انتهت اجتماعات دول منابع الحوض الشرقي لنهر النيل بحضور وزراء الخارجية والري لمصر وإثيوبيا والسودان بفشل ذريع، ورفضت إثيوبيا تقديم أي تنازلات لبناء الثقة مع مصر أو أي تعديلات على سد النهضة، كما رفضت صدور بيان ختامي لجلسة المباحثات التي استمرت على مدار ثلاثة أيام، الأمر الذي ينبئ بأن إثيوبيا أصبحت دولة كبرى وفى طريقها لريادة المنطقة. قال الدكتور نادر نور الدين، أستاذ الأراضي والمياه بزراعة القاهرة، إن البيان الذي أصدره وزيري الخارجية والري المصريان، يؤكد عدم شفافية ومصارحة للشعب المصري بحقيقة الأمور، مضيفا أن رد الوزير الإثيوبي بأن بلاده ستلتزم فقط بالتوافق السياسي، أكبر دليل على المأساة التي ستعيشها الأجيال القادمة بعد أن رحل المسئولون الحاليون الحرب إليهم، لكن وقتها ستكون إثيوبيا أقوى وأكثر استعدادا. ودلل "نور الدين" على فشل اجتماع الخرطوم الأخير، بأن إثيوبيا أنشأت سدها الكارثي دون التوافق مع مصر، بل فرضته علينا، فضلا عن عدم مثولها للطلب المصري بإيقاف العمل في السد أو حتى إبطائه حتى انتهاء تقرير المكتب الاستشاري، لافتا إلى أن الأمر الأكثر خطورة، فشل مصر في تقليل سعة تخزين بحيرة سد النهضة من 74.5 مليار إلى 14.5 مليار. وأوضح خبير المياه أن 136.5 مليون طنا من الطمي تحملهم مياه النيل الأزرق سنويا من شأنها ردم السد، ولذلك سيقيمون سدودا أخرى؛ لمنع وصل الطمي إلى سدهم، وبالتالي لن يكون الأخير على النيل الأزرق الذي يمد مصر بنحو 64% من المياه، بل مجرد بداية لسلسلة مكونة من خمس سدود. وكشف "نور الدين" عن كواليس الاجتماع الذي تم خلاله الاتفاق على استكمال السد بنفس مواصفاته وشراء مصر للكهرباء، وعدم تعهد إثيوبيا بأي حصة مياه لمصر، ولن يكون سد النهضة آخر السدود الإثيوبية، بل سيبنون أربعة آخرين، مضيفا أن رئيس وزراء إثيوبيا صرح فور عودته إلى بلاده، أنهم سيلتزمون فقط بالاتفاق السياسي مع مصر دون «الفني أو المائي»، فضلا عن عدم التلويح بالحروب والالتزام بالحلول السلمية للمشاكل، وطالب خبير المياه بضرورة التحرك بقوة في دول منابع النيل الأبيض؛ لعودتهم إلى مصر وانتزاعهم من حضن إثيوبيا. من جانبه، قال الدكتور محمد نصر الدين علام، وزير الري الأسبق، إن الاجتماعات التي ضمت دول حوض النيل الشرقي لم تتطرق خلال مباحثاتها إلى حجم سد النهضة – الأمر الأكثر خطورة، وتم التفرغ لمناقشة كيفية إدارة السد، واعتبار أن المواصفات الحالية أمر مسلم به وغير مقبول طرحها على مائدة المفاوضات، لافتا إلى أن هناك تراجعا ملموسا وواضحا للمختصين؛ لانعدام الرؤية لدي المعنيين بشأن السد. وأكد "علام" أن التعتيم على نتائج اجتماع الخرطوم الأخير، أكبر دليل على فشله؛ لأن الجانب الإثيوبي نجح في فرض مطالبه وحصل عليها، بعيدا عن مصالح دول المصب، التي ما زالت تسعى لتشكيل منظمة تجمع الدول الثلاث "مصر، والسودان، وإثيوبيا"؛ لتقسيم المياه فيما بينهم، مما يؤدي في النهاية إلى إلغاء كل الاتفاقيات السابقة التي كانت تقر حصة مصر التاريخية من المياه. ولفت إلى أن المكتب الاستشاري لم يعد له فائدة، بعدما حققت إثيوبيا من المفاوض المصري، أهدافها المتمثلة في استمرار بناء السد وبسعته التخزينية المعلنة والمقدرة ب74 مليار متر مكعب، دون الانتقاص منها، موضحا أنه مازال هناك حلول كثيرة من شأنها إنقاذ الأمن القومي المائي، إلا أنها تعتمد على الحنكة السياسية للمفاوضين المصريين.