استهل الرئيس النيجيري الجديد "محمد بخاري"، حكمه بفقد جزء من البلاد برغم وعوده للشعب النيجيري بالتخلص من جماعة "بوكو حرام"، ولكن هذه ليست المرة الأولى التي تسيطر فيها حركة "بوكو حرام" الإرهابية على منطقة في شمال شرقي نيجيريا، حيث تشهد هذه المنطقة على وجه التحديد سجالا طويلا من المعارك والمواجهات بين الجيش النيجيري وعناصر الجماعة المتطرفة. سيطرت جماعة بوكو حرام المتطرفة السبت الماضي على مدينة مارت الاستراتيجية في شمال شرق نيجيريا، وفق ما أعلنه مسؤول محلي، وهو ما يعني أن قدرات الجماعة المتطرفة تزايدت عسكريا وأصبح نفوذها يهدد نيجيريا ودول الجوار الحدودية. تعتبر الجغرافيا الوعرة ووجود الكثبان الرملية المستطيلة من الأسباب الرئيسية لتفوق "بوكو حرام" على قوات الجيش في تلك المنطقة، والتي تمتد عبر أجزاء الحوض المنخفض، فخلال موسم الأمطار تتحول بعض أجزاء المنطقة إلى مستنقعات، ولكن قد تمر فترات طويلة لاتهطل فيها أية أمطار، مما يسبب موجات خطيرة من الجفاف في المنطقة. تلك التضاريس الوعرة مدروسة بشكل كبير من جماعة "بوكو حرام" الذين خرجوا وتكونوا من الشمال الإفريقي بشكل عام، واستطاعت الجماعة لأكثر من مرة إجبار المئات من الجنود النيجيريين على الفرار من الحدود الواقعة على بحيرة تشاد، كما أن من الأسباب التي ساعدت "بوكو حرام" على السيطرة على "مارت"، إنها في المنطقة التي تعتبر المعقل التاريخي ل"بوكو حرام" في "مايدوجوري" شمال شرق نيجيريا، وحتى قبل إعلان سيطرة "بوكو حرام" على المنطقة كان سكانها يعيشون فيها كأنهم "محاصرون" ويتجنبون مغادرتها خوفًا من هجمات المتطرفين شبه اليومية في تلك المنطقة الحيوية جدًا والتي يناهز سكانها المليون شخص. هذه السياسة الأمريكية التي انتهجتها بديلًا لفشل الجيل الأول من المحافظين الجدد في الاستمرار بابتزاز العالم تحت شعار "الحرب على الإرهاب"، وتحقيق خرافة القرن الأمريكي عن طريق الغزو الغاشم الذي كان يبرر عادة بالأكاذيب، وعلى سبيل المثال لا الحصر فالولاياتالمتحدةالأمريكية التي تتجسس على كل كبيرة وصغيرة في نيجيريا بإمكانها معرفة مكان الفتيات المخطوفات على يد "بوكو حرام" وإعادتهن إلى منازلهم، ولكن من مصلحة الولاياتالمتحدة أن يظل الوضع مضطرب في نيجيريا، بل من مصلحتها أن تطلب الحكومة النيجيرية نفسها مساعدة الولاياتالمتحدةالأمريكية، وهذا هو ما حدث بالفعل. طلب الرئيس النيجيري السابق "جودلاك جوناثان" في مقابلة مع صحيفة "وول ستريت جورنال" في وقت سابق مساعدة الأمريكيين لمحاربة متطرفي جماعة "بوكو حرام"، وتساءل "ألا يحاربون تنظيم داعش، لماذا لا يأتون إلى نيجيريا؟"، وأضاف أن "الأمريكيين أصدقائنا، إذا واجهت نيجيريا مشكلة أتوقع من الولاياتالمتحدة التدخل لمساعدتنا"، وكذلك صرح الرئيس النيجيري الجديد "محمد بخاري" بأنه على اتم الاستعداد للتعامل مع الولاياتالمتحدةالأمريكية وتوطيد العلاقات بين البلدين. من جانب آخر لدى الولاياتالمتحدة مصالح في القارة الإفريقية حيث النفط الوفير، ونيجيريا هي المنتج رقم 13 للنفط في العالم والعديد من المعادن الاستراتيجية، بما في ذلك الكروم والكوبالت والبلاتين والمنجنيز، فبدون تلك المعادن لن تستطيع الولاياتالمتحدة إنتاج العديد من المنتجات الدفاعية، مثل المحركات النفاثة، مكونات صواريخ، المكونات الإلكترونية، والحديد والصلب وغيرها، وهو ما يتطلب مزيد من التدخلات في سياسات نيجريا وتحركاتها، فضلا عن علاقاتها السياسية والدبلوماسية داخل وخارج القارة السمراء. تعتبر جماعة "بوكو حرام" واحدة من أخطر التحديات التي تواجهها منطقة القرن الإفريقي وليست نيجيريا فقط، لاسيما منذ أعلن "أبو بكر شيكاو" زعيم بوكو حرام خلال شهر مارس الماضي مبايعة الجماعة إلى تنظيم داعش بقيادة "أبو بكر البغدادي"، حيث اعتبر موقع أوول افريكا أن هناك عدد من الجماعات المتطرفة في ليبيا والجزائر والمغرب وتونس انضمت لداعش منذ بداية عام 2014، وأضاف أن هذه التنظيمات الإرهابية التي انضمت لداعش تخلت طوعا عن استقلالها وأعلنت أن سلطتهم العليا مستمدة من شيكاو المعروف بآرائه المتطرفة التي لا هوادة فيها، مما يعزز من نفوذ الجماعة الإرهابية وباقي التنظيمات المسلحة داخل القارة السمراء. وبجانب جماعة "بوكو حرام" والتهديد الأمني الذي تفرضه على نيجيريا، هناك عدة تحديات أخرى تواجهها حكومة "بخاري" أبرزها الوضع المالي المتأزم في البلاد، فضلا عن ارتفاع نسبة البطالة، وعدد من المشاكل الاقتصادية، لكن تبقى "بوكو حرام" هي التحدي الأبرز للحكومة النيجيرية الجديدة.