ءمسجد الفكهاني أنشأه الخليفة الظافر وتمتلئ أسواره بالبضائع القمامة وأكشاك الملابس والمفروشات تغطي معالم جامع الغوري محلات "الأوقاف" تغلق بوابة المتولي.. والمصلون يهجرون "ابن برقوق" من بداية شارع المغربلين إلى شارع الغورية، يمتزج الحنين للماضي بعبقوعراقة الأماكن التي تبوح بكم هائل من الذكريات عن أحداث وسير وفنون وبناء وعمارة وصراع مملوكي وعثماني، ملحمة متعددة الفصول تحكى تاريخ بقعة عزيزة لطالما شهدت أشهر وأقوى الأحداث التى حفرت فى التاريخ سطورا مهمة. "البديل" تجولت في المنطقة لمشاهدة المباني الأثرية التي تزخر بها المنطقة، ورصد ما لحق بها من تغيرات وما طالها من تشوه في ظل غياب ثقافة الحفاظ على الآثار. مسجد الفكهاني يعج المسجد بآلاف المصلين العابدين، مع دروس لتحفيظ القرآن يلقيها أئمة وفقهاء كبار، شعرنا معهم بشهر رمضان وروحانياته وأنواره، وترجع تسمية الجامع بهذا الاسم لوجود سوق لتجارة الفاكهة بجواره، وهو أحد الآثار الفاطمية، أنشأه الخليفة الفاطمي الظافر بنصر الله، عام 1148م، لا يعكر صفوه سوى وجود بعض السلبيات مثل تكدس الباعة الجائلين المتراصين على جانبي الشارع، وقد اتخذوا من أسوار المسجد مكاناً لعرض بضائعهم من ملابس وأقمشة ومفروشات، بجانب المتسولين الذين ينامون داخل المسجد ويفترشون سلالمه. مررنا أثناء سيرنا على "سبيل محمد علي"، تلك التحفة الفنية المعمارية التى تفوقت على مثيلاتها، والأثر الهام والوحيد الذى بناه محمد علي، من الأسبلة كصدقة جارية على روح ابنه إسماعيل باشا، وللأسف وجدنا الملابس والمعروضات والعديد من المنتجات معلقة على السبيل والباعة من حولها يتزاحمون. سوق الغورية عند دخولنا سوق الغورية أشهر أسواق القاهرة وجدنا الآلاف من أهالي مصر وقد وفدوا من كل المحافظات لشراء المنتجات الحريرية وأقمشة التنجيد ومستلزمات العرائس والصينىوالحلي (الإكسسوارات). السوق يمتلئ بمشاهد سيئة وقميئة، فالقمامة تنتشر فى كل مكان، وحالة الآثار متردية للغاية للدرجة التي تبدو معها وكأنها مبانٍ قديمة بالية لا قيمة لها. أماالباعة الجائلون فيتزاحمون ويتواجدون في كل شبر بعشوائية وبما يعيق حركة السير فى الشارع، والمتسولون ينتشرون فى كل مكان وبينهم نساء وأطفال. مسجد الغوري من أهم المساجد الأثرية التاريخية بالغورية، وتكاد معالمه تختفي من كثرة انتشار أكشاك الملابس والإكسسوارات والأقمشة، وبسبب فوضى البائعين الذين قاموا بعرض بضائعهم وتعليقها فى ساحة المسجد وبيعها للمواطنين. جامع الصالح طلائع وبمرورنا بسوق المغربلين، وجدنا جامع الصالح طلائع، وحوله تنتشر من الجانبين محلات الأقمشة والمفروشات والخيام والسجاجيد. بوابة المتولي أما بوابة المتولي فتحيط بها المحلات والأكشاك المستأجرة من وزارة الأوقاف، وينتشر الباعة الجائلون والمتسولون، وتملؤها القمامة. وأمام البوابة يوجد مسجد فرج بن برقوق، الذي أصبح مهملا ومهجورا وبلا زوار، تحيطه من الجانبين محلات وباعة المنتجات الخشبية والألومنيوم. الدكتور حجاجي إبراهيم، أستاذ الآثار، قال إن ما آلت اليه آثار القاهرة القديمة يدل على أنها لم تعد محل اهتمام المسؤولين، وشيئا فشيئا ستفقد قيمتها التاريخية كرمز يميز المدينة نظرا لما يتهددها من أخطار، فما يحدث بشأن تأجير المواطنين للأماكن الأثرية القديمة من وزارة الأوقاف هو خطأ قديم، وللأسف استمر إلى الآن، وعلى وزارة الآثار تصحيح هذا الوضع.وأكد أن الوزارة لديها عدد كبير من شباب المفتشين ذوي الخبرة فى العمل على المواقع التراثية، وكثير منهم متخصصون فى مجالات محددة مثل الحفظ والترميم وعلوم الآثار، مطالبا بضرورة تطوير سبل التعاون بين مصر واليونيسكو فى المستقبل، من أجل دعم مصر بجميع الوسائل وتوفير خبراتها وجهودها فى هذه الاتجاهات، وتعزيز المشاركة الدولية فى مشروع تطوير القاهرة الفاطمية. حجاجي، أشار إلى أنه يجب العمل على تنفيذ مشروعات اقتصادية وسياحية ترتبط بأى متحف أو موقع أثرى بغرض توفير الموارد المالية للصرف على هذا الأثر، كما يمكن أن يخدم هذه المشروعات أهالى هذه المدن والمحافظات. وناشد وزارة الآثار سرعة التحرك ومعها كل الجهات المعنية لإنقاذ أهم المعالم الأثرية في القاهرة من الانهيار والتشويه، خاصة في المرحلة الحالية التي تسعي فيها مصر إلي جذب السياح من كل أنحاء العالم لتعويض الاقتصاد المصري الذي يواجه الصعوبات. من جانبه، طالب الدكتور مختار الكسباني، أستاذ الآثار الإسلامية، واستشاري مشروع تطوير القاهرة التاريخية فيقول.. بضرورة تكاتف الجهات المعنية من أجل الحفاظ على القاهرة التاريخية من خلال الاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية والبشرية بالمنطقة، وكذلك التخطيط السليم، بالإضافة إلى تطبيق مفهوم التنمية المستدامة والذى يشمل الإنسان كمورد بشري من زيادة الوعي والإدراك بقيمة التراث الحضاري والإنساني، وأخيراً نظام الإدارة الحكومية من حيث مستوى كفاءة وفاعلية النظام الإداري، فى الحفاظ على الإرث التاريخى من الضياع. وأوضح أنهناك عقوبات مشددة ما بين الحبس سنة تزيد إلى 7 سنوات، والغرامة التي تتراوح بين 10 آلاف و100 ألف جنيه، لكل من يسبب تشويها للآثار، مشيرا إلى أن هذه العقوبات أصبحت مجرد نصوص قانونية وحبر على الورق ولا يطبق منها بند واحد.