تمثل أفغانستان مصدر تهديد كبير وخطير للدول الأعضاء في منظمة "الأمن الجماعي" وعلى رأسهم روسيا، يتمثل بإمكانية انتقال متشددين من أفغانستان إلى بلدان آسيا الوسطى، ومن هناك إلى مناطق الفولغا وشمال القوقاز الروسية، كما أن جميع البلدان المتاخمة لأفغانستان، تشكل معبرًا لنقل الأفيون والهيرويين إلى مختلف أنحاء العالم، خصوصًا أن الاتجار بالمخدرات يُعد اليوم من أهم مصادر تمويل المسلحين، كل هذه المعطيات دفعت الدول الأعضاء في المنظمة إلى عقد اجتماع لبحث ومناقشة سبل التغلب على هذا التهديد الأمني والسياسي الواضح على هذه الدول. قلق جماعي أعربت منظمة "معاهدة الأمن الجماعي" في اجتماع أجراه نواب أمناء مجالس الأمن للدول الست الأعضاء فيها "روسيا، بيلاروس، أرمينيا، كازاخستان، قرغيزستان، طاجيكستان" في مقر أمانة المنظمة في موسكو، عن قلق الدول الأعضاء من عدة أمور على رأسها من تعزيز البنى التحتية لحلف الناتو بالقرب من حدود روسيا وبيلاروس، ونشر مراكز القيادة وقوات الدول الأعضاء في الناتو في أراضي دول البلطيق "إستونيا ولاتفيا وليتوانيا"، وبولندا ورومانيا وبلغاريا، بما في ذلك المدرعات، بالإضافة إلى القفزة النوعية في عدد التدريبات والمناورات العسكرية الواسعة النطاق بمشاركة قوات الرد السريع التابعة للحلف. ذكر المشاركون في الاجتماع أن أفغانستان تمثل منبعًا لتهديدات واقعية تحدق بأمن الدول الأعضاء في المنظمة، وما يدل على ذلك ازدياد تدفق المخدرات من الأراضي الأفغانية وتصاعد أنشطة الجماعات الإسلامية المتشددة العاملة في أفغانستان، وتنامي خطر تسللها إلى بلدان آسيا الوسطى، وجاء في بيان المنظمة أن مسلحي حركة طالبان التي تسيطر على 60% من الأراضي الأفغانية، اقتربوا من حدودها مع طاجيكستان، والتي يتجاوز طولها 1344 كيلومترًا، وأشار نواب أمناء مجالس الأمن القومية إلى أن عدد مسلحي داعش في أراضي أفغانستان قد اقترب من 3 آلاف شخص، معربين عن قلقهم من خطر توتر الوضع الأمني على حدود أفغانستان مع تركمانستان. ناقش المشاركون في الاجتماع إمكانيات بذل الدول الأعضاء جهودًا مشتركة لمواجهة تنظيم "داعش" وغيره من المنظمات الإرهابية، وقطع قنواتها لتجنيد مسلحين جدد، كما بحث ممثلوا الدول الأعضاء نتائج العمليات المشتركة في مجال مكافحة تهريب المخدرات وغيرها من أنشطة "الأمن الجماعي"، وبحثوا سبل تحسين مكافحة الاتجار بالمخدرات الواردة من أفغانستان، إلى جانب بحثهم تعزيز التعاون الدولي في مجال الأمن المعلوماتي. تزايد أعداد المسلحين في أفغانستان ليس مفاجأة بالنسبة لأعضاء المنظمة، فقد أفاد مسئول في قوات حرس الحدود الطاجيكية، في يونيو الماضي، بأن حوالي 1.5 ألف مسلح بينهم أعضاء في تنظيم "داعش" الإرهابي، وحركتي أوزبكستان الإسلامية وطالبان وتنظيمي القاعدة، تركزوا في منطقتي "داشتي أرشي" و"إمام صاحب" في ولاية قندوز شمال أفغانستان، وقال المسئول إن هؤلاء المسلحين يقاتلون القوات الأفغانية الحكومية بالقرب من الحدود مع طاجيكستان، مشيرًا إلى أن قوات حرس حدود البلدين تتبادل المعلومات بشكل مستمر. أمريكا تمدد وجودها في أفغانستان انتصارات وهمية، واستقرار خيالي تروج له وسائل الإعلام الأمريكية والمسئولين هناك طوال السنوات الماضية، لكن عندما جاء الوقت الذي يتوجب فيه على الإدارة الأمريكية سحب قواتها من هناك، ظهرت الحقيقة التي تؤكد تزايد أعداد القتلى من المدنيين وارتفاع معدلات الجرائم الإرهابية، وتزايد إنتاج وتجارة وتهريب المخدرات، على الرغم من تواجد قوات الناتو والولاياتالمتحدة. بعد أن كان الرئيس الأمريكي"باراك أوباما" يأمل في سحب كل القوات الأمريكية الموجوده في أفغانستان ما عدا قوة صغيرة ستكون موجودة في السفارة الأمريكية في كابول قبل أن يغادر منصبه في يناير 2017، عاد "أوباما" لينقض وعده بإعلانه إنه سيبطئ وتيرة خطط سحب الجنود الأمريكيين من أفغانستان، وسيبقي بدلًا من ذلك على القوة الراهنة وقوامها 9800 جندي معظم عام 2016، قبل أن يبدأ في تقليصها، ووصف "أوباما" هذا التعديل بأنه "طفيف لكنه مهم لخطة إنهاء الوجود الأمريكي في أفغانستان"، قائلا إن القوات الأفغانية لم تصبح بعد على قدر من القوة التي يجب أن تكون عليها. الإعلان الأمريكي عن تأجيل سحب الجنود الأمريكيين من أفغانستان قابله تشكيك روسي في نية الإدارة الأمريكية، حيث قالت وزارة الدفاع الروسية، أنها تشك في أن قرار الولاياتالمتحدة الإبقاء على مستوى قواتها في أفغانستان سيخفف من حدة الوضع في البلاد. بعيدًا عن التشكيك الروسي، وبالنظر إلى جدية القوات الأمريكية في القضاء على الإرهاب في أفغانستان، يظهر جليًا من تصريحات الرئيس الأمريكي أن انتشار الإرهابيين في أرجاء أفغانستان أصبح أكثر من أي فترة أخرى منذ عام 2001، إذ أنهم قاموا بانجازات ميدانية كبيرة في الفترة الأخيرة كان أخرها الاستيلاء على مدينة "قندوز"، وفي الوقت نفسه، يجد مسلحو القاعدة ملاذات آمنة في جبال أفغانستان، كما أصبح لتنظيم "داعش" موطئ قدم هناك، وهو ما يثير العديد من التساؤلات حول ماذا يفعل الناتو والولاياتالمتحدةالأمريكية في أفغانستان طوال 15 عامًا؟.