مالك عدلي: النظام السياسي الحالي لا يختلف عن خطاب السلفيين التمييزي ضد المرأة فتحي فريد: العنف الجنسي وضعف التمكين السياسي للمرأة أبرز المشكلات التي تواجه مصر زينب ثابت: مصر لا تملك أي دليل إيجابي تدافع به في نيويورك عن تحقيق المساواة بين النساء والرجال محمد عبد الله: لم نصل إلى قواعد قانونية فيما يتعلق بإعلان بيجين باستثناء التعديل الذي حدث على قانون العقوبات فيما يتعلق بالتحرش الجنسي وما زالت مصر رقم 2 على العالم هدي بدران: المواقف الذكورية التي يتسم بها القضاء أحد أبرز العراقيل تجاه حقوق النساء من الممكن أن تتشدق الحكومة بحقوق المرأة والإنجازات التي حققتها في دعم وتمكين النساء، وذلك لإقناع الراي العام الداخلي والعربي، ومن الظلم أن نغفل أي إجرءات ايجابية حدثت في إطار التمكين السياسي والاجتماعي للنساء خلال السنوات الماضية والحقوق الأخرى تأتي في إطار الوعود التي لم تتحق، ولكن من المهم أيضًا أن ندرك أن الحكومة المصرية لا يمكنها أن "تضحك على الخواجة" أو الرأي العام الدولي في أعمال الدورة (59) للجنة وضع المرأة بالأممالمتحدة CSW التي تُعقد بمقر الأممالمتحدةبنيويورك خلال الفترة من 9- 20 مارس الجاري. تلك اللجنة التي تستمر أعمالها لمدة أسبوعين بمقر الأممالمتحدة في نيويورك لمناقشة التقدم المحرز والفجوات في مساواة النوع الاجتماعي وتمكين المرأة من خلال استعراض جهود الدول في تنفيذ منهاج عمل بكين بعد عشرين عامًا على صدوره عام 1995، ووضع أجندة الأممالمتحدة لما بعد 2015 من أجل استمرار تقدم المرأة. يقول فتحي فريد – مؤسس مبادرة "شفت تحرش": "إن العنف الجنسي ضد المرأة وضعف التمكين السياسي للنساء يعد من أبرز الملفات التي ستكون مطروحة للنقاش في جلسات لجنة وضعية المرأة بالأممالمتحدة csw في دورتها 59 بنيويورك، وسوف يكون ملفًّا مطروحًا للنقاش بقوة ربما يصل إلى الاستنكار من غياب الآليات الواضحة التي اتخذتها الدولة المصرية خلال الفترة الماضية لمواجهة ذلك العنف الجنسي وضعف المشاركة السياسية للمرأة". وأضاف فريد أن السفيرة مرفت التلاوي سوف تستحضر للدفاع عن موقف مصر خلال الجلسات تلك بروتوكولات التعاون التي أجراها المجلس كآلية وطنية للدفاع عن حقوق المرأة بمصر مع وزارة الداخلية والعدل، وأن المجلس ساهم في تأسيس وحدة جرائم العنف ضد المرأة التابعة لقطاع حقوق الإنسان بكلتا الوزارتين ، فضلاً عن تعاون المجلس مع منظمات المجتمع المدني ، بالإضافة لحديثها عن الاستراتيجية الوطنية لمناهضة كافة شكال العنف ضد المرأة التي سوف تدشن بعد المؤتمر الاقتصادي ، وسوف تسوق التلاوي المعلومات بأن كافة الوزارات المصرية شاركت في صياغة هذه الاستراتيجية. وأوضح فريد أن كل هذه الحجج التي سوف تقال في الجلسات ليست كافية وليست مقنعة للجهات الدولية ، فهم يحتاجون إلي حلول واضحة مرتبطة بإدارة وخطة زمنية محددة ، معربًا عن أنه من المؤسف أن يظل الحديث عن حقوق المرأة معسولاً طول الوقت، ولكن تظل هناك فجوة عند التطبيق من الإدارة المصرية لهذه الوعود ، حيث إن صانع السياسات لا يمتلك رؤية واعية لأهمية الملف القائم علي التنمية المستدامة للمجتمعات، فلا يمكن أن نسمع تصريحات طفولية لمحافظ الشرقية ، أو نرى تبريرًا حتى الآن بأن النساء غير قادارت على تولي منصب المحافظ، ويتم إسكاتهن بمركز نائب المحافظ. ومن جانبها قالت زينب ثابت – مؤسس حركة كرامة بلا حدود – إن موقف مصر سيكون في الأممالمتحدة أمام لجنة وضعية المرأة في دورتها 59 صعبًا للغاية ، لأنها لا تمتلك دليلاً إيجابيًّا واضحًا على قدرتها على تحقيق تمكين سياسي للنساء في مصر ، ولم تحقق تقدمًا ملحوظًا فيما يختص بآليات واضحة تخص تحقيق المساواة بين الرجال والمرأة ، فلا يمكن أن يكون النجاح الذي قدمه المجلس القومي للمرأة كآلية وطنية للمرأة ويدافع عنه خلال جلسة وضعية المرأة بالأممالمتحدة هو سن قانون لمكافحة التحرش الجنسي فقط! وأوضحت أن قانون التحرش أو التعديلات التي أجريت على قانون العقوبات وتم من خلالها الاعتراف قانونيًّا ورسميًّا وإضافة لأول مرة كلمة تحرش جنسي، يعد مكسبًا بلا شك ، ولكن هذا المكسب ينقصه الكثير، منه غياب التمكين الحقيقي للنساء من تحرير محاضر في أقسام الشرطة دون أن يتعرضن للعنف النفسي والإهانة من أفراد الأمن، فما زال القانون يحتاج إلى تعديلات تمكن من حماية الشهود وتحافظ على خصوصيتهم من أي تهديد. وأعربت ثابت أن التحرش الجنسي هو أحد أشكال العنف الذي تتعرض له النساء في مصر، ولن يكون كافيًا أن يكون خط الدفاع الأول لمصر في الأممالمتحدة، لأن هناك تساؤلات ستكون مطروحة للنقاش في نيويورك منها أين دور الدولة المصرية من مكافحة العنف السياسيي للمرأة وعدم إتاحة فرص حقيقية لها للترشح في البرلمان المقبل وتحقيق تمثيل عادل لها بدلاً من 56 مقعدًا الذي ترتب على قانون الانتخابات بالنظام الفردي، وترك المرأة فريسة للمال السياسي والعصبيات القبلية، بالإضافة إلى تساؤلات على محاور أخرى كالتمكين الاقتصادي على سبيل المثال، فإذا كان اليوم العالمي للمرأة 8 مارس تم تخصيصه للاحتفال بالنساء في ذكرى خروج العاملات بنيويورك يطالبن بالخبز والورد والعدالة في الأجور، فما زالت العاملات المصريات يعانين ظروف وبيئة عمل صعبة، وتمييزًا في الأجور، وعدم توفير حضانات للأطفال، وعدم تطبيق إجازات قانون العمل للنساء من إجازة الوضع وساعات الرضاعة وغيرها من أوجه القصور. بينما يرى مالك عدلي – المحامي بالمركز المصري للحقوق الاقتصادية – أن النظام السياسي الحالي لا يختلف عن خطاب السلفيين تجاه المرأة وحقوقها، ولكن الاختلاف هو تبني شعارات حول قضية المرأة كشكل ديكوري أمام المجتمع الدولي، فهو لم يتخذ أي آليات حقيقية لتغيير الموروث الثقافي الذي يدعم مناخ التمييز والعنف ضد المرأة، بل ترك الإعلام يوجه خطابًا تمييزيًّا تجاهها. وأضاف عدلي أن المرأة تحتاج إلى تطبيق التشريعات والدستور التي تلزم الدولة بتحقيق المساواة، وإرادة سياسية قادرة على تمكين النساء في أماكن صنع القرار والمناصب العليا، فلا يمكن أن يكون تمثيل النساء هزيلاً في الوزارات، ولا يكون تمثيلهن لمجرد ذر الرماد في العيون بتعيين ثلاث نائبات للمحافظ، فنحن نحتاج إلي تغيير الموروث الثقافي الذي يقلل من شأن المرأة بسياسات حقيقية تكون الدولة على رأس من ينفذها. بينما قال محمد عبد الله خليل – مدير وحدة البحث والتطوير التشريعي بالمجلس القومي لحقوق الإنسان – إن المرأة تحتاج من البرلمان المقبل حزمة من التشريعات السريعة تضمن ترجمة حقيقية لدستور 2014 والذي منحها العديد من المكتسبات، ولكنها تظل معطلة دون تطبيق، منها قانون المحليات لتمكين النساء من 25 % من مقاعد المحليات المقبلة، فضلاً عن تشريع جديد لقانون الانتخابات؛ حتي يضمن تمثيلاً أكثر من 56 مقعدًا الذي تشارك به النساء في برلمان 2015 ، وذلك حتى يتناسب مع تمثيلها في المجتمع الذي تمثل 49% منه. وأضاف خليل أن النساء بحاجة إلى إعادة تنقية للقوانين الحالية التي تحمل تمييزًا ضدها، ومنها قانون العقوبات، وخصوصًا المواد الخاصة بعقوبة الزنا والدعارة. أما على مستوى الحقوق الاقتصادية، فنحتاج إلى قانون عمل يضم كافة أشكال العمالة، ومنها العمالة المنزلية والعاملات الزراعيات اللائي لا يتمتعن بأي حماية قانونية أو نقابية، ويتعرضن لكافة أشكال التمييز والعنف الجسدي والمعنوي، بالإضافة إلى حق النساء في رعاية صحية شاملة وتمييز إيجابي في ذلك الأمر، نظرًا لما تقوم به من دور إنجابي، فهي تحتاج إلى تغطية شاملة للتأمين الصحي لها، ويتم إدراج ذلك بدقة في موازنة الدولة التي سيناقشها مجلس النواب، والذي يجب أن يؤكد على دعم وزارة الصحة والتأمين الصحي ماليًّا. أما عن إعلان بيجين وما حققته مصر خلال السنوات الماضية يقول خليل "على مستوى التشريع لم نصل إلى قواعد قانونية باستثناء التعديل الذي حدث علي قانون العقوبات فيما يتعلق بالتحرش الجنسي. أما العنف المنزلي فهو يظل في القانون المصري تحت بند التأديب، وظلت مصر متقدمة وحاصلة علي المركز الثاني عالميًّا في جرائم التحرش الجنسي". وصرحت الدكتورة هدي بدران – رئيس الاتحاد العام لنساء مصر- أن الاتحاد انتهي من وضع التقرير العربي الموازي لتقرير الحكومات بتقرير الظل عن تطبيق قرارات بيجين في الوطن خلال سنوات 1995-2015 ، وأن تقرير الظل يعرض وجهات نظر الجمعيات الأهلية في 22 دولة عربية بالنسبة لوضع المرأة بعد عشرين عامًا من انعقاد المؤتمر الدولي الرابع للمرأة في بيجين، موضحة أن التقرير استعان في عرضه بالبيانات المتاحة علي التقارير المحلية والإقليمية والدولية والتي صدرت منذ عام 1995، موضحة أن هذا التقرير ينطلق من تقرير الظل السابق الصادر في 2010 ليناقش الإنجازات والتحديات التي قوبلت بعد صدوره. ويتكامل هذا التقرير مع التقارير الأخري الإقليمية التي أعدتها جامعة الدول العربية بالاشتراك مع اللجنة الاقتصادية الاجتماعية الإقليمية لغرب آسيا الإسكوا ESCWA ومنظمة المرأة التابعة للأمم المتحدة UN WOMEN. وقد استندت تلك التقارير على تقارير الحكومات العربية والمشاورات الإقليمية بمشاركة الجمعيات الأهلية. وأوضحت بدران أن التقرير تضمن توصيات من أهمها ضمان مساءلة الصناديق الائتمانية الخيرية (مثل صناديق الأوقاف والزكاة)، وتحسين الحماية الاجتماعية وتحديد الفئات المستهدفة للإعانات النقدية، علاوة على أهمية توفير المرافق والخدمات الخاصة بالصحة العقلية. كما تضمن التقرير حث الحكومات العربية على أن تلتزم بالحد من العنف ضد المرأة، كمشكلة تتعلق بالصحة العامة والصحة الوقائية، مع التأكيد على أن يتضمن أي تشريع مقترح للحد من المشكلة "تدابير وقائية"، بما في ذلك التحفظ علي النساء المعتدى عليهن فورًا بعيدًا عن المعتدين، دون انتظار نتائج تحقيقات الشرطة والقضاء. كما تضمن التقرير مطالبة الدول العربية بوضع قرار مجلس الأمن رقم 1325 بالكامل موضع التنفيذ وصياغة خطط العمل الكفيلة بتنفيذ هذا القرار، مع ضمان التمثيل العادل للمرأة في آليات مفاوضات حل النزاعات. وأكدت أن التقرير شدد على أهمية مساعدة المرأة وتقديم حلول لها، بحيث تتمكن من التوفيق بين التزامات العمل وواجباتها نحو الأسرة. ويشمل ذلك التدابير اللازمة لحماية الأمومة ورعاية الطفل ودعم وتنفيذ سياسات الموارد البشرية التي تراعي اعتبارات النوع. وعلي صعيد المشاركة السياسية للمرأة أوضحت أن نتائج التقرير أشارت إلى أنه عادة ما تهمش المرأة العربية في الأحزاب السياسية، ويشغل عدد قليل منهن مناصب قيادية في أحزابهن، فهناك على سبيل المثال امرأة واحدة رئيسة لحزب سياسي جديد في مصر (حزب الدستور) وامرأة تونسية علي رأس حزب سياسي.. وقد ازداد عدد النساء العضوات في الأحزاب السياسية في بعض البلاد، وخاصة تلك التي شهدت ثورات أو إصلاحات. ارتفعت نسبة النساء العضوات في الأحزاب السياسية الأردنية مثلاً من 27.8٪ في عام 2008 إلى ٪ 29.1 في عام 2010. وفي هذا الصدد هناك حاجة للالتزام السياسي بالوفاء بمقررات منهاج عمل بيجين بزيادة نسبة المقاعد التي تشغلها النساء في الحكومات إلي 30٪ كحد أدنى. وأضافت هدى بدران أن التقرير أوضح أن هناك عقبات تواجه النساء وتحرمهن من ممارسة حقوقهن التي تقرها القوانين الوطنية للبلد، ومنها المواقف الذكورية التي يتسم بها القضاة، وصعوبة الوصول إلى العدالة؛ بسبب عدم توفر المساعدة القانونية للنساء الفقيرات، وجهل المرأة بحقوقها القانونية، وطول إجراءات التقاضي. كما تعاني بعض النساء في الدول العربية التي تشهد قلاقل وصراعات مسلحة من سوء المعاملة والإرهاب على أيدي الموظفين المكلفين بتنفيذ القانون والفصل من العمل وغيرها من أشكال الانتقام؛ لمشاركتها المدنية، بما في ذلك الاحتجاز في الأقسام. واجهت الكثير من المدافعات عن حقوق الإنسان خلال الانتفاضات والتحولات عدة انتهاكات لحقوقهن، وتم تهميشهن في عملهن وفي المجتمع، ويتم تشويه سمعتهن كما هو الحال في اليمن. وهناك عدد من المحتجزات على ذمة قضايا، وأخريات مسجونات كما هو الحال في مصر والبحرين. وفي نفس السياق تضمن التقرير مؤشر عدم المساواة على أساس النوع بين الدول العربية بين 0،215- 0،73 (ويعكس ذلك نسبة فقد في الإنجازات ما بين 22٪ و 73٪). ويصل مؤشر عدم المساواة بين الجنسين إلى أعلى مستوى في اليمن (0.73،) مشيراً إلى أن حجم الفجوة بين الرجال والنساء في اليمن هو الأكبر على جميع أبعاد التنمية البشرية بين البلاد العربية، ويتبعها موريتانيا والسودان. ويتراجع وضع الدول العربية على مؤشر ال GII خلف وضعها على مؤشر ال HDI تراجعت قطر 82 درجة؛ بسبب عدم المساواة بين الجنسين. من ناحية أخرى، ووفقًا لتقرير التنمية البشرية العالمي عام 2014، وصلت ليبيا إلى أحسن وضع بالنسبة لمؤشر عدم المساواة بين الجنسين بين جميع الدول العربية قيد التحقيق. وعمومًا بلغ مؤشر الGII للدول العربية 0.546 في 2013، وهي بذلك ثاني أعلى منطقة بعد جنوب الصحراء الكبري بإفريقيا وأعلى من المتوسط العالمي (0.451) بالنسبة لعدم المساواة. وتظهر الدول العربية تفاوتاً هائلاً في نسب وفيات الأمهات، وتصل حتى بين البلدان ذات مستويات التنمية البشرية المتقاربة. فتقع الجزائر وتونس علي درجة مماثلة للأردن ولبنان على مقياس الHDI، ولكن تبلغ نسبة وفيات الأمهات في الجزائر أربع مرات الأردن. وأظهرت الدول ذات التنمية البشرية المنخفضة نسب وفيات عالية للأمهات (أكثر من 200 لكل 100000 ولادة حية). وجدير بالذكر أن المغرب لديها أعلى نسبة وفيات للأمهات بين البلدان ذات التنمية المتوسطة (100 حالة وفاة لكل 100000 ولادة حية). واختتمت رئيس الاتحاد العام لنساء مصر بأن هناك مجموعة توصيات منها أهمية أن تتضمن مجالس أمناء الآليات الوطنية للمرأة – مثل المجلس القومي للمرأة- ممثلات للجمعيات الأهلية والقيادات النسائية، وتكوين لجنة للمساواة على أساس النوع داخل كل البرلمانات العربية؛ لكي تراجع القوانين وتكون حساسة للنوع الاجتماع، وإتاحة فرص التعليم للمواطنين بالمناطق المهمشة، وتسهيل التعليم عن بعد، وتقديم برامج مناسبة لتعليم المرأة، ويجب أن تدرب الجمعيات الأهلية على المساهمة في هذا المجال.