مأساة انسانية جديدة يسطرها "داعش" ضمن سلسلة المآسي التي أوقعها التنظيم في العراق، حيث أعاد هجومه المتواصل على الرمادي صور التشرد ومخيمات اللجوء إلى الواجهة، مهددًا حياة نحو 100 ألف عراقي، حيث لايزال تنظيم "داعش" ينهش في قلب المدينة ويصعد من عملياته الإرهابية، وهو ما أدى إلى تشريد ونزوح عشرات الآلاف من سكان المدينة. في واحدة من أكبر موجات النزوح بالبلاد، اضطرت مئات العائلات إلى قطع عشرات الكيلومترات سيرًا على الأقدام حاملين أمتعتهم، حيث أجبرت سيطرة "داعش" على أجزاء واسعة من المدينة، الأهالي على مغادرة منازلهم، وشهدت الأيام الأخيرة نزوح الآلاف من سكان الرمادي، حيث أعلنت الأممالمتحدة أن عدد النازحين من الأنبار بلغ 90 ألفًا، وقال مكتب تنسيق الشئون الانسانية التابع لها إن المدنيين يفرون من مدينة الرمادي، ومناطق البوفراج والبوعيثة والبوذياب المحيطة بها، وينتقلون إلى الخالدية وعامرية الفلوجة وبغداد، وأن العديد منهم ينزحون سيرًا على الأقدام، وبحسب بيان صدر عن المنظمة الدولية فإن برنامج الأغذية العالمي وزع حصصًا غذائية لنحو 41 ألف و500 شخص في الرمادي، وثمانية آلاف و750 شخصا نزحوا إلى بغداد، كما وزعت المفوضية العليا لشئون اللاجئين مساعدات إغاثية لنحو ألف عائلة في عامرية الفلوجة، وبلغت أعداد النازحين في العراق منذ يناير عام 2014 حوالي 2.7 مليون عراقي على الأقل، بينهم 400 ألف من الأنبار، بحسب الأممالمتحدة. من جانبه قال الخبير العراقي في الشئون العسكرية والاستراتيجية "عماد علاوي"، إن السبب وراء نزوح عدد كبير من الأهالي هو الرعب الذي انتاب السكان بعد تردد أنباء بدخول داعش إلى المدينة، وسماعهم عن الجرائم التي ارتكبها التنظيم في البوفراج عندما تم ذبح 36 شخصًا من أبناء المنطقة، وتابع "حجم النازحين كبير جدًا ويتم التركيز على مدخلين فقط إلى بغداد، الأول هو أبو غريب والثاني يأتي من الجنوب من جهة محافظة بابل على الطريق السريع، ثم مدخل منطقة الرشيد باتجاه الدورية وصولا إلى بغداد"، معتبرا أن المدخلين ضيقين، داعيًا إلى تأمين مداخل أخرى لاستيعاب الكم الهائل من النازحين، وإعداد مخيمات مجهزة بالدعم الطبي والمواد الإغاثية لاستيعابهم. تجمعت آلاف الأسر العالقة عند جسر "البزيبز"، وهو جسر عائم يربط محافظتي الأنبار وبغداد، حيث اكتظت الطرق المؤدية إلى العاصمة، التي عمل أبناؤها على توزيع المياه والطعام والأغذية على العائلات النازحة، وتوجهت حافلات وشاحنات تابعة لمحافظة بغداد لنقل أعداد أكبر من الأسر، كما أوصى مجلس النواب الحكومة بتخصيص مبالغ مالية عاجلة، وتشكيل خلية أزمة لإغاثة النازحين. بدورها خصصت وزارة الهجرة العراقية 6 مخيمات طوارئ لإيواء النازحين، وقال بيان للوزارة إن المخيمات تم انشاؤها بالتعاون مع المنظمات الإنسانية في مناطق أبو غريب والرضوانية وحي الجامعة وصدر اليوسفية والدورة وعند جسر بزيبز، كما أعلن ديوان الوقف عن إغلاق عشرة مساجد كبرى وتمهيدها لاستقبال الأسر النازحة.