حفظ النفس الإنسانية هى من أهم مقاصد الدول التى تحترم مواطنيها، ومن أجل ذلك تقدم نظامًا صحيًّا أكثر أمانًا وحفاظًا على صحة مواطنيها، وذلك بتجهيز مستشفيات عامة تشرف عليها عن طريق أجهزة رقابية لا تتهاون مع مقصر، أو من يعرض حياة المواطن للخطر. هذا هو الأمر الطبيعي جدًّا، لكن ما يحدث في دمياط فأعجب من العجب.. فلك أن تتخيل أن المستشفى الأكبر والأشهر بالمحافظة، وهو المستشفى التخصصى بالأعصر، لا يوجد به جهاز للأشعة المقطعية! ذلك الجهاز الأكثر استخدامًا فى عمليات جراحة المخ والأعصاب، والتى لها قسم خاص بالمستشفى، وهو ما يدفع المريض لعمل أشعة خارج المستشفى قبل إجراء العملية، ثم يضطر أهل المريض للمجازفة بحياته بعد خروجه من غرفة العمليات وإخراجة بسيارة إسعاف لإجراء أشعة أخرى بعد العملية! وهو ما زال تحت تأثير البنج! هذا ما أكده محمود عرفات بقوله "دخل شقيقى المستشفى لإجراء جراحة فى رأسه، تندرج تحت عمليات المخ والأعصاب، وتستلزم إجراء أكثر من أِشعة مقطعية على المخ؛ حتى يستطيع الأطباء تحديد نقطة البداية فى الجراحة؛ لأن الأِشعة تعتبر هى عين الطبيب فى المنطقة المصابة، ولأنه لا يوجد فى المستشفى التخصصى بالأعصر جهاز أشعة مقطعية، فنضطر لعملها خارج المستشفى، وغالبًا فى مبنى الجهاز الهضمى المجاور للمستشفى، وهو الأمر الأسهل، لكن المأساة فى طلب الأطباء إجراء أشعة على نفس الجهاز عقب إجراء العملية بساعات قليلة، وربما يكون المريض وقتها لم يستعد وعيه الكامل، ولكن الأشعة مهمة للطبيب الذى أجرى الجراحة؛ حتى يطمئن أنه أجرى الجراحة بطريقة سليمة، فنضطر أن نخاطر بحياته، ويتم نقله بسيارة الإسعاف إلى حيث يوجد جهاز الأشعة. كل ذلك وهو تحت تأثير المخدر، وهذا يعرض حياته للخطر، ولكننا مضطرون لعمل ذلك؛ لعدم وجود جهاز أشعة فى المستشفى الذى تعتبر أكبر مستشفى عام بدمياط". "عمر ع. م." طبيب نائب بالمستشفى يقول إن مستشفى بهذا الحجم والأهمية يجب أن يشتمل على جميع الأجهزة الطبية الحديثة والتى من بينها وبالأساس جهاز الأشعة المقطعية؛ لأنه من الأهمية بمكان بالنسبة لجراحات المخ، ولكن من خلال عملى بالمستشفى يبدو أن بعض من يقومون على أمرها لا يريدون لهذا الجهاز بالذات أن يتواجد بها؛ نظرًا لتعارضه مع مصالحهم الشخصية. ربما يستفيدون من إجراء الأشعة خارج المستشفى، ولكن فى الإجمال عدم وجود جهاز كهذا فى المستشفى نقيصة كبيرة جدًّا".