*تياترو القباني قبل البدء، يسحب العرض جمهوره إلى عالمه، فالدخول للعرض بالمرور خلال ديكورات لأجواء مسرح قديم سُمي «تياترو القباني»، بألوان وموتيفات من القرن التاسع عشر، اختار مصممه شادي قطامش، أن يعبر عن حالة بدايات المسرح الذي لم يقدم في مباني مغلقة، واستكملت الدعاية مهمة إعداد الجمهور لعرض يمثل رحلة في الزمن فأخذت شكل دعوة من فريق العمل لعرض في تياترو قديم، واستخدم المخرج الجوقة المسرحية لتقديم عرضه، ولرواتها، خفاف الظل، ملابس مابين العصري والقديم، كأنها أزياء تلاميذ وبهلونات، واستعان بعناصر الفرجة الشعبية ومنها الأراجوز وخيال الظل، وأحاطت أفيشات لأفلام قديمة منها «أريد حلًا» و«كلمة شرف»، جوانب التياترو، كنماذج لأفلام أثرت في المجتمع وغيرت قوانين، لتثبت أن الفن قادر على التأثير والتغيير. انحاز المخرج للعبة التمثيل داخل العرض. ليستذكر الصعوبات التي مر بها القباني في محاولته إنشاء مسرح في دمشق، مستعينا بأغاني تراثية، بعضها مصري، ومن تراث القباني، إضافة لأخرى كتبها للمسرحية الشاعر حامد السحارتي، ألحان وغناء ضياء الدين عبد الكريم، جمعت عذوبة الصوت ورُقي الكلمات. العرض بطولة أحمد عزت، محمد الأباصيري، نوال العدل، كريم فراج، أنغام أبوزيد، منة الفيومي، محمد عواض، إبراهيم نخلة، سيد عيد، محمود الفوي، نائل علي، هادي محيي الدين، محمد الشافعي ومحمد خلف، ديكور شادي قطامش، ملابس منار البيه، استعراضات محمد حبيب. المخرج خالد حسونه قال ل«البديل»: هذا عرضي الأول في مسرح الدولة، تقدمت به منذ 3 سنوات في عز صعود الإخوان والسلفيين، وأعدت صياغته ليتماس مع اللحظة الراهنة، النص يؤرخ ويؤصل لفترة هامة في تاريخنا العربي وهي نشأة المسرح في دمشق على يد القباني 1865، ويتناول صدامه مع الشيخ سعيد الغبرة، فالصراع بين الفن والمتشددين موجود في كل زمان ومكان، وجدته معبرًا عن همومنا الحالية حيث تتعالي المطالبة بخطاب ديني جديد، أردت التنويه عن دور الفن في التغيير في المجتمع إلى الأفضل. ويضيف «حسونة» حاولت تفكيك الوثائقية الشديدة في النص، وهي التي منعت تقديمه سابقًا، حتى يكاد يكون العرض الوحيد للكاتب السوري الكبير سعد الله ونوس، الذي لم يقدم في مصر، ورغم أننا حافظنا على تقديم غالبية العرض بالفصحى، إلا أننا حرصنا على تقديمه في صورة سهرة شعبية خفيفة. مؤسس المسرح العربي يذكر أن القباني، كان أول من أسس مسرحاً عربياً في القرن ال19، وقدم عروض مسرحية وغنائية وتمثيليات عديده. تأثر في بداياته بعروض مقاهى دمشق، مثل الحكواتي ورقص السماح، والفرق التي كانت تقدم عروضها في مدرسة العازرية، بمنطقة باب توما في دمشق القديمة. قدم القباني أول عرض مسرحي خاص به عام 1871، مسرحية «الشيخ وضاح ومصباح وقوت الأرواح» ولاقت نجاحاً كبيراً. عام 1879 أسس فرقته المسرحية وقدم في سنواته الأولى 40 عرضاً مسرحياً وغنائياً وتمثيليات، واضطر للاستعانة بصبية لأداء دور الإناث في البداية، مما استنكره المشايخ فشكوه إلي والي دمشق، وأوقفت عروضه إلى حين عودة مدحت باشا إلى ولاية دمشق حيث سهل له متابعة العمل. سافر إلى مصر مع مجموعة فنانين وأسس المسرح الغنائي، وقدم مسرحية أنس الجليس عام 1884، وتتلمذ على يديه الكثير من رواد المسرح، سافر إلى العديد من البلدان واقتبس لاحقاً من الأدب الغربي قصصاً ومسرحيات عالمية. وقدم عروضه في إسطنبول وأمريكا، وفي سنواته الأخيرة دون مذكراته، وتوفي في دمشق عام 1903، مسرحا باسمه مازال قائما في دمشق. اضافة للمسرح له اسهامات موسيقية ومن أهم ألحانه: يا مال الشام، يا غصن نقا، موشح بالذي أسكر.