شروط "التمويل العقاري" تحرم محدودي الدخل من الإسكان أزمة "البوتاجاز" تكشف العجز.. والوزير ينفي تصريحات محلب لمراكز صنع القرار في أية دولة في العالم دور كبير في رسم وصناعة سياساتها، وتزداد الحاجة لجهات قادرة على اتخاذ القرارات الصائبة في مصر في هذه الظروف، فالجهة الأساسية المضطلعة بذلك في الوقت الحالي هي مجلس الوزراء الذي أصدر الكثير من القرارات المتناقضة، مما يدل على تخبط واضح تعاني منه الحكومة. والمجالات التي وقعت فيها الحكومة المصرية في تناقض كثيرة، ففي اجتماعه الأخير أكد المهندس إبراهيم محلب، رئيس الوزراء، أن الحكومة تضع على أجندة أولوياتها مشروعات تخدم الشرائح الأكثر احتياجًا وتسهم في تحقيق العدالة الاجتماعية، ومن ناحية أخرى وافق المجلس على تعديل بعض مواد اللائحة التنفيذية لقانون التمويل العقاري. ملف العدالة الاجتماعية التي تؤكد الحكومة دائمًا سعيها لتحقيقها مازال في طي الإهمال، ومازالت تصريحات محلب، ببذل مجهودات واسعة لهذا الملف من كافة الوزارات مجرد وعود فقط تتدوالها وسائل الإعلام، مثل تأكيده العمل لإقرار بعض القوانين التي يمكن أن تساعد في تحسين المناخ الاستثماري كقانون التمويل المتناهي الصغر، والتمويل العقاري لأنها الأساس في تحقيق العدالة الاجتماعية. في الوقت ذاته خرج علينا محلب، بتصريحات صحفية تؤكد أنه لايجب قصر العدالة الاجتماعية على السياسات الاقتصادية فقط، فهناك حاجة لتطوير حقيقي في سياسات التعليم والصحة والإسكان. يقول مجدي الجوهري، الخبير القانوني، إن الدستور حدد آليات تحقيق التنمية الاقتصادية بما يحقق العدالة الاجتماعية، وإنه حول كثيرا من الشعارات إلى نصوص تلزم الدولة بتحقيقها كالعدالة الاجتماعية والمواطنة وعدم التمييز بين أي مصري ومصرية على أساس الدين أو العرق أو اللون. وتابع، إن ما تقوم به حكومة محلب، في الوقت الحالي من السعي لتطبيق العدالة الاجتماعية ليس تكرما على الشعب بقدر ما هو تنفيذ للدستور الذي يرعي محدودي الدخل ويؤكد على حقوق الفئات المهمشة، وإن كانت الحكومة منذ توليها لم تراع العدالة الاجتماعية ولم تهتم بالمواطن الفقير مثلما يتحدث المسؤولون في وسائل الإعلام. وأكد أن إصلاح الوضع الحالي وتحقيق التنمية في مصر لن يتحقق إلا عن طريق توفير العالة الاجتماعية التي تعتمد على محاور أساسية، وهي الاعتماد على النهج الحقوقي في التنمية، ووضع سياسات حماية اجتماعية فعالة توفر ميزانيات للأطفال وتحترم مشاركتهم، والأخذ بنهج القدرات الإبداعية للمواطنين. من ناحية أخرى، وافق مجلس الوزراء في اجتماعة الأخير الأسبوع الماضي، على تعديل بعض مواد اللائحة التنفيذية لقانون التمويل العقاري، وأكد المهندس إبراهيم محلب، في تصريحات له، أن تلك التعديلات نابعة من اهتمام الدولة بتنشيط السوق العقارى والمهن المرتبطة به، حيث تم استحداث صيغ تمويلية جديدة مثل الإجارة المنتهية بالتملك والمشاركة، وكذلك إمكان تمويل حق الانتفاع، مضيفا أن التعديلات استهدفت أيضا التوسع في استفادة محدودي الدخل من صندوق دعم التمويل العقاري للتيسير عليهم في تملك وحدة سكنية. في الوقت ذاته أوضح البيان الأخير الصادر من مجلس الوزارء أن البيانات الاقتصادية تشير إلى أن الأسر الأكثر فقرا والفقيرة يتراوح متوسط دخلها الشهري ما بين 600 إلى 800 جنيه على التوالي، وهما الشريحتان المفترض أن تستهدفهما برامج الإسكان المدعم، كما أوضحت الدراسات أن أكبر قدر يمكن للأسرة أن تنفقه من دخلها على جميع النفقات ذات الصلة بالسكن مثل الإيجار أو الأقساط أو فواتير الخدمات يتراوح بين 20 و30%، بما يعنى أن معدلات الأقساط أو الإيجار لبرنامج الإسكان الاجتماعى الذى يستهدف محدودى الدخل يجب أن تتفق مع هذه النسبة. ولكن الحكومة لم تراع في قرارتها ذلك، ورغم تقديمها العديد من الحلول لمشكلة الإسكان إلا إنها لم تراع فئة محدودي الدخل والشباب التي تتحدث عنهم دائمًا في وسائل الإعلام. يقول الدكتور محمد عبد العظيم، المدير التنفيذي لمركز الإصلاح المدني والتشريعي، إن تقارير الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء تقول إن لدينا 12 مليون وحدة سكنية لم نستفد منها، فالأزمة الحقيقية تكمن فى أن المشاريع السكنية المعروضة معظمها لشريحة أصحاب الدخل فوق المتوسط، فى حين أن الطلب يكون من محدودى الدخل والدخل المتوسط. وأكد عبد العظيم، أن قانون الإسكان لم يحدد من هم فئات محدودي الدخل المستهدفين من الدعم، وبالتالى فمشاريع الحكومة الأخيرة التى تقدر ب135 ألف جنيه، والشقق التي يقدر المتر فيها ب4 آلاف جنيه، تظهر أن القانون فى ظاهره يعمل لصالح محدودى الدخل ولكن الواقع عكس ذلك، نظرا لعدم وجود تعريف قانونى واضح لمحدودى الدخل. وتابع أن الحصول على قرض أو تمويل لأى من وحدات الحكومة يتطلب ضرورة عمل المستفيد فى وظيفة رسمية تمثل ضمانا له للحصول على قرض، مما يجعل الحصول على هذه الوحدات مستحيلا لمن يعملون فى وظائف بلا عقود رسمية، كما أن قيمة القسط لا تتفق مع المعايير الدولية، فإذا افترضنا أن 1200 جنيه حدا أدنى، ونسبة القسط تصل ل30%، فهذا معناه أن يدفع أكثر من 20% على السكن، وهو ما حددته الحكومة بقيمة قسط شهرى يبدأ ب480 جنيها، بما يجور على حقوق أخرى كالطعام والتعليم والعلاج وغيرها. ولم تكتف الحكومة بالوعود الكاذبة في الإسكان والعدالة الاجتماعية، بل إنها أكدت خلال اجتماعها المذكور أيضًا على شن حملات مكثفة لضبط المتاجرين بأنابيب البوتاجاز في السوق السوداء، وكذا كل من يتلاعب فى السوق السوداء بالسلع المدعومة، مما كان له أثره فى تراجع الأزمات المفتعلة، وتوافر هذه السلع ،لافتة إلى أنه لن يكون هناك أزمة في أنابيب البوتاجز خلال هذا الأسبوع. في الوقت الذي أكد فيه خالد حنفي، وزير التموين والتجارة الداخلية، في مؤتمر صحفي أن أزمة الانابيب لن تنتهي في الوقت الحالي، وأن الحكومة تتخذ الكثير من الإجراءات لحلها، لكنها ستستغرق وقتا قائلًا "على المواطنين أن يتحملوا الأزمة في الوقت الحالي حتى تنتهى عن قريب". يقول محمد بدر، عضو مجلس الشباب المصري، إن استمرار الحكومة في إطلاق الوعود دون تنفيذها يحدث أزمة، فالمواطن لن يتحمل ذلك كثيرًا وخاصة أنه أصبح على إطلاع بكل ما يحدث في الوزارات والهيئات الحكومية، مؤكدا أن الحكومة لابد أن توفر آلية لتنفيذ قرارتها في مدة زمنية محددة.