يبدو أن مهمة العمليات العسكرية التي تقودها المملكة العربية السعودية تحت مسمي "عاصفة الحزم" لا تقتصر حدودها أو أهدافها على اليمن، بل إنها ستمتد لتلعب دورا في إعادة تقسيم المنطقة. التصريحات التي أدلي بها سعد الحريري، رئيس الحكومة اللبنانية السابق، في إطار رده على السيد حسن نصر الله، أمين حزب الله، والتي هدد فيها بأن عاصفة الحزم لن تتوقف عند اليمن، جاءت كاشفة لمخططات "آل سعود" في المنطقة، وجاءت مؤكدة لكل التخوفات والقراءات التي رأت في هذه الحرب دفاعاً عن عرش آل سعود، وجر المنطقة لحرب طائفية، واستبدال الصراع العربي الصهيوني، بصراع سني شيعي. كما حدد الحريري، الأماكن التي ستستهدفها عاصفة الحزم عندما قال في تغريدته على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" متهما حزب الله بأنه أمين على إشعال الفتنة في لبنان، وإنقاذ نظام بشار الأسد، والدور الإيراني باختراق اليمن والتدخل في الشؤون العربية. وبقراءة سريعة لما ذكره، الحريري، حليف السعودية الأمين في لبنان، فإن القوة العربية المشتركة التي اقترحت جامعة الدول العربية تشكيلها لدحر الإرهاب وفقا لميثاق الجامعة، ومعاهدة الدفاع العربي المشترك لعام 1950 وإنشاء قيادة عامة موحدة لقوات التدخل العسكرية وفقا لمقتضيات المعاهدة أو أي صيغة أخرى يتم التوافق عليها، ستبدأ عملها في 3 مناطق رئيسية، هي اليمن لتأمين المملكة السعودية تحت زعم دحر الحوثيين والتصدي للنفوذ الإيراني في المنطقة، والانتقال إلى التدخل المباشر في سوريا، بعد أن تمكنت سوريا من الصمود 4 سنوات أمام جحافل الإرهابيين، والجماعات المتطرفة المدعومة من السعودية، وقطر، وتركيا والصهاينة، والولاياتالمتحدةالأمريكية، وبعد أن نجح هذا التحالف في استنزاف سوريا، لكنه لم يفلح حتى الآن في كسرها أو تقسيمها كما كان مخططا. بينما تمثل لبنان الجبهة الثالثة، التي من المفترض أن تخوض فيها القوة العربية المزمع تشكيلها حربها للقضاء على حزب الله، الذي مثل شوكة في ظهر الصهاينة، وتمكن من تحقيق انتصار عليهم هو الأول، منذ حرب 1973، مع الاختلاف على النتائج السياسية التي آل إليها الانتصار العسكري في حرب أكتوبر. وبالتالي، تبدو الحروب التي ستخوضها القوة العربية المشتركة هي حرب بالوكالة للدفاع عن مصالح الولاياتالمتحدةالأمريكية، وتنفيذ مخططاتها في المنطقة، حرب تصب في صالح أمن الصهاينة، وإغراق المنطقة في حرب طائفية لن تخرج منها قريبا. لم يكن يتخيل أكثر المتشائمين، أن نصل إلى هذا الوضع، ففي الوقت الذي حلمنا فيه بتشكيل قوة عربية لتحرير فلسطين، والتصدي لمخططات الغرب في المنطقة، تتشكل القوة العربية بقيادة السعودية، لحماية الصهاينة وضرب قواعد المقاومة في المنطقة، وبالتالي يتحول الحلم من قوة عربية مشتركة إلى قوة على "العرب".