الأوضاع الاقتصادية في قطاع غزة تعكس صورتها الحقيقية في الأسواق، وذلك مع اقتراب حلول عيد الفطر السعيد، وفي أواخر أيام شهر رمضان المبارك، حيث يستعد المواطن الفلسطيني لاستقبال العيد ومستلزماته التي يحتاجها، لا سيما التحضير لمظاهر الاحتفال بالعيد في كل بيت فلسطيني، يقر الفلسطينيون في هذا العيد بأنهم أقدر على الحياة، وأكثر إصراراً على الحياة بعد عامٍ كاملٍ على العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة. خلال هذه الأيام القليلة التي تتخللها أجواء استقبال العيد، من المفترض وكما جرت العادة أن تكتظ المحال التجارية بالمواطنين لشراء احتياجات العيد المتنوعة، حيث يكون النصيب الأكبر من الازدحام على محلات الملابس بشكل عام، وخصوصاً ملابس الأطفال والنساء، لكن الملاحظ خلال العام الحالي أنَّ هناك إقبالاً قليلاً على تلك المحلات، ربما يعزو السبب في ذلك إلى اشتداد الحصار وغلاء الأسعار، مقابل قلة الدخل لدى المواطنين والشباب، وانعدامه عند البعض الآخر من الناس الذين يعيشون على المعونات التي تقدمها الحكومة والجهات المانحة. وخلال رحلة أجراها طاقم البديل في سوق جباليا الواقع إلى شمال قطاع غزة، قال المواطن محمد أبو حامد -36 عاماً- فيما يتعلق بأحوال السوق: "عندما ذهبت إلى السوق لشراء بعض مستلزمات العيد، لاحظت ارتفاعاً كبيراً في الأسعار، من ارتفاع لسعر الملابس سواء للصغار أو للكبار، حتى أسعار الحلوى واللوازم التي نحتاجها خلال العيد، وكأننا نعيش في أوروبا وسط معدل دخلٍ منخفض لا يتناسب مع هذه الأسعار الباهظة". وأضاف أبو حامد أنَّ بعض التجار يستغلون المواطنين بارتفاع الأسعار سيما وأنَّه في العيد الماضي قد تكدست بضائعهم ولم يكن باستطاعتهم بيع البضائع بسبب العدوان الأخير على القطاع، متمنياً من وزارة الاقتصاد والجهات ذات العلاقة بمتابعة ومراقبة التجار في الأسواق حتى لا تخرج الأمور عن مسارها ولا تزداد العقبات أمام المواطنين في غزة. أما عن التاجر سليم أبو مرزوق، جالسٌ في دكانه وسط السوق، أفاد: "أيام معدودة ويأتي عيد الفطر، والأوضاع الاقتصادية في القطاع تزداد سوءً، فقد انخفضت المبيعات إلى أكثر من الثلثين بسبب عدم تقاضي الموظفين رواتبهم, والأحوال الاقتصادية السيئة العامة في البلد"، وتابع أبو مرزوق: "الناس يأتون إلى السوق وكأنهم قد جاؤوا إلى نزهة، لا أحد يريد أن يشتري وكأنَّهم يشعرون بغصة في قلوبهم وسط كافة التحديات التي يمرون بها وضيق الحال". بينما تختلف آراء المواطنين حوال الأوضاع الاقتصادية، وحركة الشراء إيجابية للبعض، إلا أنها سلبية بالنسبة لموظفي غزة والذين لم يتقاضوا رواتبهم حتى اللحظة في ظل تأخر حكومة التوافق عن أداء عملها الفعلي وإيجاد حلول حقيقية لأزمة الموظفين في قطاع غزة. من جهته أكد المقدم سالم زيارة، مدير فرع شرطة بلدية غزة أنَّ أجهزة الشرطة قد وضعت خطة كاملة لمراقبة السوق والحفاظ على استمرارية الحركة وخاصة في المناطق الحيوية والمركزية. وذكر المقدم زيارة أنَّ شرطة البلديات تقوم بجهود حثيثة من أجل تنظيم الأسواق وإزالة كافة العراقيل التي تعيق حركة المواطنين وتخفيف حالة الازدحام الكبيرة التي تحدث في الأسواق خاصة في الأيام العشر الأواخر من رمضان. وبيَّن أنَّ بلديته وبالتسيق مع الإدارة التابعة لوزارة الداخلية كشرطة التدخل وحفظ النظام والمرور وشرطة النجدة تقوم بمراقبة الأسواق وإزالة التعديات التي تحدث من قبل التجار. في ذات السياق، صرح وكيل وزارة الاقتصاد الأستاذ عماد الباز: "الوزارة أعلنت حالة الطوارئ، وهناك فرق تفتيشية تعمل على مدار الساعة في الليل والنهار للتأكد من وصول السلع إلى المواطن بمواصفات وأسعار مناسبة. في هذه الأيام تبذل الوزارة جهوداً كبيرة من أجل الحفاظ على حقوق المواطنين في الشراء وفي نوعية السلع المقدمة لهم، إضافة إلى عملية مراقبة أسعار السلع والاحتكار وغيرها من التعديات التي يمكن أن تحدث خلال فترة انتهاء شهر رمضان وحلول عيد الفطر". وبهذا تطالع البديل على حالة السوق الفلسطيني والمتأثر كغيره من الجوانب بالحرب الأخيرة على القطاع، والتي تركت أثرها على كافة معالم الحياة في هذه المدينة، بما فيه من شحٍّ في الموارد وقلة في الدخل والإقدام على الشراء. يُذكر أنَّ وفي موسم العيد الماضي بسبب حرب العصف المأكول لم تصرف بضاعة أغلب البائعين، وما زال بعضها موجوداً حتى اللحظة في المخازن الخاصة بالتجار، ما استدعى عرضها في الأسواق بنصف الثمن؛ ليتمكن البائعون من جمع ثمنها، ومن ثم تسديده للموردين