على وقع التفجيرات الإرهابية والهجمات الدموية وتشييع مئات الجثامين قضى العراقيون عيدهم، ففي الوقت الذي استعد فيه الأطفال والرجال والنساء للخروج في احتفالات عيد الفطر كانت السيارات الداعشية الملغمة بأطنان من المتفجرات في انتظارهم، لتسرق فرحتهم وتتبدل ملابس العيد بالأكفان، وتتحول الضحكات وأناشيد العيد إلى صرخات رعب وعويل، وتصبح أصوات الانفجارات بطلة المشهد، ويتحول سوق بلدة "خان بني سعد" الذي كان يعج بالمحتفلين إلى مكان منكوب شاهد على سقوط مئات القتلى والجرحى. أكثر من 120 قتيلا و130 جريحا هي الحصيلة التي خرجت بها العراق في أعنف تفجير إرهابي تتعرض له هذا العام، وهو ما دفع السلطات المحلية بمحافظة ديالى لإعلان الحداد لمدة ثلاثة أيام، وألغت فعاليات احتفالية كانت ستقام خلال أيام العيد، حيث تبنى تنظيم "داعش" التفجير في سوق بني سعد ببعقوبة، وأعلن في بيان له على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" مسئوليته عن العملية، مشيرًا إلى أن منفذ هذه العملية انتحاري يدعى "أبو رقية الأنصاري"، وقال التنظيم الإرهابي إن السيارة الملغومة كانت تحمل نحو ثلاثة أطنان من المتفجرات. انتشلت قوات الحماية المدنية أشلاء الضحايا من الأطفال والنساء والرجال من مكان التفجير، لتعلن أكثر من مائتي قتيل وجريح، فيما بقي العديد من الأشخاص في عداد المفقودين الذين لم يظهر لهم أثر، أما من ناحية الأضرار المادية فقد لحق بالمكان أضرار كارثية، حيث تهدمت العديد من المباني بفعل قوة التفجير. من جانبه أكد رئيس الوزراء العراقي "حيدر العبادي" أنه لا مكان للعصابات الإرهابية في العراق، متوعدًا بالنيل منها وعدم إفلاتها من العقاب، وأضاف "العبادي" أن عصابات داعش الإرهابية ارتكبت جريمة التفجير الإرهابي الذي طال المدنيين في ناحية "بني سعد" بعد الانتصارات التي حققتها القوات العراقية في جميع القطعات ومنها عملية تحرير الأنبار. أدان الأمين العام للأمم المتحدة "بان كي مون" بأشد العبارات الهجوم الدموي الذي استهدف سوقاً شعبية مكتظة في بلدة خان بني سعد بمحافظة ديالى شمال شرق العاصمة بغداد، وعبر المتحدث باسم الأمين العام عن أمله بتقديم مرتكبي هذه "الجريمة البشعة" على جناح السرعة إلى العدالة، مؤكدًا تضامنه مع شعب وحكومة العراق. بدوره بعث الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين"، برقية إلى الرئيس العراقي "فؤاد معصوم" ورئيس الوزراء "حيدر العبادي"، أعرب فيها عن تعازيه بضحايا هجوم جماعة "داعش" الارهابية، وأفاد الكرملين أن "بوتين" أكد في برقيته دعم موسكو ومساندتها "للشعب العراقي في كفاحه الطويل والشاق ضد القوى الإرهابية"، وفي وقت سابق دانت وزارة الخارجية الروسية بشدة الهجوم الإرهابي، وقالت الوزارة في بيان إن "هذه المأساة يجب أن تكون حافزا لدول المنطقة لتوحيد جهودها في التصدي لتهديد الإرهاب العالمي. عربيًا؛ أدان الأمين العام لجامعة الدول العربية "نبيل العربي" بأشد العبارات الهجوم الانتحاري في بلدة "خان بني سعد"، مستنكرًا استهداف التجمعات المدنية وترويع الآمنين من خلال مثل هذه الهجمات الإرهابية، وأكد "العربي" مجددًا على أن مثل هذه الأنشطة إنما تستوجب تحركًا جماعيًا جادًا عربيًا وإقليميًا ودوليًا من أجل القضاء على الجماعات الإرهابية واجتثاث جذورها من المجتمعات، مجددًا تضامن الجامعة العربية التام مع العراق في جهوده لمكافحة الإرهاب والقضاء عليه. أما المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة "ايسيسكو" فقد أدانت بشدة التفجير الانتحاري الإرهابي، وقالت "إن هذا العمل الإجرامي الذي أعلنت "داعش" مسؤوليتها عنه، هو جريمة نكراء في يوم عظيم هو أول أيام عيد الفطر المبارك، ودليل أكيد على مروق هذه الفئة المجرمة عن سواء السبيل ومخالفتها تعاليم الإسلام، التي تدعي زورا وكذبا انتمائها إليه".