بدأت الدول الإفريقية في الاستعداد المباشر لمحاربة تنظيم بوكو حرام الإرهابي، لاسيما بعدما تمدد وتوسع نفوذه بعد إعلان ولائه لتنظيم «داعش» مارس الماضي، من خلال تشكيل قوة إفريقية واسعة تضم خمس دول هي نيجيريا حاضنه التنظيم والكاميرونوتشاد وبنين والنيجر الدول المهددة بصورة مباشرة من جراء عمليات يشنها التنظيم الإرهابي. وفي أوائل عام 2015 سعت الدول الخمس إلى التعاون لشن غارات تحد من تقدم التنظيم الإرهابي الذي يسيطر على مناطق واسعة في نيجريا، ويعد من الأسباب الأساسية لتشادوالنيجر في المشاركة بالحرب على بوكو حرام أن استيراد معظم احتياجاتهم من نيجيرياوالكاميرون، فالمحور من منطقة «مايدوغوري» مرورا «بغامبورو» وحتى من خلال الكاميرون وصولا إلى تشاد، تم غلقه كليا من قبل بوكوحرام، فالجيش النيجيري كان غائبا تماما عن كل المواقع التي هي موجودة على المحور الذي قامت بوكوحرام بالسيطرة عليه". كما أحكم التنظيم سيطرته على مناطق واسعة في نيجيريا تبلغ مساحتها نحو 30 ألف كلم مربع وتوجد بها 20 مدينة، واتخذت منها قاعدة لانطلاق عملياتها والتمدد نحو البلدان المجاورة في مسعاها لإقامة ما تسميها «الإمارة الإسلامية» على كل البلدان الواقعة حول بحيرة تشاد (نيجيريا، الكاميرون، النيجر، تشاد)، وضمن هذا الأفق كثفت «بوكو حرام» خلال الأشهر الأخيرة من هجماتها عبر الحدود فشملت الكاميرونوالنيجر، إضافة إلى تشاد التي سبق أن هاجم مقاتلوها عاصمتها نجامينا قبل شهور. أدت عملية مشتركة قامت بها نيجيرياوتشادوالنيجر في مارس إلى طرد بوكو حرام من مدن بشمال شرق نيجيريا ، وأجعت هذه الضربات الجماعة وهو ما نقلته الوكالات من إقدام «بوكو حرام» على إعدام 29 من مقاتليها على الطريقة الداعشية، حيث قطعت رؤوسهم، وكشفت الأخبار أن الجماعة تصرفت بتلك الوحشية حتى تفرض الانضباط في صفوفها، إذ كان المعدمون غادروا معسكرهم بإحدى الغابات وفي نيتهم تسليم أنفسهم للقوات الحكومية، كما قتل التنظيم المئات في الشهور الثلاثة الأخيرة في تلك الدول الثلاث وكذلك في الكاميرون، ومنذ ذلك الوقت، تباطأت حكومات المنطقة في إنشاء قوة المهام المشتركة التي كان يفترض أن تبدأ عملها في 31 يوليو، إلا أنه حدث مؤخرًا تطورا جديدا حيث وضع رؤساء أركان الدول الإفريقية المعنية بمواجهة التنظيم الإرهابي اللمسات الأخيرة على تفاصيل نشر القوة الإقليمية المكلفة بالقضاء على هذه الجماعة النيجيرية، ومن المفترض أن تسمح قوة التدخل المشتركة المتعددة الأطراف بتنسيق الجهود المشتتة لمختلف الجيوش بشكل أفضل. رئيس أركان الجيش التشادي الجنرال إبراهيم سعيد قال إن "هذا الاجتماع يشكل مرحلة حاسمة على طريق جعل القوة المشتركة المتعددة الأطراف عملية"، مضيفا لقد "حان وقت الانتقال إلى الأفعال وعلى القوة المشتركة المتعددة الأطراف اتخاذ الإجراءات التي تفرض نفسها لتحمل مسؤولياتها في أسرع وقت للقضاء" على بوكو حرام. خرج من الاجتماع معلومات تتحدث عن أن رؤساء الأركان حددوا مساهمة كل بلد في القوة الإقليمية التي يفترض أن تشمل 8700 عسكري وشرطي، موضحا أن نيجيريا ستشارك في هذه القوة ب 3750 رجلا، وتشاد بثلاثة آلاف والكاميرون ب 2650 والنيجر بألف، وبنين ب 750 . يرى المحللون أن الحديث عن القضاء على "بوكو حرام " في أجل قريب يبدو غير واقعي، ففي مواجهة التضييق على تحركات مقاتليها، تلجأ الجماعة إلى تنفيذ ضربات دموية اعتمادا على نساء وطفلات انتحاريات يتسللن وسط الجنود أو إلى أماكن مأهولة، ويفجرن أنفسهن. وهي ضربات باتت تربك خطط القوات الأفريقية المتحالفة التي تضطر في بعض الأحيان إلى الانسحاب، حرصا على أرواح المدنيين. ويمثل تنظيم بوكو حرام تهديدًا واسعًا على منطقة شمال إفريقيا خاصة دولتي ليبيا والجزائر التي تربطهم حدود واسعه مع دول تشادوالنيجر، والذي يهدد التنظيم الإرهابي بالتوسع نحو هذه البلدان ، كما أن دول شمال إفريقيا تعاني من تنظيمات إرهابية مشابهة في الأفكار والأهداف، لبوكو حرام مثل جماعة الجهاد والتوحيد في مالي وشمال إفريقيا. وخلال اجتماع الجامعة العربية الأخير، طالب وزير الخارجية الليبي النظر إلى الوضع في إفريقيا، قائلا إن هناك علاقة وطيدة بين الأعمال الإرهابية التي تجرى في ماليونيجيريا وما يجرى في ليبيا، وأنه لا يمكن الانتظار طويلا حتى يستفحل خطر "داعش" الإرهابي والجماعات الإفريقية المتحالفة معه في شمال افريقيا.