياجاتك وأسرتك على المدى المتوسط؟! ا ا وفقا لهذه الأسئلة، بنسبة كم في المائة (%) تشعر بالأمان في مصر؟، وسبب سؤالي أن الكاتب والباحث الأكاديمي د.معتز عبدالفتاح (مستشار الرئيس السابق محمد مرسي، والمقرب من خلفه عبدالفتاح السيسي!)، كتب مقالا في موقع قناة العربية، بتاريخ 13 أكتوبر الحالي، بعنوان "المصريون أكثر إحساسا بالأمان". وعنوان المقال يشي بمضمونه، فقد خلص إلى أن إحساس المصريين بالأمان في أفضل الأحوال، واستند الكاتب إلى تقرير صادر عن مركز جالوب الأمريكي للإحصاء، وقال "إن الانسان يسعد بأي أخبار إيجابية عن مصر". ا ا ومعتز عبدالفتاح، هذا الكاتب الباحث النابه أدان نفسه من حيث لا يدري بالاستشهاد بهذا التقرير، لأن التقرير بطبيعة الحال لا يستند إلى معايير الأمان الواردة في أسئلتي أعلاه، وهي التي تهم المواطن المصري بالدرجة الأولى، ولكنه استند إلى توفر الأمان والاستقرار السياسي وبسط الدولة قبضتها وسيطرتها على الشارع، حتى لو كان ذلك على حساب أمان المواطن واحترامه وكرامته، أي أنه أمان السلطة، لا أمان المواطن، ولكن "عبده مشتاق" الذي يسكن هذا الكاتب المتزلف دفعه إلى السقوط في بئر الخديعة!. ا ا وإدانة معتز لنفسه كانت واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار، ودلّ عليها بسذاجة لا ينبغي أن تصدر من باحث حصيف مثله، إذ نقل عن التقرير أن الولاياتالمتحدةالأمريكية وكندا ودول الاتحاد الأوروبي (28 دولة) وبعض دول جنوب شرقي آسيا (مثل كوريا الجنوبية وسنغافورة)، سجّلت درجة 76 نقطة على المقياس أو أعلى من أصل 100 نقطة، بينما سجلت مصر(78) نقطة، أي أن نسبة إحساس المصريين بالأمان وفقا لمعتز لا التقرير! أفضل من نسبة إحساس المواطنين في بعض الدول الأوروبية!. ا ا بل إن نسبة إحساس المواطن المصري بالأمان وفقا لمعيار معتز الزائف أعلى من المواطن في كوريا الجنوبية، تلك الدولة الديمقراطية التي تترأسها امرأة منتخبة انتخابا حقيقيا وليس على طريقة الانتخابات في منطقتنا العربية، تلك الدولة التي تحتل المركز رقم 12 في العالم من حيث قوة الاقتصاد والرفاهية المعيشية لمواطنيها، حيث سجلت كوريا الجنوبية معدلا للأمان بلغت نسبته (68) نقطة فقط، أي أقل ب(10) نقاط كاملة عن مصر، أي أن معتز يريد أن يقنعنا أن المواطن المصري أكثر إحساسا بالأمان هكذا بشكل مطلق من المواطن في كوريا الجنوبية وبعض الدول الأوروبية. ا ا ونظرة واحدة على عنوان تقرير مركز جالوب، وهو "القانون والنظام في العالم" يؤكد سوء نية الكاتب المتزلف المخادع، لأن العنوان يبدو واضحا وللوهلة الأولى أنه لا يعني ولا يقصد ولا يستند إلى معيار إحساس "المواطن" بالأمان ، بل إلى معيار واضح جلي من العنوان، وهو قدرة سلطات الدولة الأمنية على فرض ما تضعه من قوانين وأنظمة وإلزام المواطنين بها، دون أن يتطرق التقرير إلى مشروعية أو ديمقراطية تلك الوسائل التي تفرض بها الدولة "الأمن" في ربوعها.. عيب يا "مهتز".