مسيرة نظمها أصحاب البشرة السمراء في أمريكا كان شعارها «العدالة وإلا فلا»، أظهرت للعالم أن الحلم الأمريكي الذي حاولت واشنطن إبهار العالم به منذ عقود والذي تمثل في القيم والعدالة الاجتماعية قد انهار تماما، بعدما فضحت الأساليب القمعية التي تستخدمها الشرطة الأمريكية، مدى العنصرية والتميز عندما يتعلق الأمر بالتعامل مع أصحاب البشرة السمراء. خرج مئات الآلاف من الأمريكيين السبت في الذكرى العشرين لمسيرة «مليون رجل» المؤيدة لحقوق الأمريكيين من أصول أفريقية تحت قيادة لويس فرخان، وبدأت المسيرة من خلال تجمع المتظاهرين عند «ناشونال مول» فى العاصمة واشنطن لتنطلق تحت شعار «العدالة وإلا فلا» والتي ألقت الضوء على انتهاكات رجال الشرطة في حق الأمريكيين من أصول أفريقية، وكشفت الأرقام الأولية عن أن عدد المشاركين في المسيرة تجاوز حاجز 800 ألف مشارك. وتؤكد مسيرة "المليون رجل" التي نظمها الآلاف من الأمريكيين من أصول إفريقية من جديد عمق مشكلة العنصرية، فالذكرى العشرون تظهر بما لا يدع مجالًا للشك من ضخامة العدد نفاد صبر الأفارقة الأمريكيين تجاه المعاملة المختلفة والعنصرية التي تعرضوا لها منذ عقود مع تأسيس الولاياتالمتحدة وحتى يومنا هذا. «الأوضاع قد بلغت حد الانفجار..التمييز العنصري بالولاياتالمتحدة أصبح كالبركان الذي بدأ بالتفجر» هذه كلمات "لويس فرخان" قائد حركة المسلمين السود المعروفة باسم «أمة الإسلام» وسط حشود من المواطنين الأمريكيين الذين قدموا من أنحاء مختلفة من البلاد أمام مبنى الكونجرس، وطالب فرخان الرئيس الأمريكي باراك أوباما بالنظر في خروقات حقوق الإنسان ووحشية الشرطة ضد الأقليات في الولاياتالمتحدة. في ستينات القرن الماضي أثناء مسيرة بواشنطن كانت تطالب بالحرية والمساواة بين البيض والسود، وقف مارتن لوثر كينج وسط بني جلدته من السود الأمريكيين وقال «لدي حلم أنه في يوم ما ستنهض هذه الأمة وتعيش المعنى الحقيقي لعقيدتها الوطنية بأن كل الناس خلقوا سواسية، لدي حلم أن أطفالي الأربعة سوف يعيشون في يوم واحد في دولة حيث لا يتم الحكم على لون بشرتهم بل على مضمون شخصيتهم هذا هو أملنا.. دعوا أجراس الحرية تقرع وتنشد..»، تلك فقرات من خطاب «لدي حلم» للوثر كنج أمام نصب لنكولن التذكاري في الثامن والعشرين من أغسطس عام 1963، عندها تطلع أن تهدف كلماته إلى حصول أصحاب البشرة السمراء في المجتمع الأمريكي على الحقوق المدنية في المساواة مع مواطنيهم البيض، لم يكن كينج يعرف أن هناك زمن سيأتي فيه رئيس أسود لأمريكا لا ينتصر لأبناء جنسه وعرقه بل يتخلى عنهم في مغبة العنصرية المتوحشة، لتصبح العنصرية في الولاياتالمتحدة "علامة مسجلة"، لم يعد بالإمكان إنكارها أو تجاوزها، وهو ما اعترف به الرئيس الأمريكي باراك أوباما بعد حادثة مقتل 9 أمريكيين من أصول إفريقية برصاص شاب أبيض في كنيسة بكارولاينا الجنوبية، بأن الشعب الأمريكي لم يتخلص بعد من "عقدة السود". شهد عام 2015 سلسلة حوادث مشابهة لمقتل سود أمريكيين عزل سواء على يد الشرطة الأمريكية، أو برصاص مواطنين، ففي البداية كانت في فيرغسون بولاية ميزوري العام الماضي أحداث انفجرت بعد أن أطلق الضابط الأمريكي دارين ويلسون النار على شاب أعزل من أصول إفريقية يدعى مايكل براون وأرداه قتيلا، بيد أن القضاء أصدر حما ببراءة الضابط الأمريكي فيما بعد رافضا توجيه اتهامات جنائية له، ولاحقا بالتيمورالتي تعد أكبر مدن ولاية ميريلاند الأمريكية، وتقطنها أغلبية من أصول إفريقية، شهدت بدورها أعنف احتجاجات ضد معاملة الشرطة، شرارة العنف فجرها موت شاب من أصل إفريقي يدعى فريدي غراي عقب إصابة في حبله الشوكي تعرض لها أثناء مطاردة الشرطة له في 12 أبريل الماضي.