في الوقت الذي يشتعل فيه الداخل السعودي بالتفجيرات المتلاحقة، ويتواصل نزيف حمام الدم اليمني والغارات والمجازر على يد الطيران السعودي، وفي الوقت الذي تعاني فيه السعودية من عجز لأول مرة منذ ست سنوات في موازنة الدولة، يتجه العاهل السعودي "سلمان بن عبد العزيز" إلى فرنسا لقضاء عطله صيفية، تاركاً خلفه آلاف القتلى والجرحي والمشردين. وصل الملك السعودي "سلمان بن عبد العزيز" السبت الماضي إلى "نيس" في جنوبفرنسا، حيث حطَّت طائرتان من نوع "بوينج 747″ تابعتان للخطوط الجوية السعودية في مطار "نيس"، لتقلان الملك وحاشيته المكونة من 1000 شخص على الأقل، وبعد إقامة مراسم الاستقبال للملك "سلمان" في المطار، انتقل مع حاشيته إلى بلدة "فالوريس" حيث الفيلا التي يملكها هناك والتي تشرف على شاطئ تم إغلاقه أمام العامة لتأمين الملك. استقبال الوفد الملكي السعودي تطلب إفراغ البلدة من قاطنيها، بل إغلاق الطرق والفنادق لحاشية الملك الذين يتطلب عددهم مدينة كاملة للإقامة فيها، فقد حجزت السفارة السعودية ما لا يقلّ عن 400 غرفة في الفنادق الفخمة على جادة لاكروازيت في مدينة "كان"، وأربعين غرفة أخرى في "كاب دانتيب"، في حين سيقيم المقربون من الملك في الفيلا الضخمة التي تمتد الأراضي التابعة لها على طول نحو كيلومتر على الساحل في خليج جوان بمنطقة فالوريس قرب مدينة كان. مع وصول الملك إلى الفيلا الخاصة به، دخلت سيارة من نوع "مرسيدس" بيضاء تتقدمها دراجتان ناريتان تابعتان للشرطة، وتتبعها سيارة إسعاف فيلا الملك في فالوريس، وقد أقفلت السلطات الفرنسية الطرق المحيطة بالفيلا لدقائق قبيل وصوله، كما دخلت سيارات فاخرة في مواكب عدة بعد ذلك الفيلا نفسها برفقة عناصر من الشرطة الفرنسية. من جانبها قالت إدارة منطقة الألب ماريتيم إنها وقعت قبل وصول الملك على قرارًا يمنع الدخول إلى الشريط الساحلي المقابل للفيلا في فالوريس بالقرب من مدينة كان، على أن يدخل هذا الإجراء حيِّز التنفيذ اعتبارًا من صباح اليوم الذي يصل فيه الملك إلى البلدة، بينما يرابط عناصر من الشرطة عند مدخل شاطئ ميراندول والطريق المؤدي إليه على طرفَي الفيلا، كما صدر قرار يمنع الملاحة في البحر، اعتبارًا من ظهر السبت في شريط ساحلي يبلغ عرضه 300 متر حول الفيلا. قرار منع أي شخص من التوجه إلى الشاطىء أثار سخط وغضب رواده، فعلى عكس السلطات الفرنسية، لم يهتم الشعب الفرنسي بالمنافع الاقتصادية ورواج التجارة في المنطقة التي يقيم بها الملك، حيث وقع أكثر من مائة ألف شخص من سكان بلدة فالوريس الواقعة على ساحل "الريفييرا" عريضة احتجاج ضد ما اعتبروه خصخصة شاطئ "ميراندول" المواجه لفيلا يقيم فيها الملك "سلمان"، وقالت إحدى رواد الشاطيء، "هل ملك السعودية أو أي ملياردير آخر لهم الأفضلية على عامة الشعب؟"، فيما يقول آخر "حرمنا من قضاء إجازاتنا بسبب قدوم ملك، لا يجب أن يتم وضع الملوك قبل المواطنين من أي جنسية كانوا، سواء فرنسية أم أوروبية أم أي جنسية أخرى". يستعيد الملك "سلمان" تقليدًا أطلقه الملك "فهد" الذي كان يمضي إجازاته في هذه الفيلا منذ شرائها عام 1979، وحتى وفاته في عام 2005، في حين لم يقض سلفه الراحل "عبد الله" أي عطلة صيفية في الكوت دازور، لكن الملك "فهد" لم يأت يوماً مع وفد مرافق بهذا الحجم، والذي تتداول أنباء عن أن زوار سعوديون جدد سيلحقون بالملك خلال عطلته، وسينزلون في فنادق مختلفة على "الريفيرا". العطلة الضخمة التي يقضيها الملك السعودي وحاشيته تأتي في الوقت الذي تعاني فيه المملكة من تحديات اقتصادية إثر تراجع أسعار النفط إلى مستويات قياسية، حيث أعلنت وزارة المالية السعودية أن موازنة الدولة لعام 2015 تعاني عجز للمرة الأولى في ست سنوات بقيمة 145 مليار ريال سعودي، نتيجة لتراجع أسعار النفط، ووفقًا للموازنة بلغت النفقات العامة 860 مليار ريال ما يعادل 229.3مليار دولار، ما يشير إلى ارتفاع الإنفاق الحكومي لمستوى قياسي رغم التحديات الاقتصادية، من 855 مليار ريال في الموازنة الأصلية لعام 2014 حين سجل أول خفض في الإنفاق منذ عام 2002.