انتقد تحقيق أجرته الأممالمتحدة في الحرب الدائرة بسوريا ما وصفه ب"اخفاق العالم" في حماية اللاجئين السوريين ويقول إن ذلك أدى إلى تفاقم أزمة المهاجرين التي تواجهها القارة الأوروبية. وحث رئيس لجنة التحقيق "سيرجيو بينييرو" المجتمع الدولي على التصرف "بانسانية وتعاطف" مع اللاجئين من خلال تأسيس سبل قانونية لانتقال البشر. وجاء في التقرير الذي أعدته اللجنة أن ألفي سوري على الاقل ماتوا غرقا في مياه البحر المتوسط أثناء محاولتهم بلوغ السواحل الأوروبية، وحذر التقرير من أن الحرب السورية ماضية في التصاعد دون أي بصيص أمل بتوقفها. وفي هذا السياق، قالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية إن القبض على اللاجئين السوريين على حدود الدول الأوروبية جذب انتباه العالم، حيث تكدسهم على محطات القطار وتسلق السياج الحدودي، بالإضافة إلى غرق الأطفال الصغار على الشواطئ. وتضيف الصحيفة أنه لم يكن سرا تصاعد موجة اللاجئين السوريين، فآجلا أو عاجلا كانت ستنفجر وتتحول من الشرق الأوسط إلى أوروبا، ومع ذلك لم تفعل العواصم الأوروبية شيئا يذكر لوقف أو تخفيف الكارثة بطيئة التحرك التي أصابت المدنيين السوريين. من جانبها، تقول "لينا خطيب"، الباحثة بجامعة لندن، والرئيسة السابقة لمعهد "كارنيجى" لدراسات الشرق الأوسط في لبنان:" أوروبا هي من جلبت على نفسها أزمة اللاجئين السوريين وساهمت في تفاقمها، فلو كانت الدول الأوروبية سعت منذ البداية لايجاد حل سياسي للصراع في سوريا وأعطت الأزمة الوقت والجهد الانساني الذي تتطلبه، لم تكن لتجد نفسها فى مثل هذا الوضع الآن". وتلفت الصحيفة أن أزمة ازدياد أعداد اللاجئين الى الدول الأوروبية اشتدت مؤخرا، قادمين عن طريق البحر، وامتلأت دول مثل الأردنولبنان عن آخرها باللاجئين، وأصبحت غير قادرة على استيعاب المزيد، في حين تقلصت المساعدات الانسانية الدولية أمام الحشود الهائلة من اللاجئين. وتشير الصحيفة الأمريكية إلى أن الكثير من الفقراء والضعفاء أو المطلوبين من قبل الحكومة، أو سكان المناطق الأكثر تضررا من الحرب هم من غادروا سوريا في وقت مبكر، ولكن الفارين الآن يشملون الطبقة المتوسطة والثرية، والكثير من مؤيدي الحكومة، وسكان المناطق التي كانت آمنة في البداية. وتوضح الصحيفة أنه منذ عام 2011، وصل عدد اللاجئين السوريين لنحو 11 مليون شخص، وسط الجهود البطيئة للتوصل إلى حل سياسي، حيث يحتدم الجدل بين الولاياتالمتحدة وروسيا بشأن الأزمة السورية، وسط سيطرة تنظيم داعش الإرهابي على مناطق جديدة، وانهيار الاقتصاد السوري. يشمل تقرير الأممالمتحدة الذي نشر الخميس الاحداث التي شهدتها سوريا في الفترة بين يناير 2015 و يونيو من العام نفسه، ويخلص الى ان العنف في سوريا اصبح "متوطنا" وانه "للأسف ينتصاعد في كميته ونوعيته." وجاء في التقرير أن الحرب "تدفعها بشكل متزايد القوى الدولية والاقليمية، تبعا لمصالح هذه القوى الجيواستراتيجية" دون أن يشير إلى هذه القوى بالاسم. وحذر التقرير من أن "التنافس بين القوى الاقليمية من أجل النفوذ قد أدى إلى تصاعد مخيف في البعد الطائفي للصراع وهو بعد أججه تدخل المسلحين الأجانب ورجال الدين المتطرفين." وتوصل المحققون إلى أن مسلحي تنظيم "داعش" قد ارتكبوا "جرائم قتل وتعذيب واغتصاب واستعباد جنسي وعنف جنسي وطرد وغيرها من الافعال اللاانسانية وذلك كجزء من هجوم منظم على السكان المدنيين." وقال إن جبهة النصرة المرتبطة بتنظيم القاعدة تقوم أيضا "بفرض ايديولوجيتها المتطرفة" في المناطق التي تسيطر عليها في محافظة ادلب الشمالية. ويحذر التقرير من أن "الاماكن التي يتمتع بها اللاجئون السوريون الذين يحاولون الفرار بالحماية تتقلص باستمرار." ويمضي للقول إنه نتيجة لذلك، يسلم العديد منهم ارواحهم للمهربين وتجار البشر ويحاولون عبور البحار على ظهر زوارق غير آمنة مما نتج عنه موت أكثر من الفين منهم غرقا في السنوات الاربع الاخيرة. ويقول التقرير "إن اخفاق العالم في حماية اللاجئين السوريين يجري ترجمته الآن الى ازمة في جنوبي القارة الاوروبية. إن مسؤولية حماية حقوق هؤلاء اللاجئين لا يجري تقاسمها أو الاضطلاع بها بشكل كاف." وقال رئيس اللجنة بينييرو للصحفيين في جنيف إن 250 الفا من اللاجئين السوريين سعوا للحصول على اللجوء في اوروبا فيما تستضيف الدول المجاورة لسوريا اربعة ملايين منهم. وقال محذرا "إنه من الضروري للمجتمع الدولي أن يتصرف بانسانية وتعاطف وذلك بتأسيس قنوات قانونية للهجرة من شأنها زيادة الحماية للاجئين والساعين للجوء."