طابا من المناطق السياحية التي حباها الله طبيعة ساحرة فى سيناء، تؤهلها لأن تكون أكثر المناطق رفاهية بمنطقة الشرق الأوسط، حيث تعانق الجبال مياه البحر الأحمر الزرقاء، التي تطل في آن واحد على أربع دول، في موقع فريد، جعلها ملاذًا لقضاء العطلات بها لسكان هذه الدول. على امتداد شواطئ طابا، نجد المخيمات التي أعدها البدو لاستقبال ضيوفهم، حيث تتوافر بطابا السياحة الترفيهية والثقافية والسفاري والسياحة الأثرية.. ولكن أين الزائر الذي يتمتع بكل هذا؟ تتمثل السياحة الثقافية في قلعة صلاح الدين بجزيرة فرعون، والسياحة الترفيهية والسفاري في الأودية قرب طابا؛ مثل وادي طويبة الذي يحوي نقوشًا أثرية لحضارات تعاقبت على أرض سيناء، كما يشكل الطريق من طابا إلى النقب لوحة فنية من المنحوتات الطبيعية التي شكلتها عوامل التعرية. موقع استراتيجي تبعد قلعة صلاح الدين بجزيرة فرعون 10كم عن مدينة العقبة، وعن شاطئ سيناء 250 كم، تشرف على حدود 4 دول السعودية والأردن وفلسطين المحتلة ومصر، أنشأها القائد صلاح الدين عام 567ه 1171م لصد غارات الصليبيين وحماية طريق الحج المصري عبر سيناء، تحوي منشآت دفاعية من أسوار وأبراج وفرن لتصنيع الأسلحة وقاعة اجتماعات حربية، وعناصر إعاشة من غرف الجنود وفرن للخبز ومخازن غلال وحمام بخار وخزانات مياه ومسجد أنشأه الأمير "حسام الدين باجل بن حمدان". بنيت القلعة من الحجر الناري الجرانيتي المأخوذ من التل التي بنيت عليه القلعة، حيث كان بناؤها تفاعلًا بين الإنسان والبيئة، وتقع على تل مرتفع عن سطح البحر شديد الانحدار فيصعب تسلقه، فوق تلين كبيرين شمالي وجنوبي، بينهما سهل أوسط كل منهما تحصين قائم بذاته قادر على الدفاع في حالة حصار الآخر، ويحيط بهما سور خارجي كخط دفاع أول للقلعة، كما حفرت خزانات مياه داخل الصخر. جزيرة فرعون أكد الدكتور عبد الرحيم ريحان، مدير عام البحوث والدراسات الأثرية بسيناء، تسمية الجزيرة ب"فرعون" لا علاقة له بالفراعنة، حيث لم يتواجد المصريون القدماء بهذه الجزيرة وتركز نشاطهم بسيناء في طريق حورس الشهير بشمال سيناء، وبمنطقة "سرابيت الخادم" والمغارة ووادي النصّب بجنوبسيناء، حيث أعمال تعدين الفيروز والنحاس، وأقدم تواجد بالجزيرة كان للعرب الأنباط، وكان بالجزيرة نشاط ملحوظ في القرن السادس الميلادي، حيث أنشأ الإمبراطور "جستنيان" فنارًا فوق التل الجنوبي بجزيرة فرعون بطابا؛ لإرشاد السفن التجارية القادمة من جزيرة جوتاب (تيران) إلى رأس خليج العقبة لخدمة تجارة البيزنطيين، وكلمة فنار بالإنجليزية "Phare" حرفت فيما بعد إلى "فارعون" فأطلق عليها جزيرة فرعون. وأوضح الدكتور عودة نمر، مدير عام الآثار الإسلامية بشمال سيناء، أن فكر صلاح الدين الأيوبي الاستراتيجي تبلور في المنشآت العسكرية، متمثلًا في القلعة التي سميت باسمه، التي بناها عام 1171م من الأحجار النارية المأخوذة من التل نفسه المبنية عليه القلعة، علاوة على استغلال موقع جزيرة فرعون نفسها كعنصر دفاعي، حيث تحيط بها المياه من جميع الجهات. وقال: التشكيل الجيولوجي للتل الذي بنيت عليه القلعة، كتل شديدة الانحدار، مكنته من زيادة مناعة القلعة المبنية عليها؛ لصعوبة تسلقها، ومكنه اختياره للموقع نفسه عند رأس خليج العقبة، من الإشراف والمراقبة للمنطقة كلها من جزيرة فرعون حتى أيلة المقابلة للجزيرة، وصد حملة الأمير الصليبي أرناط عام 1182م على القلعة، وتجسد الفكر العسكري لديه أيضًا في قلعة الجندي، التي تبعد 100كم جنوب شرق نفق الشهيد أحمد حمدي، وسميت بهذا الاسم لوقوعها على رأس تل يشبه رأس الجندي، حيث توفرت لها كل وسائل الحماية، فهي مبنية على تل مرتفع 645 م فوق مستوى سطح البحر وشديدة الانحدار فيصعب تسلقها ومهاجمتها، ومحاطة بخندق اتساعه ما بين 5 إلى 6 م مما يزيد من مناعتها. سياحة تحت الصفر وقال "محمود محمد" من أهالي جنوبسيناء: السياحة بالمدينة وخاصة بقلعة صلاح الدين "تحت الصفر"، ومنذ ثورة 25 يناير مافيش سياحة غير إجازة نصف العام من السياحة الداخلية". وأوضح أحمد علي، من أهالي مدينة شرم الشيخ، أن أزهى فترات السياحة بمصر كانت في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي وحتى 2005 بعد استهداف الإرهابيين لبعض الأماكن الأثرية؛ وخاصة حادث "قرية غزالة" الشهير في شرم الشيخ عام 2005، بعدها انهارت السياحة بجنوبسيناء، وبالتالي يخاف السائحون من التنزه في أماكن يستهدفها الإرهاب. الطريق الحربي يقول الدكتور ريحان، مدير عام البحوث والدراسات الأثرية بسيناء: طريق صلاح الدين الحربي بسيناء لتحرير القدس من أشهر الطرق الحربية وأهمها في العصر الإسلامي، استخدمه في غزواته بالشام وأنشأ عليه مراكز محصّنة ونقاط حراسة، وبنى قلعته الشهيرة برأس سدر "قلعة الجندي" وقلعته بجزيرة فرعون بطابا؛ لتأمين هذا الطريق الذي يبدأ من "القلزم" السويس حاليًا إلى وادي الراحة حتى يصل إلى قلعة الجندي 100 كم جنوب شرق السويس، وينحدر إلى وادي العريش ثم عدة أودية حتى بئر الثمد 180 كم جنوب شرق السويس، وعبر عدة أودية وجبال إلى وادي طويبة الذي يؤدى لجزيرة فرعون 260 كم شرق السويس، ويستمر شرقًا إلى مفرق العقبة، ومن أشهر معالم هذا الطريق قلعة صلاح الدين. وأضاف "ريحان":رغم أهمية هذا الطريق، إلَّا أنه لا أحد يعرفه، وعلينا إحياء معالمه بربطه في رحلة سياحية واحدة وتمهيد الطريق إلى قلعة الجندي من الجهتين من رأس سدر ومن صدر الحيطان بوسط سيناء وتطوير القلعتين، وإبرام عمل اتفاقيات سياحية مشتركة مع الدول العربية لتنشيط سياحة هذا الطريق وتطوير الأنشطة السياحية حول قلعة صلاح الدين بجزيرة فرعون بطابا للاهتمام بسياحة الغوص، حيث تعتبر جزيرة فرعون ثاني منطقة بسيناء فى هذا المجال بعد رأس محمد والأنشطة البحرية المختلفة وتطوير سياحة السفاري بتنظيم رحلات سفاري للأودية حول القلعة.