"ستظل القضية الفلسطينية قضية العرب الأولى، وملفًا من ملفات السياسة الخارجية المصرية، فمصر تعلي مصالح الشعوب العربية على صغائر جماعات ضيقة، مصر التي أخذت على عاتقها الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني الشقيق، وستواصل مسيرتها لدعمه حتى يحصل على حقوقه المشروعة ويحقق حلمه وحلمنا جميعًا، دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو عام 1967، دولة مستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدسالشرقية". هذا هو ما جاء نصًا في كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي، أثناء حفل تنصيبه قبل عام، لكنه لم يجد صدى على أرض الواقع. اهتمت مصر بالقضية الفلسطينية على مدى سنوات طويلة، حيث كان للقاهرة الدور الرائد في مناصرة الشعب الفلسطيني، وعلى مدار سنوات طويلة تحرك زعماء مصر للدفاع عن القضية الفلسطينية بشتى الوسائل، لكن في الفترة الأخيرة ظهرت العديد من المؤشرات التي تؤكد تراجع صدارة القضية الفلسطينية عن دائرة الاهتمام الأولى لرؤساء مصر. بعد صعود الرئيس السيسي، إلى حكم البلاد، اشتدت العمليات الإرهابية المستهدفة للمقار الأمنية والعسكرية في شبه جزيرة سيناء، وقرر الرئيس إغلاق معبر رفح إلى أجل غير مسمى، وفتحه فقط لعبور الحالات الإنسانية، وهو ما شكل أزمة خانقة داخل قطاع غزة. بات سكان قطاع غزة في عزلة تامة عن العالم الخارجي، عقب إغلاق المعابر الحدودية والمنافذ التجارية، حيث في الوقت الذي أغلقت فيه مصر معبر رفح، أغلقت أيضًا السلطات الإسرائيلية معبري كرم أبو سالم، وبيت حانون، دون أن تحدد مدة إغلاقهما، وذكرت وزارة الداخلية في قطاع غزة إحصائية سابقة أصدرتها شهر مايو الماضي، أن "معبر رفح البري شهد أسوأ إحصائية للعمل منذ عام 2009، حيث تجاوزت فترة إغلاقه منذ بداية العام الجاري 130 يومًا، في حين عمل بشكل جزئي لمدة 5 أيام فقط". وتؤكد بيانات البنك الدولي أن "سكان غزة يعانون من سوء الخدمات العامة الأساسية وتدني جودتها، مثل الكهرباء والمياه والصرف الصحي، ويحصل نحو 80% من سكان القطاع على شكل من أشكال الإعانة الاجتماعية المحدودة من منظمات دولية، ولا يزال 40% منهم يقبعون تحت خط الفقر". على الرغم من أن الرئيس السيسي، صرح مرارًا بدعم مصر للقضية الفلسطينية وإنهاء الاحتلال الصهيوني، إلا أنه أكد خلال خطاب التنصيب وفي المحافل الدولية على حق الفلسطينيين في دولتهم المستقلة وعاصمتها القدسالشرقية، وهو ما شكل صدمة في الأوساط الفلسطينية واعتبرته بعص الفصائل الفلسطينية موقفا مغايرا ويختلف تمامًا عن موقف الرؤساء السابقين الذين رفضوا المقترح الإسرائيلي بتقسيم القدس إلى شرقية وغربية، في حين اكتفى السيسي، بالتشديد على القدسالشرقية فقط عاصمة لفلسطين.