في ظل تنامي المخاوف الأمريكية من التقارب الروسي الإيراني بشأن الأزمة السورية، ومساندة موسكو للنظام السوري، بدأت أمريكا تأخذ عدة خطوات للخلف، وتعيد حساباتها، وماذا ستجنيه من التعنت بشأن مصير "الأسد" خاصة بعد إظهار روسيا وإيران دعمهما الواضح والعلني له، وهو ما أفقدها الأمل في سقوط النظام أو إنهاك الجيش السوري، لتتبعها الحليفة "فرنسا" التي دائمًا ما تسير على الخطى الأمريكية، وهو الأمر الذي يؤكد أن المباديء لم تكن يومًا أساس التعامل الأمريكي أو الفرنسي في الأزمة السورية. في تغير أمريكي حيال الأزمة السورية، قال وزير الخارجية الأمريكي "جون كيري" السبت الماضي، إن الرئيس السوري "بشار الأسد" يجب أن يرحل، لكن توقيت رحيله يجب أن يتقرر من خلال التفاوض، ودعا "كيري" بعدما أجرى محادثات مع وزير الخارجية البريطاني "فيليب هاموند"، روسيا وإيران إلى استغلال نفوذهما لإقناع "الأسد" بالتفاوض، وأشار إلى أن هناك حاجة ملحة لتجديد جهود التوصل لتسوية سياسية لإنهاء الصراع السوري الذي دخل عامه الخامس ولإنهاء أزمة اللاجئين في سوريا التي تزداد سوءًا، وأضاف "نحن بحاجة للانخراط في مفاوضات، هذا ما نبحث عنه ونأمل أن تساعد روسيا وإيران وأي دولة أخرى ذات نفوذ في تحقيق ذلك لأن هذا الأمر هو ما يحول دون إنهاء الأزمة"، كما عبر عن استعداد واشنطن للتفاوض مع "الأسد". سريعًا تبدل الموقف الفرنسي ليكون ملازما للموقف الأمريكي، حيث أكد وزير الخارجية الفرنسي "لوران فابيوس"، أن المطالبة برحيل الرئيس السوري "بشار الاسد" كشرط مسبق لحل الأزمة "ليست واقعية"، وقال "فابيوس"، إنّ الحل في سوريا يمر عبر تأليف "حكومة وحدة وطنية" تضم أطرافًا من النظام والمعارضة، وأضاف أنه "يجب الحفاظ على الجيش وعلى دعائم أخرى للدولة منعا لانهيار النظام، على غرار ما حصل في العراق"، مشيرًا إلى أن "الأمر يتطلب في آن واحد عناصر من النظام واعضاء من المعارضة ممن يرفضون الإرهاب". تصريحات "فابيوس" حول ضرورة الحفاظ على الجيش السوري وإبقاء "الأسد" في منصبه، تدل على تغير اللهجة الفرنسية تجاة الأزمة السورية، حيث كانت اللهجة الفرنسية أكثر تشددًا بشأن مصير "الأسد"، فكثيرًا ما ردد "فابيوس" في تصريحات سابقة أن "التفاوض مع الأسد سيكون أمرًا مخزيًا تمامًا، وسيشكل هدية كبيرة لإرهابيي داعش". اللافت أن تصريحات "فابيوس" جاءت بعد أيام قليلة على إعلان "كيري"، إن "الأسد يجب أن يرحل لكن ليس بالضرورة من اليوم الأول للتسوية السياسية للأزمة"، وهو ما يؤكد أن فرنسا في النهاية لا تملك الخيار، ولا يسعنا إلا التعاطف مع الرئيس الفرنسي "فرنسوا هولاند"، الذي يحاول اللحاق بالتخبط الأمريكي في سوريا، وهو ما يحمل في طياته إقرار ضمني بفشل السياسة الأمريكية حيال سوريا. الليونة التي أبدتها باريسوواشنطن تزامنت أيضًا مع كشف التقارير عن نشر موسكو 28 مقاتلة في سوريا، وبدء موسكو تنفيذ مهام استطلاع بطائرات بدون طيار في الأجواء السورية، فيما يبدو كأول عمليات عسكرية جوية منذ أن عززت وجودها العسكري في قاعدة جوية قرب مدينة اللاذقية. من جهة أخرى أعلن ثلاث نواب اشتراكيين فرنسيين عزمهم على القيام بزيارة خاصة إلى سوريا نهاية الشهر الجاري، وقال النواب الثلاثة وهم "جيرار بابت" رئيس مجموعة الصداقة السورية الفرنسية، و"كريستيان اوتين"، و"جيروم لامبير"، أن زيارتهم المقررة إلى سوريا ستشمل جولات في كل من دمشق وحمص واللاذقية إضافة إلى بلدات أخرى مثل القريتين ومعلولًا، كما اعتبروا أن الزيارة تعبير عن دعم النواب لسيادة سوريا والدفاع عن مؤسسات الدولة السورية ووحدة أراضيها.