النشرتي: محلب أشبه بالمفتش العام.. ورئيس الوزراء عليه رسم السياسات المنشاوي: الممارسات الحكومية وراء هروب الاستثمار.. وطبع 7.5 مليار جنيه كارثة مر الاقتصاد القومي عقب اندلاع ثورة 25 يناير وحتى الآن بعدد من الأزمات التي لا تنتهي بداية من تراجع حجم الاحتياطي النقدي وتباينه مؤخرا ليصل إلي ما يقرب من 18.5 مليار دولار خلال شهر يوليو الماضي بعد أن سجل في مايو السابق ارتفاعا قيمته 20.5 مليار دولار، بجانب ارتفاع معدلات التضخم الشهري ل0.71% في يوليو الماضي و8.4% تضخما سنويا لنفس الشهر بحسب ما أعلنه تقرير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، وارتفاع الدين العام المحلي ل1.9تريليون جنيه خلال ال11 شهرا الأخيرة، ووصول معدلات الفقر لأكثر من 26%. فعلي الرغم من تصريحات حكومة المهندس إبراهيم محلب، وعلي رأسها وزارة المالية برئاسة هاني قدري، عن زيادة الإنفاق علي البرامج الاجتماعية في الموازنة تحقيقا للعدالة الاجتماعية، وأن نسبة تلك المخصصات قد بلغت نصف النفقات العامة بما يجاوز 417 مليار جنيه، إلا أن الأوضاع مازالت لم تتغير ولم يشعر متلقي الخدمة خصوصا المواطن الفقير بالتحسن ولو بشكل نسبي. خبراء الاقتصاد علقوا على الممارسات الحكومية قائلين بأنها تؤدي لمزيد من التراجع الاقتصادي، محذرين من خطورة استمرار تلك الحالة على زيادة حجم الغضب لدى المواطنين، ومطالبين برحيل الحكومة لإخفاقها في كبح جماح التراجع الاقتصادي الراهن. الدكتور مصطفي النشرتي، أستاذ الاستثمار والتمويل بجامعة مصر الدولية، قال إن ما تقوم به حكومة محلب، ليس سوى ضجيج يسمعه القاصي والداني فقط، دون أن يترجم ذلك إلى إنجازات ملموسة على أرض الواقع، معتبرا أن كل ما تقوم به الحكومة هو تشكيل اللجان لمناقشة ما يطرأ داخل الدولة. وأضاف أنه من المؤسف أن تتطرق المناقشات لموضوعات سابقة كانت مطروحة في أنظمة سياسية أو حكومات سابقة، الأمر الذي ينم عن عدم إدراك الحكومة الحالية لوجود خطط قائمة لمشروعات سابقة إلا أنها توقفت بدون سبب واضح ومعلن، ليؤكد أن ذاكرة المسؤولين تكاد تكون ضعيفة للغاية، ولا تفكر في البحث عن أسباب توقف تلك المشروعات. ووصف النشرتي ممارسات الحكومة الاقتصادية بأنها فضيحة، خاصة التصريح بأنه تم تحقيق معدلات نمو مرتفعة خلال العام المالي الماضي، بينما هي لم تتجاوز 3%، على حد قوله، مشيرا إلي أن كل حكومة تأتي تعد باستهداف تحقيق معدلات نمو تصل ل7% سنويا وهو لم يتحقق حتي الآن. وأشار إلي أن الحكومة الحالية لا تصلح وينبغي رحيلها فورا، خصوصا وأنها لم تقدم شيئا للمواطن البسيط، وأنها لم تلتزم بتنفيذ رؤية الرئيس في ملف التنمية الاقتصادية، لدرجة أن وظيفة رئيس الوزراء أصبحت أشبه بالمفتش العام في عهد الخديوي إسماعيل الذي كانت مهمته البحث عن المشكلات وحلها، وحقيقة الأمر أن وظيفة رئيس الحكومة تتمثل في رسم السياسات التي يقوم بتنفيذها المختصون. وقالت هدي المنشاوي، مدير إدارة البحوث والتحليل الفني للمجموعة المصرية للأوراق المالية والخبيرة المصرفية، إن هناك ممارسات تقوم بها الحكومة ممثلة في البنك المركزي ووزارة الاستثمار والبورصة تؤدي لهروب الاستثمارات من الدولة، واللجوء لودائع البنوك لتمويل عجز الموازنة والتوسع في النفقات الحكومية. وأضافت أن ودائع البنوك منخفضة نظرا لوجود مشكلة في تدبير الدولار للمستوردين وتعويم الجنيه المصري، مما أدي لتراجع السيولة لانخفاض الطلب علي الدولار. وأوضحت أن البنك المركزي لجأ خلال الشهر الجاري لطبع ما يقرب من 7.5 مليار جنيه بدون غطاء نقدي، معتبرة ذلك بداية الكارثة لأي دولة نامية وليست مصر فقط. المنشاوي، أشارت إلى أن هناك اعتمادا كبيرا حاليا علي قناة السويس ومشروعاتها، مؤكدة أن العائد الاقتصادي من القناة مضمون ولكنه سيكون بعد أعوام وليس الآن، مشيرة إلي وجود أزمة حقيقية في الاقتصاد القومي بسبب تراجع إيرادات قطاع السياحة خصوصا بعد ثورة 25 يناير وحتى الآن، معتبرة أن ذلك القطاع كان مصدرا مهما في توفير النقد الأجنبي للبلاد. وأكدت أن عوائد البترول والغاز أيضا تراجعت، وبالرغم من ترشيد الحكومة وتوفير عشرات من مليارات الجنيهات للخزانة العامة، إلا أن تلك المبالغ يتم توجيهها للاستيراد السلعي في ظل ارتفاع سعر صرف الدولار، وأن الحكومة لا تجد مفرا إلا باللجوء لفرض الضرائب الجديدة علي المواطنين والشركات، وأن تلك التوجهات أدت لإغلاق عدد من الشركات والمصانع لأعمالها نظرا لتعرضها للإفلاس على حد قولها. معدلات التضخم تتزايد، والحكومة ليس لها مصداقية فيما تطرحه من بيانات وأرقام رسمية كثير منها متضاربة كما تقول المنشاوي، التي أشارت إلي أن الوزراء يطلقون تصريحات في الليل تختلف عما يقولونه في النهار وخصوصا الأرقام، وهذا بالتأكيد يقلل من وزنها أمام الرأي العام لأن تلك الأرقام لا يمكن الرجوع إليها، خصوصا أن ما تعلنه الحكومة شيء وما تنفذه شيء آخر، وبالذات فيما يتعلق بالموازنة العامة. وحذرت المنشاوي من أن استمرار سياسيات الحكومة الحالية يزيد الاحتقان لدى المواطنين، لأنها لا تعمل لخدمة الفقراء والطبقات المهمشة كما تصرح دوما، إذ إن التوجه الواضح هو لخدمة رجال الأعمال وحماية مصالحهم.