تربط العراق ومصر علاقات تاريخية تعود إلى أوائل القرن الماضى عندما حصل كلا البلدين على استقلالهما من بريطانيا، وأقيمت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين اللذين كانا من المؤسسين لجامعة الدول العربية فى منتصف أربعينيات القرن الماضى، ثم عقد البلدان العديد من الاتفاقيات الاقتصادية مثل السوق العربية المشتركة، والاتفاقيات العسكرية مثل اتفاقية الدفاع العربى المشترك، ومشروع الوحدة الثلاثية. بعد سقوط النظام السابق بقيادة صدام حسين، فى 9/4/2003، بدأ العراق يستعيد مكانته الطبيعية فى محيطه العربى والدولى، وأخذت القاهرة تستقبل شخصيات عراقية متعددة، ففى أواخر يوليو 2004 استقبل الرئيس المصرى الأسبق حسنى مبارك، الدكتور إياد علاوى، رئيس الحكومة العراقية المؤقتة حينها، كما كانت مصر أول من هنأت حكومة علاوى، على توليها المسؤولية، حيث أعلنت الحكومة المصرية عن استعدادها لدعم هذه الحكومة فى شتى المجالات، وتقديم المساعدة فى إعادة تأهيل الشرطة وأجهزة الأمن العراقية. مع توقيع معاهدة السلام بين القاهرة وتل أبيب انقطعت العلاقات تماماً بين مصر والعراق، حتى ساءت العلاقات أكثر بعد إرسال الرئيس الأسبق حسنى مبارك، قوات مصرية لتحرير الكويت بعد غزو العراق لها، لتتعرض العلاقات بين البلدين إلى صدمة عنيفة على إثر اختطاف السفير المصرى المعين فى العراق إيهاب الشريف، وقتله فى يوليو2005 من قبل مسلحين مجهولين، مما كان له أبلغ الأثر على الموقف المصرى وانعكاس ذلك سلباً على العلاقات مع العراق، ومنذ ذلك الحين تراجعت العلاقات المصرية العراقية حتى وصلت إلى مستوى لم تشهده من قبل، الأمر الذى دفع بغداد للتوجه نحو حلفاء جدد يساندونها خلال المرحلة العصيبة التى تمر بها البلاد. فى إطار هذه العلاقات التى تراجعت بين القاهرةوبغداد، بدأت العراق التوجه نحو إيران التى وجدت فيها بديلا عن مصر ومساندتها لها خلال العقود الماضية، لا سيما وأن العلاقات بين إيرانوالعراق تميزت بعدة روابط متينة خلال العقود الماضية، واتخذت فى أغلب الفترات الزمنية بعداً عسكرياً، حيث نشأت علاقات موغلة فى القدم بين كل من بلاد الرافدين (العراق) وبلاد فارس (إيران)، وذلك بسبب الجوار الجغرافى، واصلت الامبراطورية الفارسية توسعها ونموها فى عهد كورش الكبير، الذى فتح مدن اليونان واستولى على مدينة بابل سنة 538 قبل الميلاد. تزامن اندلاع الثورة الإسلامية فى إيران عام 1979، مع تولى صدام حسين، الحكم فى العراق، وتدهورت العلاقات بين البلدين فور تولى نظاميهما الجديدين فى ذلك الوقت أمور الحكم، وتراشق الطرفان بالاتهامات، فاتهمت إيرانالعراق بإعدام الرموز المعارضة وعلى رأسها محمد باقر الصدر، أما العراق فاتهمت إيران باستغلال المذهب الشيعى لإحداث قلاقل فى الدول المجاورة ومحاولة تصدير الثورة لاسيما إلى تلك الدول التى بها أقلية شيعية. ارتفعت بسرعة وتيرة الحرب الإعلامية بينهما، خاصة بعد ظهور قضية أخرى وهى قضية الأحقية فى مياه شط العرب، وبعد عشرة أشهر من ذلك التوتر تحول التراشق بالكلام إلى تراشق بالمدفعية، ثم اندلعت الحرب واستمرت من 1980 حتى 1988. اعتبر المراقبون زيارة الرئيس الإيرانى أحمدى نجاد، إلى العراق 2/3/2008 محطة تاريخية فى العلاقات بين البلدين، حيث يعتبر أول رئيس إيرانى يزور العراق منذ خاضت الجارتان الحرب معاً، بل إنه أول رئيس على مستوى العرب والدول الإسلامية أقام لمدة يومين فى بغداد وعقدَ اتفاقات ثنائية كبيرة، ويرى القادة العراقيون أن أهمية هذه الزيارة جاءت أيضا من كونها أول زيارة لرئيس دولة من دول الجوار، وهو الأمر الذى من شأنه أن يطلق رسالة لبقية دول الجوار من أجل القيام بزيارات مماثلة لبغداد على هذا المستوى العالى لدعم العملية السياسية الجارية فيه، ولمساعدة الشعب العراقى على تجاوز محنه ومصاعبه، ويتضح ذلك من توقيع عشرة اتفاقيات ثنائية أثناء الزيارة، وذلك بهدف تعزيز الروابط الاقتصادية والتجارية، هذه الاتفاقيات شملت النقل فى مجال السكك الحديدية والشحن والنقل البحرى والكهرباء. أعلن رئيس غرفة تجارة طهران فبراير الماضى يحيى إسحاق، أن قيمة صادرات إيران فيما يتعلق بالخدمات الفنية والهندسية للعراق بلغت 6 مليارات دولار منذ 21 مارس عام 2014 وحتى نوفمبر 2015، وأعلن وزير الطرق والمواصلات الإيراني عن تعزيز التعاون الثنائي بين طهرانوبغداد في المجالات التنموية والعمرانية، وأعرب عباس آخوندى، خلال اجتماعه مع وزير الإسکان والإعمار العراقى طارق الخيکانى، شهر فبراير الماضى عن استعداد طهران لتطبيق ثلاثة مشاريع ضخمة فى العراق وهى بناء جسر، والطريق الدائرى بمدينة الحلة، وتمهيد الطرق فى محافظة کربلاء المقدسة.