تسبب اعتداء أفراد من بلدية غزة على عربة أحد الباعة المتجولين وتحطيمها ومصادرة الأغراض الخاصة بها وما تبعها من محاولة انتحار صاحبها بموجة من الغضب الشديد لدى الرأي العام في الشارع الغزي تجاه هذه الحادثة، وما تبع ذلك من ردود أفعال غاضبة على مواقع التواصل الاجتماعي وفي بعض الشوارع حيث قررت جهات مختلفة القيام بوقفات احتجاجية مناهضة لتصرف بلدية غزة بحق المواطن محمد أبو عاصي الذي قامت عناصر البلدية بتحطيم بسطته البسيطة التي يبيع عليها الذرة ومصادرة محتويات البسطة التي أطلق عليها أبو عاصي اسم "روتس الغلابة" و "روتس" هو اسم لأحد المطاعم الشهيرة في القطاع، حيث يحاول أبو عاصي من خلال هذا الاسم الإشارة إلى أنه يعيش بشكلٍ بسيط ويتمنى أن تتركه السلطات وشأنه دون إعاقة رزقته أو إيقافها كما حدث بالأمس. صاحب القصة هو الشاب محمد أبو عاصي والذي يمكث الآن في قسم العناية المركز بمستشفى الشفاء بمدينة غزة، وبدأت الحكاية عندما ذهب الشاب إلى البلدية لاسترجاع عدد من الكراسي البلاستيكية التي صادرتها البلدية قبل حوالي شهرين بحجة أنه يستخدمها في عمله لجذب الزبائن وأنها تعيق الطريق أمام المارة وتشوه المنظر الجمالي لشاطئ بحر غزة، إلا أنَّ موظفي البلدية قاموا بطرده وأبلغوه أنَّ ثمة "توصية" من رئيس البلدية بعدم إرجاع المقاعد إلى مكانها. وتحمل عربة ابو عاصي شهرة كبيرة مقارنة مع باقي العربات الأخرى المنتشرة نظراً لأنها تحمل اسم "روتس الغلابة" حيث يشير الاسم الأول إلى أحد أفخم المطاعم المعروفة في غزة ويعتبر رواده من الأغنياء. مواقع التواصل الاجتماعي ضجَّت بالعديد من التعليقات على الحادثة، وعدد من الوسوم "هاشتاغ" مختلفة حملت اسم #روتس_الغلابة ، #استقالة_رئيس_بلدية_غزة، وأخرى اتهمت البلدية بالتهاون مع تجاوزات مطاعم كبرى في المدينة. من جانبها قالت بلدية غزة في بيان صحفي حول الحادثة أنها ترفض تحميلها مسؤولية ما حصل مع أبو عاصي، مشيرةً إلى وجود "اسباقيات" له، ولا يمكن أن تتحمل البلدية ما أقدم عليه رغم الظروف القاسية التي نعيشها. وقالت البلدية، إنها تحاول أن توازن بين الأمور؛ فلا تترك المدينة للفوضى والعشوائية، والتي سيكون مردودها سلبياً على مجمل المدينة وسكانها، ولا تمنع بالكامل البسطات العشوائية والمخالفات في المدينة في ظلِّ الظروف الاقتصادية المتردية وأنها تحاول الموازنة بين الأمور. ونوَّهت البلدية إلى وجود ما يزيد عن 30 بسطة جرى السماح لها على كورنيش البحر، لكن ما تمنعه أن تتمدد على الكورنيش وأن تضع معرشات وكراسي وإغلاق المكان، وأكدت أنَّ دور البلدية يكمن في تنظيم الشوارع والأسواق وتنظيم البناء. موجة من الغضب والتذمر سادت الشارع الغزي، خصوصاً بعد محاولة الشاب أبو عاصي الانتحار وكان لكل واحد منهم رأيًا مختلفاً، فالشاب أحمد حسنين 20 عاماً قال في حوار مع البديل: "بعد أن تنتهي الشباب من الدارسة الجامعية لا يجدون وظائف فما الحل؟ هل يتوجه الشاب للتسول؟، عندما ينتهي الشاب ويريد أن يجمع لقمة العيش يقوم بعمل بسطة صغيرة ليبيع الذرة والنسكافيه وغيرها فلماذا تقوم البلدية بقطع الأرزاق؟ وبالنسبة للمنظر الحضاري فكثيراً ما نرى القمامة ملقاة في الشوارع وأمام النفايات، فهل هذا هو المنظر الحضاري الذي ترضى به البلدية؟". أما المواطن محمد أحمد فأفاد للبديل: "نمتلك شاليه خاص بنا في شارع البحر وقد قمت بالشكوى لدى البلدية حول البائعين الذين يقومون بوضع البسطات أمام الشاليه دون مراعاة خصوصية أصحابه ناهيك عن القمامة التي يتركونها وراءهم وإغلاق الرصيف مما يتسبب في إعاقة حركة المشاة وازدحام شديد في حركة السيارات"، ويضيف أحمد: "من المفترض أن تقوم الحكومة بتوفير مكان لهؤلاء الباعة ليقوموا بجمع أرزاقهم بعيداً عن الأماكن التي تتسبب فيها المشاكل وتنظيم العمل حتى لا يتوجه هؤلاء البائعين للسرقة والانحراف وحتى لا يسخط الشباب من الوضع المتردي أصلا". أما المواطنة سماح ماضي فقالت: "حسبي الله ونعم الوكيل، يجب على البلدية أن تراعي الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يمر بها السكان وأن لا تقوم بزيادة العبء عليهم، فالمواطنين لم يشتكوا من بائعي الذرة ولا من المشهد الجمالي والبلدية هدفها الوحيد هو فرض الضرائب على حساب الشعب المحاصر". زيارة القيادي في حماس، الدكتور محمود الزهار يُذكر أنَّ عدداً من المسؤولين قاموا بزياة الشاب محمد أبو عاصي بالمستشفى للاطمئنان عليه في محاولة لتهدئة الرأي العام وامتصاص غضب الجماهير، ومنع الشباب من الانفجار في وجه القوانين التي تفرضها بلدية غزة على الناس، ويحاول المسؤولون في القطاع السيطرة على الحادثة حتى لا تكون هذه الحادثة واحدة من الأحداث التي تذكرنا بالبو عزيزي وما كان لها من أثرٍ على الأحداث التونسية والعربية.