اتجهت الحكومة المصرية خلال الأيام القليلة الماضية لتعزيز التعاون المشترك مع دولة السودان في المجال الزراعي؛ من خلال تعزيز وتنمية دور الشركة السودانية المصرية للتكامل، بإعادة هيكلتها، كما جاء في توصيات الجمعية العمومية المنعقدة بالقاهرة بداية الشهر الجاري، للنهوض بها ووضعها على الطريق الصحيح، لتمارس نشاطها في زراعة المحاصيل الزيتية ومحاصيل الأعلاف وتطوير نشاط الإنتاج الحيواني كخطوة في طريق التعاون المشترك بين البلدين، لتصبح نموذجا لكل الأنشطة الزراعية، بالإضافة إلى إنشاء شركة لإنتاج تقاوي المحاصيل الزراعية. قال الدكتور هيثم ممدوح، رئيس قسم الهيدروليكا والري بهندسة الإسكندرية، إن تأسيس شركة مصرية سودانية مشتركة للاستصلاح الزراعى فى السودان، قرار سياسى صائب لتحسين وتوطيد العلاقة بين البلدين، وإن قرار الشركة البدء فى استصلاح 100 ألف فدان في مدينة "الدمازين" جاء من منطلق الحرص على استغلال المساحات الشاسعة في السودان القابلة للزراعة، والتى تصل إلى 126 مليون فدان غير مستصلح منها سوى 4 مليون فدان فقط بنسبة 3% من أراضى السودان الصالحة للزراعة، مؤكدا أن المردود الاقتصادى للمشروع في الأراضى السودانية سيكون إيجابيا على أرباح الشركة. أضاف "ممدوح" أنه وفقاً لاتفاقية توزيع المياه بين مصر والسودان سنة 1959، فإنه يتم توزيع إيراد نهر النيل الصافى بين الدولتين بنسبة 3 إلى 1 بين مصر والسودان، مما جعل نصيب مصر 55.5 مليار متر مكعب، والسودان 18,5 مليار متر مكعب، موضحا أن مصر تضع دائما مصالح السودان قبل مصالحها من منطلق حرصها الشديد على توطيد العلاقات بين البلدين، فمع بداية تأسيس السد العالى عام 1960، حرصت مصر وفقا لاتفاقية 1959 على إعطاء السودان مكاسب تزيد على ضعف مكاسبها جراء إنشاء السد العالى، فاكتسبت السودان 14,5 مليار متر مكعب نتيجة إنشائه، بينما اكتسبت مصر 7.5 مليار متر مكعب، وتم تخفيض نسبة توزيع مياه النيل بين الدولتين من 12 إلى 1 وفقا لإتفاقية 1929، إلى 3 إلى 1 وفقا لاتفاقية 1959. على الجانب الآخر، قال الدكتور نادر نور الدين، أستاذ الأراضي والمياه بزراعة القاهرة، إن ولاية النيل الأزرق المزمع إقامة المشاريع الزراعية بها، تقع على الحدود الإثيوبية، وكانت تعتمد على مياه الفيضان في الزراعة، والآن تنتظر التخطيط السوداني الإثيوبي بتوصيل ترعة من خلف السد حتى ولايتي النيل الأزرق، مضيفا أن السودانيين هناك موالون لإثيوبيا بما لا يؤمن الاستثمارات المصرية هناك. وأشار "نور الدين" إلى فشل الاستثمار الزراعي المصري في السودان طوال العشرين عاما الماضية، بخلاف سرقة جميع المعدات المصرية أو تدميرها، مطالبا الحكومة المصرية قبل استئناف مشروعاتها فى السودان، بالحصول على ضمانات، كما حدث مع مباني جامعة القاهرة بالخرطوم التي تم تأميمها من هجوم المتمردين وغيرهم. وأكد أستاذ الأراضي والمياه بزراعة القاهرة، أن الزراعة في دولة تنزانيا أكثر استقرارا وجدوى عن نظيرتها السودانية التى تفتقد البنية الأساسية، الأمر الذى يدفع المستثمر إلى شق الترع والمصارف وحفر الأبار، لتعود إلى الحكومة السودانية بعد 25 أو 49 عاما، طبقا لقانون الاستثمار هناك، الذي يحرم تمليك الأراضي، لتكون العلاقة حق انتفاع فقط لمدد معينة. وفى الوقت نفسه، رحب "نور الدين" بالاستثمارات فى السودان إذا كان ستعمل على تقارب وتحسين العلاقات بين البلدين، وتهدئة الروح العدائية التي يبثها النظام الحاكم في السودان ضد مصر، مطالبا بضرورة أن تستهدف المشاريع زراعة مليون فدان؛ ليكون هناك مردود فعلي في سد جزء من الفجوة الغذائية التي تمر بها مصر في الوقت الحالي، خاصة فى محاصيل الزيوت "عباد الشمس والصويا"، وقصب السكر المستنزف للمياه، والذرة الصفراء لصناعة الأعلاف التي نستوردها من الخارج، بالإضافة إلى القطن قصير التيلة، بجانب إقامة مشاريع للثروة الحيوانية وتربيتها على المراعي الطبيعية لصالح سد فجوة اللحوم الحمراء.