أثارت زيارة رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتيناهو إلى واشنطن من أجل إلقاء خطاب في الكونجرس جدلًا واسعًا، فبين دعوة وترحيب من نصف الكونجرس الجمهوري واستياء وغضب الرئيس باراك أوباما من هذه الزيارة، تشهد العلاقة بين واشنطن وتل أبيب حالة من التوتر والاضطراب، يأتي ذلك في ظل مباحثات القوى الغربية مع إيران والتي تشهد تقدم إيجابي قد يصل في الفترة المقبلة إلى اتفاق نهائي. يتحدث رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو أمام منصة الكونجرس الأمريكي في جلسة مشتركة تضم أعضاء النواب والشيوخ، ومن المؤكد أن نتنياهو سيستغل هذه المناسبة لإطلاق التحذيرات النارية للكونجرس من المفاوضات الحالية التي تقودها الولاياتالمتحدةالأمريكية مع إيران وذلك في محاولة لإفشال أي اتفاق . مستقبلي وخلال مناسبتين سابقتين أمام الكونجرس نجح نتنياهو في إحباط عملية سلام «أوسلو» عام 1996، وتقويض خطة الرئيس أوباما الرامية إلى استئناف المحادثات الإسرائيلية الفلسطينية في عام 2011، إلا أنه يأمل هذه المرة أيضاً أن يستغل هذا الخطاب في تعزيز عزيمة أعضاء الكونجرس الذين يعارضون المفاوضات الحالية مع إيران. وتوالت ردود الأفعال المؤيدة لأوباما فور إعلان الكونجرس عن الخطاب، وتم انتقاده بأنه «خرق للبروتوكول»، و«تحرك حزبي غير ملائم»، ثم تطورت الردود إلى حرب تصريحات وإجراءات شديدة العدائية، فاتهم البيت الأبيض سلوك رئيس الوزراء الإسرائيلي بأنه مدمر لنسيج العلاقات «الأمريكية الإسرائيلية»، كما وصف وزير الخارجية الأمريكي جون كيري انتقادات نتنياهو للمفاوضات مع إيران بأنها تنمّ عن جهل. على المستوى الداخلي بالكيان الصهيوني؛ أثار الخطاب المرتقب لنتنياهو غضب المعارضة، واتهمه البعض بالتدخل في السياسات الأمريكية، والتسبب في سوء العلاقات الأمريكية- الإسرائيلية، بالإضافة إلى أن الخطاب يأتي في مرحلة حرجة، قبل أيام قليلة من الانتخابات البرلمانية الإسرئيلية مما قد يعزز فرصة في الفوز، كما اتهمه رئيس «الموساد» السابق بأن خطابه «بلا فائدة وغير بناء»، وحتى الرئيس الإسرائيلي نقل عنه مؤخراً انتقاده لمقامرة نتنياهو. من جانب آخر هناك ضغط شديد من الكونجرس الأمريكي بالتزامن مع زيارة نتنياهو على الرئيس أوباما من أجل عرقلة أي اتفاق مستقبلي مع إيران وفرض عقوبات جديدة على طهران، حيث كشفت الصحف الإسرائيلية أنه "على الرغم من أن معظم النواب الديمقراطيون سيقاطعون خطاب نتنياهو في الكونجرس، إلا أن عدداً منهم تعهد لدوائر الحكم في تل أبيب ب"تحويل حياة أوباما إلى جحيم"، في حال تبيّن أنه يتجه بالفعل إلى السماح بتوقيع اتفاق بين الدول العظمى وإيران. ذكرت القناة الثانية الإسرائيلية، أن "السيناتور بوب منديز، أحد أبرز القادة الديمقراطيون، ينوي تقديم مشروع قانون للكونجرس، يدعو فيه إلى سحب حق النقض (الفيتو) من أوباما على أية قرارات يتخذها الكونجرس بشأن فرض عقوبات جديدة على إيران، ووفقاً للقناة فإن "منديز شرع في إجراء اتصالات داخل الكونجرس لاستصدار هذا القانون الذي سيقلّص في حال تمريره هامش المناورة بشكل دراماتيكي أمام الرئيس الأمريكي في المفاوضات مع طهران، إلى جانب أنه قد يثبت للبيت الأبيض، أن هناك كلفة كبيرة لاعتراضه على قيام نتنياهو بإلقاء خطاب في الكونجرس. وتضيف القناة أن "هناك قيمة كبيرة وإضافية لأن يكون سيناتور ديمقراطي بارز هو صاحب المشروع، للدلالة على أن ردة الفعل الغاضبة لبعض النواب الديمقراطيين، كانت موجهة لنظرائهم الجمهوريين، الذين يحاولون توظيف الملف النووي الإيراني من أجل تعزيز علاقتهم بالمنظمات اليهودية، ذات التأثير الطاغي على الحلبة السياسية الأمريكية. ويرى المراقبون أن هذه الخطوة جاءت من قبل السيناتور الديمقراطي لطمأنة صنّاع القرار في تل أبيب، والتأكيد أن "أمن إسرائيل لا يمكن أن يكون مادة للخلاف مع الحزب الجمهوري"، ومن أجل تقديم دليل على ذلك، تم الاتفاق بين ديوان نتنياهو وقادة الحزب الديمقراطي، بأن يعقد لقاء يجمع نتنياهو بكل من القادة الديمقراطيين والجمهوريين في الكونجرس، بعد الانتهاء من إلقاء الخطاب.