أربعون عام مرت على اندلاع الحرب الأهلية في لبنان 13 أبريل عام 1975، وعلى الرغم من انتهائها في عام 1990، إلا أن تبعاتها مازالت حاضرة حتى اليوم سواء في الداخل اللبناني أو المحيط الإقليمي، فهناك كثير من المباني تحمل آثار الحرب التي كانت العاصمة بيروت خلالها مُقسمة إلى شطر شرقي وآخر غربي يفصل بينهما الخط الأخضر الذي كان مسرحًا لأكثر المعارك ضراوة في ذلك الوقت. الحرب الأهلية في لبنان اندلعت في عام 1975 الشرارة الأولى للحرب الأهلية اللبنانية، حرب دموية وصراع معقد دام لأكثر من 15 عامًا و7 أشهر، منذ 13 أبريل عام 1975 إلى 13 أكتوبر عام 1990، وتعود جذوره الصراعات والتنازلات السياسية في فترة الانتداب الفرنسي على لبنانوسوريا، وعاد ليظهر بسبب التغير السكاني وكذلك التقارب مع سوريا وإسرائيل. توقفت المعارك لفترة قصيرة عام 1976،لانعقاد القمة العربية ثم عاد الصراع الأهلي ليستكمل وعاد ليتركز القتال في جنوبلبنان بشكل أساسي، والذي سيطرت عليه بداية "منظمة التحرير الفلسطينية ثم قامت إسرائيل باحتلاله. انتشر الجيش السوري بموافقة لبنانية وعربية ودولية، وذلك بحسب اتفاق الطائف الذي دعمته جامعة الدول العربية، وفي أغسطس عام 198 توصل النواب اللبنانيون في مدينة الطائف بوساطة سعودية إلى اتفاق سمي على اسم المدينة "اتفاق الطائف" الذي كان بداية لإنهاء الحرب الأهلية، فلدى عودة النواب اللبنانيين من مدينة الطائف تم انتخاب "رينيه معوض" رئيساً للجمهورية اللبنانية ولكن "ميشال عون" رفض الاعتراف ب"معوض" ورفض اتفاق الطائف، وذلك لأن الاتفاق يقضي بانتشار سوري على الأراضي اللبنانية، قُتل "رينيه معوّض" بعد انتخابه ب16 يوم وخلفه "إلياس الهراوي"، ورفض "ميشال عون" الاعتراف ب"إلياس" أيضًا، وهو ما أدى إلى إقصاء "عون" من قصر بعبدا الرئاسي. انتهت الحرب اللبنانية الأهلية باقصاء "ميشال عون" وتمكين حكومة "إلياس الهراوي"، وبإصدار البرلمان اللبناني في مارس 1991 لقانون العفو عن كل الجرائم التي حصلت منذ 1975، وفي مايو تم حل جميع المجموعات المسلحة وبدأت عملية بناء الجيش اللبناني كجيش وطني وهو ما كان بداية لإنهاء الحرب التي أوقعت أكثر من 150 ألف قتيل وأكثر من20 ألف مفقود وتشريد مئات الآلاف من اللبنانيين. لبنان بعد 40 عاما من الحرب لم تختلف لبنان كثيرًا، فبعد مرور 40 عاما على الحرب الأهلية التي دمرت التراث وشردت الشعب وأهدرت موارده، فسياسيًا يعيش اللبنانيون في فوضى سياسية حالت دون انتخاب رئيس للجمهورية منذ ما يقارب عام، نتيجة الخلافات المستحكمة بين التكتلات السياسية، فمنذ 25 مايو 2014 أصبح مؤسسات الدولة بلا رئيس بعد فشل البرلمان في انتخاب خليفة للرئيس "ميشال سليمان"، وهو البرلمان الذي مدد لنفسه للمرة الثانية لعدم التمكن من إجراء انتخابات برلمانية بسبب الأوضاع الأمنية. أما من الجهة الأمنية فإنها لم تكن في حال أحسن من الحال السياسي، حيث تطورات ما يعرف بالربيع العربي والحروب والأزمات التي اندلعت بالمنطقة، كما شهد عام 2014 انتقال النيران الإقليمية إلى الداخل اللبناني متمثلة بمعارك مع تنظيمات إرهابية أبرزها "داعش" و"النصرة". يعيش اللبنانيون في فوضى مالية واقتصادية، حيث الدولة بلا موازنة منذ نحو عشر سنوات، وهي تنفق بشكل عشوائي، مما جعل أزمة المالية العامة مفتوحة على مصراعيها، في ظل ارتكاب سلسلة مخالفات دستورية وقانونية، وهو ما ساهم في تدهور الوضع المالي وتفاقم عجز الموازنات وارتفاع حجم الدين العام وتراجع معدلات النمو الاقتصادي. مستقبل المنطقة تعتبر الحرب الأهلية في لبنان مُجسم صغير للحرب الأهلية في منطقة الشرق الأوسط ككل، حيث ارتفعت حدة الاقتتال والحروب في معظم البلدان العربية، وهو ما يثير مخاوف من انزلاق البلدان العربية في متاهات الاقتتال الطائفي والعرقي. تشهد سوريا منذ أربع سنوات حرب مفتوحة ضد التنظيمات الإرهابية، وكذلك العراق تحارب داعش وتتصدى لتمددها، كما تأتى ليبيا وما تشهده من اضطراب أمني لتؤكد على توسع الحروب والصراعات في المنطقة، ليختتم المشهد بالعملية السعودية المسماة "عاصفة الحزم" ضد اليمن لتؤكد على أن الرياض تعمل جاهدة على تنفيذ المخطط "الصهيو أمريكي" لمنطقة الشرق الأوسط، حيث أشار موقع "جلوبال ريسيرش" البحثي إلى أن عملية "عاصفة الحزم" التي تقودها السعودية ضد الأراضي اليمنية هي مخطط لتدمير الأمة العربية، وإغراقها في حروب أهلية بأيدي عربية، تنفيذا لخطط أمريكية صهيونية.