تجاوز الاستيلاء على المال العام نطاق الأفراد، وامتد ليشمل الجهات حكومية فيما بينها البعض، حيث استولت وزارة التموين والتجارة الخارجية، متمثلة في الشركة القابضة للصوامع والتخزين على الأصول الثابتة "الشون" لبنك التنمية والاتمان الزراعي التابع لوزارة الزراعة، بحجة عمل شراكة بين الجهتين، وإنشاء شركة خاصة بتطوير الشون بأموال المنحة الإماراتية، وكان دور الشركة القابضة في تلك الأموال يقتصر على أنها حلقة الوصل بين الأمانة العامة للقوات المسلحة للتنسيق ومتابعة عمليات التطوير التي تتم بالشون. حيث قوبل الأمر في البداية بالرفض من قِبَل وزارة الزراعة، إلَّا أن هذا القرار لم يستمر كثيرًا، وفوجئ المعنيون بالأمر بأن البنك امتثل لمطالب وزارة التموين دون إبداء أسباب، وقبل عرض الشراكة التي بناءً عليها يمكن أن تباع تلك الأصول وعرضها في البورصة دون الرجوع للبنك نفسه. حيث ترجع الواقعة إلى شهر أغسطس عام 2014 بإرسال خطاب من هيئة السلع التموينية التابعة لوزارة التموين إلى بنك التنمية مفاده بأن هناك منحه من دولة الإمارات لتطوير الشون الترابية، المخصصة لتخزين القمح لتقليل الفاقد، وأن الجهة المسؤولة عن التنفيذ هي الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، وتضمن الخطاب طلب الهيئة بيان بالشون الترابية الموجودة ملك البنك، وبالفعل تم إرسال خطاب من البنك يفيد بأن هناك 256 شونة مملوكة للبنك، تقع ضمن اختيار الهيئة العامة للسلع التموينية (بمواصفات خاصة) مثل المساحة والموقع واتساع الطرق الجانبية المؤدية إلى تلك الشون؛ لسهولة النقل. في سبتمبر 2014 وقع اختيار من هيئة السلع التموينية ل82 شونة تمت الموافقة عليها لدخول مرحلة التطوير هناجر + 6 شون، ملك البنك سيتم إقامة صوامع عليها لاحقًا، التي كانت السعة التخزينية لها قبل التطوير تقدر ب900 ألف طن سنويًّا. وطالبت الهيئة الهندسية للقوات المسلحة البنك بأن يكون لكل شونة مرافق، عبارة عن كهرباء ثلاثة فاز ومصدر مياه، ويتم التسلم كأرض فضاء خالية من أي اشغالات (حيث كانت هناك هناجر أسمنتية حديثة تم الإصرار على إزالتها), وفي شهر أكتوبر 2014 سلم البنك الهيئة الهندسية 82 شونة بمحاضر تسليم كل على حده. استلم البنك خطابًا من هيئة السلع التموينية بتوقيع أحلام رشدي، رئيس قطاع الهيئات وشؤون مكتب الوزير بوزارة التموين وعضو مجلس إدارة بالبنك الرئيس، مرفقًا به مشروع عقد انتفاع بين الشركة القابضة للصناعات الغذائية كطرف أول والبنك كطرف ثانٍ، وكانت بنوده تنص على أنه سيتم عقد حق انتفاع لمدة خمسين عامًا لتلك الشون لحساب الشركة العامة للصوامع والتخزين، واقتسام الربح بين الشركة والبنك على أساس مساهمة كل طرف، هذا بجانب أحقيتها في الإدارة والتصرف للشركة القابضة للصناعات الغذائية. وقوبل هذا الطلب في بادئ الأمر بالرفض من قِبَل عطية سالم، رئيس مجلس إدارة بنك التنمية والائتمان الزراعي، في 6/11/2014 بخطاب رسمي وجّه إلى أحلام رشدي، ذكر فيه أن البنك أكبر جهة مستلمة للقمح على مستوى الجمهورية، بجانب خبرته في إدارة الشون الممتدة على مدى 50 عامًا، بالإضافة إلى أن الشون التي تم اختيارها من بمعرفة الهيئة الهندسية للقوات المسلحة طبقًا للمواصفات الموضوعة هي ملكية، خاصة ومستقرة للبنك وبالتالي فإن أي منحة لعمليات تطوير وتحديث هذه الشون تضاف للبنك، والاجتماعات كافة، التي عقدت مع الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، بحضور ممثلين من البنك لضمان التنسيق الكامل في إجراءات استلام وتسلم الشون بعد تطويرها، ورفض عطية سالم أن تكون للشركة المصرية القابضة للصوامع والتخزين حصة في الأرباح بقيمة وحدات التخزين الحديثة، التي تم بناؤها على شون البنك، في حين أن تكاليف إنشاء هذه الوحدات ممولة من دولة الإمارات لصالح مصر، وأن دور الشركة مقتصر على أن يكون حلقة وصل مع الأمانة العامة للقوات المسلحة؛ للتنسيق ومتابعة عمليات التطوير التي تتم بالشون. ووفر البنك المرافق وجهز والمستلزمات كافة، التي طلبتها الهيئة الهندسية للقوات المسلحة؛ لإتمام عملية التطوير "المرافق" والتي بلغت تكلفتها مليونًا و80 ألف جنيه، مساهمة من البنك في إنجاح المشروع القومي لخدمة مصر، وتم عرض الموضوع على الدكتور عادل البلتاجي، وزير الزراعة آنذاك، وتم الرفض في نوفمبر 2014، إلَّا أن وزارة التموين لم تيأس وجددت الطلب مرة أخرى، بتقديم مشروع عقد الانتفاع في نهاية يناير 2015، وتم إعادة عرضه على عطيه سالم والذي بدوره أحال مشروع العقد على القطاع القانوني وعلى المستشار أحمد أبو العزم المستشار القانوني للبنك؛ لإبداء الرأي القانوني. وفي 16 فبراير من العام الجاري، تم تحرير مذكرة مشتركة من القطاع القانوني والمستشار القانوني؛ للعرض على عطية سالم وتضمنت المذكرة تسعة أسباب قوية لرفض موضوع عقد الانتفاع، إلَّا أنه مع التغيير الوزاري وتولي صلاح هلال الوزارة أول مارس 2015 تم عقد اجتماع بين ممثلي هيئة السلع التموينية وحمدي زينهم، مستشار عطية سالم لشؤون الاستثمار، وتم تغيير الموضوع من حق انتفاع إلى إنشاء شركة مساهمة بتاريخ 18 مارس هذا العام، بناءً على توجيه من عطية سالم نفسه، وحضر الاجتماع كل من رئيس الشركة القابضة والعضو المنتدب للشركة القابضة، بالإضافة إلى مدير عام بقطاع الإنتاج بالبنك الرئيس، ورئيس قطاع الشؤون القانونية بالبنك الرئيس والمسؤول عن العقود بقطاع الشؤون القانونية بالبنك الرئيس وممثل قطاع الاستثمار بالبنك الرئيس. وتم مناقشة مقترح إنشاء الشركة، وانتهت التوصية بإنشاء الشركة في أسرع وقت، مع فرض أن تقدم الشركة القابضة الهناجر المنشأة على ال(82) شونة الخاصة بالبنك، على أنها ملك الشركة القابضة ضمن أصولها التي ستقدم في حصتها في الشركة، على الرغم من أن تكلفة إنشاء الهناجر من المنحة الإماراتية وليس من الشركة القابضة. تم ذلك دون إعداد دراسة جدوى أو تقييم للشون أو تحديد نسبة المشاركة بين البنك والشركة، ويكون للشركة الجديدة حق التصرف بأي شكل قانوني على الشون، من استخدام أو تعديل أو ممارسة أو بيع لها، وأن يكون لها الحق في انتقال الموظفين التابعين للشون أو ما يمت لها بصلة إلى الشركة الجديدة، حتى لو استلزم الأمر انتقال قطاع الإنتاج بكامله، وكذلك العاملين بالإنتاج على مستوى الجمهورية، وتم عقد اجتماع مجلس إدارة بالشركة القابضة للصناعات الغذائية في مارس 2015 وتمت الموافقة على إنشاء الشركة المساهمة من جانبهم. وتم إرسال خطابات للقطاعات التابعة للبنك في المحافظات من إدارة أمناء الاستثمار بقطاع الاستثمار؛ لاستطلاع الرأي في مساهمه البنك في إنشاء شركة لإدارة الشون، تمت الموافقة من القطاعات للبنك وتم إعداد مجلس إدارة بالتمرير بكل من بنك الوجه البحري وبنك الوجه القبلي يوم الثلاثاء الموافق 24 مارس العام الجاري، بشأن الموافقة على إنشاء الشركة، وتم عرض هذا على مجلس إدارة البنك الرئيس يوم الأربعاء الموافق 25 مارس العام الجاري، من جانبه مرر عطية سالم الموضوع على المجلس بشكل سريع وموجز وبدون أي مستندات أو أي مذكرة تفصيلية، سوى مذكرتي مجلسي إدارة الوجهين البحري والقبلي، اللتان تمت الموافقة عليهما بالتمرير، كما أنه لم ينتظر رد القطاعات على خطابات إدارة أمناء الاستثمار بقطاع الاستثمار، والسابق إرسالها لهم لاستطلاع الرأي في مساهمة البنك في إنشاء شركة لإدارة الشون. من جانبه طالب الدكتور فتحي هلال، الخبير الاقتصادي وزير الزراعة صلاح هلال، بوقف تأسيس هذه الشركة التي ليس لها جدوى اقتصادية؛ لأننا بحاجة إلى إنشاء شركات إنتاجية تنموية ومشروعات زراعية عملاقة تضيف للاقتصاد المصري، بدلًا من شركات يتم تأسيسها لإرهاقه بالخسائر وزيادة الأعباء على الدولة، مؤكدًا ضرورة تطوير الشركة المصرية للتنمية الزراعية، القائمة بالفعل والتي يمتلك بنك التنمية والائتمان الزراعي رأسمالها بالكامل بما يعادل 1.3 مليار جنيه والعمل علي قيامها بدورها الفعلي في استلام المحاصيل وإدارة الشون تحت تبعية وزارة الزراعة مباشرةً. وتساءل: "هلال" عن أهمية إنشاء هذه الشركة وإشراك الشركة القابضة في أصولها وإعطائها حق التصرف, بالرغم من امتلاك البنك لل(82) شونة, وتحت التبعية والإدارة الكاملة لوزارة الزراعة لكون البنك تابعًا لها طبقًا للمادة رقم (1) من القانون 117 لسنة 1976 بشأن بنك التنمية والائتمان الزراعي، حيث لو تم تأسيسها ستخرج سيطرة وزارة الزراعة على التحكم في إدارة الشون؛ لأنها ستدار عن طريق مجلس إدارة الشركة المزمع إنشاؤها، وإلى من يلجأ الفلاح في حالة وجود مشكلات في توريد القمح بعد خروج وزارة الزراعة من هذه المنظومة. وأوضح أن هناك أمرًا يثير الشبهات هو: لماذا الإصرار على تنفيذ هذا الموضوع ويتحول من حق انتفاع إلى شراكة في شركة مساهمة بين البنك والشركة القابضة، على الرغم من الرفض التام للفكرة ذات نفسها والثابت في خطاب عطية سالم المرسل لأحلام رشدي في 6/11/2014 وفي المذكرة القانونية المشتركة؟