هنري لورنس، أصدر حتى الآن، كتبًا عديدة عن الشرق العربي، نذكر من بينها كتابه الضخم عن فلسطين في مجلدين، ثم كتابه عن «الشرق العربي في عهد الهيمنة الأميركية»، وأخيراً كتابه «شرقيات»، يدرس تاريخ المنطقة العربية، متخذاً حملة نابليون بونابرت عليها كنقطة فاصلة، لكنه لا يكتفي بدراسة الحملة ذاتها، إنما يعود إلى الوراء قرناً من الزمان ويتقدم بعدها إلى الأمام قرنين، حتى يصل إلى عصرنا الراهن. وهكذا يعطي صورة شاملة عن أوضاع العالم العربي على مدار القرون الثلاثة المنصرمة، وهي القرون التي ابتدأنا فيها نتعرف على حداثة الغرب، ويعطي ما لا يملكه لمن لا يستحق، وكأنه "بولفر المستشرق". صدر حديثًا عن قطاع الثقافة بمؤسسة أخبار اليوم، الكتاب رقم 3 في سلسلة الروائع، بعنوان "بونابرت بين الإسلام والدولة اليهودية"، تأليف هنري لورنس، ترجمة بشير السباعي. ينتمي كتاب «بونابرت بين الإسلام والدولة اليهودية» إلى الفكر السياسي، وهو عبارة عن محاضرة ألقاها المؤرخ الفرنسى هنرى لورانس، مساء الأربعاء 7 مايو 1997 فى المركز الثقافى الفرنسى بالمنيرة بعنوان «بونابرت والإسلام»، ترجمة بشير السباعى، والذى لم يكتف بالترجمة، بل كتب وجهة نظره فى فصول قصيرة صغيرة، خصوصا فيما يتعلق بوقوع البعض فى فخ تصديق البيان المزعوم الذى خاطب به نابليون اليهود، يحثهم فيه على بناء دولتهم فى فلسطين. الكتاب هو الثالث فى سلسلة إصدارات «القطاع»، الذى يشرف عليه الكاتب «عزت القمحاوى»، وبقدر تميز هذه السلسة فى قطعها «الصغير» الذى يجعلها «كتاب جيب»، بقدر تميزها فى اختيار موضوعاتها وعناوينها، فإصدارها الأول كان من «أدب السيرة» بعنوان مذكرات «لبيرم التونسى»، والثانى كان من «أدب الرواية» بعنوان «خريف البطريرك» للأديب العالمى ماركيز، أما آخر إصدار وهو الثالث «بونابرت بين الإسلام والدولة اليهودية». نجد أنفسنا في الكتاب أمام مروية بانورامية، تتناول أشكال دخول الإمبريالية الغربية في الصراع علي المنطقة العربية ذات الأهمية الجيوسياسية والجيواستراتيجية في إطار صراع هذه الإمبريالية على السيطرة على العالم، وطبيعي أن هذه المروية تشتمل، بشكل لا مفر منه، على تنازل أشكال استجابة العالم الغربي للحداثة الأوروبية، وردود أفعاله على التوسع الاستعماري، وهو ما يقود لا محالة إلى تناول ظهور الحركات والتيارات القومية فى هذا العالم العربي، الذي يحتل ضفافًا مهمة للبحر المتوسط، وطرق ومواصلات بحرية وبرية مهمة، ناهيك عما يتمتع به من ثروات بترولية أساساً، وحضارات مكانية مترامية الأطراف.