داخل إحدى القرى المنسية بمحافظة المنيا، والتي تموج بالأسرار والحكايات، تقيم أسرة قوامها 22 فردًا، هي أسرة محمد طه بحكاياتها التي تبعث الإثارة والدهشة، فرغم ضخامتها، إلا أن رب الأسرة رجل بسيط غير موظف، لا يمتلك قوت يومه، والطريف أنه رفض التوظيف؛ كي لا يرتدي القميص والبنطلون، والأطرف أنه لم يمر على زواجه 45 يومًا إلا وكانت معه الزوجة الثانية.. إنها طرائف وعجائب قرية "سوادة"، التابعة لمركز المنيا بدورها "البديل" انتقلت إلى منزل الأسرة، وجمع الحديث كثيرًا من أفرادها، من خلال يوم كامل قضيناه معهم، فكان قَصَصُهم مزيجًا من الطرائف والأحداث المثيرة والحقيقية. صورة تجمعهم الصورة التذكارية للأسرة رسمت بسمة على شفاه أفرادها؛ لتظهر مدى قدرتها على تجاوز ضيق الحال، والمشكلات الأسرية الناجمة عادة؛ جراء تعدد الزوجات، فيما بدا رب الأسرة وكأنه قائد أو مدرب أحد الفرق. 10 ذكور و9 إناث لأب وزوجتين تتكون أسرة محمد طه من 10 ذكور و9 إناث، ورب الأسرة وزوجتيه الاثنتين، يقطن جميعهم داخل منزلين متلاصقين، تزوج من الأبناء 7 بنات لم يكملن تعليمهن، وولدان، ومن بينهم اثنان يعملان بوظائف حكومية، أحدهم تزوج، وأصغر طفل عمره 9 سنوات، وأكبرهم يبلغ 32 عامًا، ويعمل الذكور في محاجر الجبل الجيري بما فيهم الأطفال، عدا طفلاً يعمل بمواد البناء. 70 رغيفًا لا تكفي وبسؤاله طه عن عدد أرغفة الخبز لكفاية الأسرة يوميًّا، أجاب أنه يعيش حاليًّا و14 فردًا من الأسرة بعد زواج ال 7 إناث، وبالتالي يحتاج يوميًّا ل 75 رغيف خبز، معقبًا "غير أن الحد الأقصى لأي أسرة 50 رغيفًا، وهي حصة لا تكفي 15 فردًا، ومرت بنا أيام لم يكفِ الأسرة 70 رغيفًا، مما اضطرني للشراء بمبلغ من 5 إلى 10 جنيهات يوميًّا؛ لأن سعر 5 أرغفة مضافة وهي خارج الدعم جنيه واحد". أما عن التكلفة المالية اليومية لسد رمق واحتياجات الأسرة، فيقول طه إن مائة جنيه لم تعد تكفي، خاصة بعد موجة ارتفاع الأسعار الأخيرة. قصة طلاق الأولى وردها والزواج بثانية عن زواجه يقول رب الأسرة إنه تزوج الأولى وهو في الثانية والعشرين من عمره عام 1981، وتزوج الثانية بعدها ب 45 يومًا، وإن قصة زواجه الثانية كانت عندما سافر للعمل بالإسكندرية، وعاد ليجد زوجته في بيت والدها، بعد خلافها مع والده الذي اعترض على نزولها إلى النيل لتنظيف الأغراض المنزلية دون إذن، ولما راح لبيت والدها ليعيدها للمنزل، رفضت ولم تستجب لتهديده بالزواج عليها، وقالت "روح اتجوز"، وبالتالي عقد النية على الزواج بثانية. وتابع "في يوم رحت أشجع فريق نادي المنيا الرياضي، في أول مباراة له بالدوري الممتاز مع فريق الاتحاد بالمحافظة، ويومها شاهدت فتاة أعجبتني، فما كان مني إلا أن تقدمت لخطبتها رغم خطبتها لشاب من قرية صفط الخمار، لكني أصريت على الزواج منها، ورحت لمنزل خطيبها أطلب منه تركها، وبالفعل تزوجتها". وأضاف "قبل زواجها كنت طلقت الزوجة الأولى، ولكن اضطريت لردها بعد علمي بحملها، واستجابة لرغبة والدي بعدم ترك ابني يتربى في منزل غير منزل والده وأهله". البنطلون والقميص.. ورفض الوظيفة "هنحط أحمر على آخر الزمن" وعن عمله وحكايته يحكي طه قائلاً "بدأت رحلتي بالعمل كمسيونجي سيارات، وكانت وظيفة غير منتظمة تتبع نقابة العاملين بالنقل البري، وتتلخص مهام الوظيفة التي اندثرت في التنسيق بين السيارات النقل وأصحاب المحاجر لنقل المواد المحجرية خارج المحافظة، بعدها عملت بمصنعالغزل والنسيج في الفترة من 71 إلى 1976، وتركت العمل بسبب مشاجرة، ثم عملت بالمحاجر، وكانت المحطة الأخيرة؛ فأنا لا أعمل الآن بسبب تقدم السن وصعوبة العمل بالجبل". أما عن مع حكايته مع البنطلون والقميص فقال بحماسة "رفضت العمل بوظيفة حكومية بقناة الصعيد؛ حتى لا يتم إجباري على ارتداء الزي الرسمي البنطلون والقميص.. نلبس بنطلون وقميص ونحط لهم أحمر ونحلق شنبنا على آخر الزمن!". "أبو العيال" مداوي جراح الناس شيبة الشعر، وتجاعيد الوجه، وإنجاب وإعالة 21 فردًا، لم تستطع ان تزيل حيوية وشباب رب الأسرة رغم تجاوزه ال 58 عامًا، فبحسب قوله لم يشغل فكره يومًا بما هو آتٍ وما مضى، ولم تؤرقه مشكلات الحياة وصعوبات العيش، بل تتجاوز قدراته حل مشكلات جموع أهالي قريته، وأغلبهم يستقدمونه حال حدوث أي طارئ أو مشكلة. تعرف أسماء ولادك؟ يجيب طه أن أحدًا لا يمكن أن ينسى ضناه، غير أن الواقع اختلف عن إجابته، فبينما كان يشير لأبنائه بأسمائهم في الصورة التذكارية المجمعة للأسرة، كان يصحح مغالطاته زوج ابنته الكبرى المجاور له في السكن. .. وقدرت تجوز 7 بنات؟ وعن استطاعته تزويج 7 بنات قالت طه إن أم البنات تبدأ في الإعداد لزواج وهي في الثامنة من عمرها، بشراء بعض المستلزمات المنزلية لها، معقبًا أنه اضطر لاستدانة قرابة ربع مليون جنيه لإتمام زواجهن، خاصة وأن عادات وتقاليد الزواج للبنات في القرية تستلزم شراء أجهزة المطبخ كاملة، بخلاف ما يعرف ب "المد"، وهو شراء لحوم وخضراوات؛ لعمل مائدة غذاء كبيرة لمعظم الأقارب والجيران والأصدقاء القادمين للتهنئة بحفل الزواج. الفقر والبطالة.. كوابيس الأسرة وتعاني أسرة محمد طه ضيق الأحوال المعيشية، ما دفع الأب لتسريب عدد من أبنائه اضطراريًّا من مدارسهم، واضطرار أبنائه للعمل بمحاجر الجبل الجيري. ويقول رب الأسرة إنه بعد موجة ارتفاع الأسعار الأخيرة لم يعد يعرف كيف ينفق على أسرته الممتدة، مطالبًا المحافظة بإيجاد فرص عمل لأبنائه الكبار، مع توفير مسكن لهم؛ كي يتمكنوا من الزواج.