تحدث الرئيس عبد الفتاح السيسى مرارا وتكرارا عن ضرورة فتح آفاق جديدة تنطلق منها الدبلوماسية المصرية لإرساء دعائم العلاقات المتنوعة مع مختلف دول العالم، حيث يجرى الرئيس جولة جولة أسيوية، تشمل "سنغافورة والصين وإندونيسيا"، وسيسافر إلى سنغافورة يومي 4 و5 سبتمبر المقبل؛ تلبية للدعوة الرسمية التي تلقاها من نظيره السنغافوري، والتي تعد الأولى من نوعها لرئيس مصري. وتفتح زيارة دولة سنغافورة المجال أمام بحث سبل تطوير النقل البحرى المصرى؛ كونها تحتل صدارة النقل البحري وتعد الأولي عالميًا في مجال التجارة، خاصة أن النقل البحري في مصر يعاني الكثير من الأزمات، وهناك العديد من المناشدات خلال العام الحالي والماضي من الخبراء للرئيس من أجل إنقاذه لأنه السبيل لنهوض الاقتصاد المصري. استفادت سنغافورة من موقعها المتميز، على الرغم من عدم امتلاكها أهم ممر ملاحي مثل مصر "قناة السويس"، إلا إنها استطاعت أن تخلق لنفسها تجربة فريدة ومميزة فى النقل البحرى، خاصة في العمليات اللوجستية، بالإضافة إلى استحداث قوانين لجذب الاستثمارات كانت السبيل في نهوض نقلها البحري عن بقية دول العالم. بدأت العلاقات المصرية السنغافورية عام 1922، بمجرد استقلال الأخيرة، حيث كانت مصر من أوائل الدول التي اعترفت باستقلال سنغافورة، ما أسهم في تعميق العلاقات الثنائية بينهما علي جميع الأصعدة، وسعى الجانبان لتعزيز العلاقات الاقتصادية، من أجل مواكبة العلاقات السياسية، وبطريقة تتوافق مع تطلعاتهم. وتعتبر سنغافورة من عمالقة الاقتصاد في آسيا، حيث تتركز بها أكبر وأهم شركات الشحن العالمية، وتعد قناة السويس من أهم طرق الملاحة بالنسبة لها، كما أن شركتى "ميرسك" و"نورستار" العالميتين من أهم شركات النقل البحري المتمركزة في سنغافورة، والتي فضلتا استخدام قناة السويس كطرق بديل عن غيرها من طرق الملاحة البحرية العالمية، لما توفره من وقت ومال. تقول الدكتورة سلوي المهدي، خبير النقل الدولي، إن سنغافورة تعد الدولة الأولي في مجال النقل البحري بجميع وسائله، وتمتلك ميناء للتجارة العالمية الأول في العالم بلا منافس، موضحة أن استفادة "السيسي" من زيارة سنغافورة في الوقت الحالي، ستكون نقلة نوعية للنقل البحري، لكن لن يتم ذلك إلا بعد تطهير النقل البحري من القيادات الفاسدة المتواجدة به، التي يعمل أبناؤهم في موانئ مصر دون وجود خبرات لهم. وأضافت "المهدى" أن الخطوة الأولي في إصلاح النقل البحري، تكون بإنشاء قانون موحد للبحرية التجارية، وسياسة تكاملية لتشغيل الموانئ والمراكز اللوجيستية بما فيها محور قناة السويس حتى لا نكرر تجربة دمياط وشرق بور سعيد. من جانبه، قال الدكتور كريم عواد، أستاذ النقل بجامعة الإسكندرية، إن سنغافورة أعادت تأهيل موانئها خلال العشر سنوات الماضية، ونجحت في ذلك؛ لأن اقتصادها كان قويا في الأساس، مما ساعدها في تطوير الموانئ والاستفادة من اللوجيستيات في خفض مدة وزمن النقل البحري. وتابع "عواد" أن زيارة السيسي إلى سنغافورة ليست هدفها النقل البحري وحده، لكن هناك أهدافا دبلوماسية أخرى، مضيفا أن النظام الذي يدار به الملف البحري طارد للمستثمر المصري وغير جاذب للمستثمر الأجنبي، والقائمون عليه يعملون لصالح حفنة من المنتفعين – بحسب تعبيره.