جدد الشعب اليوناني الثقة في «ائتلاف اليسار الراديكالي» (سيريزا)، بعد انتخابه مرتين في أقل من عام، فرغم تغير موقفه شبه الكامل تجاه برنامج الدائنين الأوروبيين، وانقلابه على برنامجه الانتخابي الذي أوصله إلى السلطة مطلع العام الجاري الذي يدعو إلى رفض التقشف، ورغم انشقاق الفئات الراديكالية عنه، نتيجة لخروجه عن البرنامج، أعاد الناخبون انتخاب اليسار اليوناني ليصل إلى السلطة، بنسبة أصوات تقارب تلك التي نالها الحزب لدى وصوله إلى السلطة مطلع العام. ويعتزم رئيس الوزراء اليوناني السابق ألكسيس تسيبراس رئيس حزب (سيريزا)، تشكيل حكومة جديدة بعد فوز حزبه في الانتخابات التشريعية اليونانية، لبدء تطبيق خطة المساعدة التي وافقت عليها أثينا مرغمة في (يوليو)، وكتب تسيبراس على موقع "تويتر" بعد فوزه، أن "طريق العمل الجاد والنضال لا يزال أمامنا". وأظهرت النتائج فوز "سيريزا" ب35.53 في المئة من الأصوات، في مقابل 28.05 في المئة لحزب "الديموقراطية الجديدة" اليميني برئاسة فانغيليس مايماراكيس، أي بتقدّم يفوق سبع نقاط،ويدعو الدائنون إلى تشكيل حكومة بسرعة، تبدأ العمل على تطبيق الاتفاق الذي أبرموه مع أثينا خلال الصيف، وتنفيذ ما نصّ عليه من إصلاحات وتدابير مالية. وأقر رئيس حزب «الديموقراطية الجديدة»، فانجيليس ميماراكيس، بالهزيمة، مهنئاً زعيم حزب «سيريزا» ورئيس الوزراء السابق، أليكسيس تسيبراس، بالفوز، وداعياً إياه إلى تشكيل «الحكومة الضرورية» على جناح السرعة، والأرجح أن «سيريزا» لن يحصل على الأغلبية البرلمانية اللازمة لتشكيل الحكومة منفرداً، ما سيضطره إلى البحث عن شركاء في حكومة ائتلافية، وخلال الحملات الانتخابية، كان ميماراكيس يعرب مراراً عن استعداد حزبه للتشارك مع «سيريزا» في حكومة كهذه، وكان تسيبراس ينفي هذا الاحتمال بإصرار، بدعوى الترفع عن المشاركة مع أحزاب السلطة القديمة الفاسدة. في هذا الوقت، أشارت معلومات إلى أن تسيبراس سيشكل حكومة خلال ثلاثة أيام، وذلك بعدما نشرت وزارة الداخلية اليونانية نتائج التصويت الأولية، إلا أن ثمة دلالات تؤكد بحسب خبراء بأن «سيريزا» الذي يعود إلى السلطة هو غير ذاك الذي فاز بالانتخابات التشريعية مطلع العام الجاري، بحصوله على 36.3% من الأصوات (مقابل 27.8% لأحزاب السلطة التقليدية)، واعداً بإنهاء سياسة «التقشف» المفروضة أوروبياً. ويؤكد المراقبون أن تسيبراس، «غيّر جلده بشكل دراماتيكي منذ يوليو» من العام نفسه، حين قرر الخضوع لإملاءات الدائنين، بحسب المحلل في مؤسسة «كريدي أغريكول» المالية في لندن، أورلاندو غرين، الذي أكد في مقال نشره موقع «بلومبرغ» منذ أيام أن زعيم «سيريزا» تحول من مصدر قلق للأسواق المالية ونذير بخروج اليونان من منطقة اليورو، إلى مستحق لثناء «المستثمرين»، أو بالأحرى الدائنين، وذلك بعد خضوعه لشروط هؤلاء الأخيرين، وتوقيعه على حزمة قروض جديدة، بشروط أسوأ من الحزمات التي فُرضت على اليونان من قبل. ويقول مسئول في مصرف بفرانكفورت ماريوس داهايم، إن هناك تفاؤل من جانب المستثمرين بعودة تسيبراس إلى السلطة، وخاصة بعدما تخلى عن الفئة الراديكالية في حزبه، والتي رفضت «المساومة»، مؤكدًا أنه لم يعد تسيبراس يمثل تهديداً سياسياً (للمصارف والاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي)، منذ أن أُبرمت الاتفاقية» حول شروط القروض الجديدة. ويذهب فاسيليس كاراتزاس، مدير صندوق تحوط في أثينا، يدعى «ليفانت بارتنرز»، أبعد من ذلك، فيقول إنه «بات يُنظر إلى «سيريزا» الآن كقوة ستضمن تطبيق مذكرة التفاهم (مع الدائنين)، ولن يكون لدى أي من الأحزاب (الرئيسية) وهم حول إمكانية تحصيل صفقة أفضل مع أوروبا؛ لقد أُوصد الباب في وجه الوهم القائل بأن ثمة طريقاً سهلاً للخروج» (من فخ الديون المشروطة)! وهنأ رئيس مجموعة اليورو (يوروغروب) لوزراء مال منطقة اليورو يورين ديسلبلوم، رئيس الوزراء اليوناني في تغريدة على موقع "تويتر"، مشيراً إلى أنه ينتظر "تشكيل حكومة جديدة سريعاً لمواصلة عملية الإصلاح"، وبعدما حلّ محلّه رئيس حكومة بالوكالة خلال الحملة الانتخابية التي استمرت شهراً، وصف تسيبراس حكومته المقبلة بأنها "حكومة كفاح مستعدة لخوض معارك دفاعاً عن حقوق شعبنا".