ذكرت مجلة "الإيكونوميست" البريطانية أن الدول التي تفرض رقابة على الإنترنت، لا تهتم بفرض رقابة على المواد الإباحية، بقدر اهتمامها بالرقابة على مواقع التواصل الاجتماعي، نظرًا لإمكانية استخدام مواقع التواصل في الأغراض السياسية، وكشفت المجلة في تقرير لها في 27 سبتمبر الماضي عن مفاجأة صادمة مفادها أن مصر تحتل مركزًا متقدمًا في ترتيب عدد زيارات المواقع الإباحية في العالم، وأنها تربعت على عرش أكثر الدول العربية والإسلامية في ترتيب عدد زيارات أحد أكبر المواقع الإباحية في العالم، حيث احتلت المركز ال18 عالميًّا. ويأتي اهتمام الدولة بفرض الرقابة على المحتوى السياسي في شبكة الإنترنت وإهمال المحتوى الأخلاقي في سياق إعطاء الأولوية للأمن السياسي وتقديمه على الأمن الجنائي والاجتماعي، رغم أن محكمة القضاء الإداري كانت قد أصدرت في 20 مايو الماضي حكمًا بإلزام رئيس مجلس الوزراء باتخاذ ما يلزم لحجب المواقع الإباحية داخل مصر، ويعد هذا هو الحكم الثالث من نوعه في هذه القضية، حيث صدر الحكم الأول في 12 مايو 2009، عندما قضت محكمة القضاء الإداري بحجب المواقع الإباحية على الانترنت قائلة إنها تحافظ بذلك على "الطابع الأصيل" للأسرة المصرية، وقالت المحكمة في أسباب حكمها إن الحريات العامة "مقيدة بالحفاظ على الطابع الأصيل للأسرة"، مشيرة إلى أن شبكة الإنترنت تضم "مواقع إباحية تنفث سمومها في نشر الرذيلة بين طوائف المجتمع المصري بالصوت والصورة بما يهدم كل العقائد الدينية الراسخة والقيم الاخلاقية والآداب العامة"، علاوة على أن ما يعرض على هذه المواقع يعد "أبرز صور الإخلال بالمصالح العليا للدولة والأمن القومي الاجتماعي، ومن ثم كان لزامًا على الإدارة اتخاذ الوسائل كافة اللازمة لحجب هذه المواقع عن المواطن المصري. واعتبرت المحكمة أن القرار السلبي بالامتناع عن حجب المواقع الإباحية اعتداء صارخًا على أحكام الدستور والقانون، وإزاء تجاهل الحكومات المتعاقبة تنفيذ حكم المحكمة، عادت المحكمة لتنظر في دعوى جديدة رفعت أمامها في 30 مارس 2012 وأصدرت حكمًا جديدًا (يلزم) وزير الاتصالات ورئيس الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات بحجب المواقع الإباحية في مصر. ولا يختلف اثنان على حجم الأخطار والأضرار الأخلاقية والصحية والاجتماعية، بل والاقتصادية، جراء مشاهدة المواقع الإباحية، من شرائح المجتمع العمرية كافة، ولا سيما في أوساط النشء والشباب، فتلك المواقع المشبوهة أوكار دعارة بالصوت والصورة، متاحة ومباحة على شبكة الإنترنت، تنفث سمومها ليل نهار، وتهدم القيم الأخلاقية، وتهدر المبادئ الدينية (لأي دين)، وتدمر شباب الأمة وأمل مستقبلها. وندرك بطبيعة الحال أن حجب مواقع الرذيلة لن يقضي عليها؛ لأن هناك وسائل إلكترونية تستخدم للقفز على الحجب، ولكن على الأقل لن تسمح الدولة رسميًّا بإتاحة الدخول عليها، بل ستواجه هذا الخطر الداهم بسن تشريعات جديدة، واتخاذ إجراءات فاعلة، للحيلولة أو الحد من انتشار هذا الوباء العنكبوتي ومحاصرته في أضيق نطاق، وتطوير وسائل هذا الحصار تكنولوجيًّا، بالتوازي مع تطور وسائل اختراق هذا الحصار. وقد سبقتنا دول عديدة إلى حجب تلك المواقع، من بينها الصين، حيث طالبت هيئة الرقابة على الإنترنت في الصين إدارة محرك بحث "جوجل" بمنع الوصول الى المواقع التي تحتوي على مواد إباحية وبذيئة، وأمرت وزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات الصينية مزودي خدمات الإنترنت بمكافحة المواد الإباحية، وأغلقت السلطات الصينية 44 ألف موقع إلكتروني، واعتقلت مئات الأشخاص الضالعين في ترويج المواد الجنسية عبر الانترنت، كما تقوم بعض دول الخليج ومنها السعودية بإجراءات شبيهة، وكانت تونس أحدث الدول التي اتجهت نحو إغلاق المواقع ذات الطابع الإباحي. [email protected]