يعيش أهالي محافظة شمال سيناء بين الدقيقة والأخرى شعور الموت، الذي يعلمون أنهم بالغوه لا محالة طالما ظلوا متواجدون بشمال سيناء، فما بين حظر التجوال الذي يجلسهم في بيوتهم بالجبر وطلقات الإرهاب التي تنالهم كل ثانية، فإن خرجوا في حظر التجوال سوف تقتلهم قوات الأمن، وإن خرجوا نهارًا فسوف تطالهم طلقات العناصر التكفيرية، ومع كل هذه الضغوط لا يجدون منظومة صحية تنقذ حياتهم إن تعرضوا للإصابة من الحرب الدائرة بالمحافظة . حيث تشهد مستشفى رفح المركزي بمحافظة شمال سيناء، حالة من الإهمال الطبي والإداري، بالإضافة للأعطال المتراكمة بأجهزة ضرورية ولا يمكن الاستغناء عنها بالمستشفى التي تقع في منطقة من المفترض أن تعد "منطقة طوارئ" نتيجة للحرب الدائرة ليل نهار بين الأمن والمسلحين . لا يوجد تعقيم يقول "محمود علام" مواطن من رفح، إن جهاز التعقيم المركزي بمستشفى رفح المركزي الذي تم إصلاحه أكثر من 15مرة في مدة أقل من عام معطل الآن، وتكرر مشهد أعطال تلك الجهاز الضروري الذي يتم من خلاله تعقيم مستلزمات أقسام المستشفي وغرف العمليات، لتنذر هذه الواقعة بكارثة خطيرة تهدد حياة المواطنين . وأضاف "علام" أنه جرى إغلاق غرف بقسم الطوارئ لمدة أكثر من عامان بحجة الصيانة، مما يقلل من طاقة عمل المستشفي في استقبال أعداد كثيرة في قسم الطوارئ في وقت واحد، وتشهد المستشفي في الآونة الأخيرة تدفق الحالات سواء مدنيين أو عسكريين بأعداد كبيرة جهاز الآشعة "المشروع السويسري الجديد" بلا فائدة بينما أوضح "على سليم" من رفح، أن جهاز الآشعة متعطل منذ أكثر من سنة كاملة، كما لم يتم إصلاحه حتى الآن، فهو جهاز ضروري لعمل الآشعة اللازمة لمعرفة شكوى المريض، يحتاج الجهاز لصيانة كما يحتاج إلي جهاز مثبت للتيار الكهربائي، مما يرسخ فشل المستشفي في تقديم خدمة أفضل للمواطن، إذ يكون المريض عندما يدخل الآشعة المقطعية في حرب مع الزمان وكل ثانية تفرق في حياته . كذلك أوضح "سليم" إن جهاز التحميض "الاوتوماتيكي" الجديد بقسم الآشعة الذي أصيب هو الآخر بعطل وتم تكهينه ويعمل حاليًا قسم الآشعة بنظام التحميض اليدوي الذي اختفي تمامًا من مستشفيات ومراكز الآشعة بمصر، كما أن نظام الأكسجين المركزي لا يعمل سوى في قسم الطوارئ فقط مع ضعف إمداد المستشفي الأكسجين اللازم . مستشفى بلا مرضى في الوقت الذي يتم فيه إخلاء الشريط الحدودي برفح، نجد تصريحات المسئولين تعلن عن إنشاء مستشفى رفح المركزي الجديد، وفي هذا الجانب قال الدكتور "طارق خاطر" وكيل وزارة الصحة بشمال سيناء، إن ما يتم إخلاؤه هو منطقة الشريط الحدودي فقط، لكن الأهالي سيعودون إلى السكن في مدينة رفح الجديدة المزمع إنشاؤها، وبالتالي لن تتغير الكثافة السكانية في المنطقة، بالإضافة إلى أن المستشفى لم ينشأ لتقديم الخدمات الطبية لسكان مدينة رفح فقط، بل لخدمة المنطقة الشرقية بالكامل وبعض الدول المجاورة، حال استدعى الأمر ذلك، مثل فلسطين والأردن . نقص الأطباء وعلاقته ب "بدل جذب العمالة" يقول الدكتور "خالد عبد النبي" مدير مستشفى رفح المركزي، إن قوة المستشفى جميعها 5 أطباء فقط، حيث يعاني مستشفى رفح المركزي من محدودية العنصر البشري من أطباء وتمريض، نظرًا لرفض الأطباء التكليف بالعمل في سيناء نظرًا للأحداث الإرهابية التي تمر بها المنطقة، مع عدم وجود تخصصات كافية من الأطباء المقيمين رغم توفير الوزارة عدد محدود من أطقم أطباء الرعاية الحرجة، وتقاضيهم مبالغ باهظة في مستشفى لا تستطيع تقديم القليل للمواطن . "بدل جذب العمالة" عبارة عن حافز مالي تمنحه وزارة الصحة للأطباء من خارج سيناء إذا وافقوا على العمل في المحافظة، باعتبارها من المناطق البعيدة عن الوادي والعاصمة، وعلى الرغم من منطق التحفيز، إلا أنه تسبب في أزمة لدى الأطباء المقيمين في سيناء أنفسهم قبل تدخل مجلس الوزراء، ويقول الدكتور "سامي أنور" إن بدل الجذب يعطي للطبيب الوافد مميزات أكبر من زميله المقيم هنا، ولا مانع من تمييز الوافد في أشياء أخرى مثل بدل السكن ونوعية الخدمة التي يؤديها، ما يحصل عليه الطبيب أو الممرض الوافد في يومين أحصل عليه كمدير للمستشفى فى شهر كامل، وتم حل هذه المشكلة بقرار رئيس الوزراء منذ بداية الشهر بصرف بدل جذب لكل الأطباء سواء المقيمين أو الوافدين في سيناء وتساوت الرؤوس . أولى قوافل "مصر العطاء" لشمال سيناء أطلقت لجنة "مصر العطاء" بنقابة أطباء مصر، أولى قوافلها الطبية الدورية للمستشفيات الحكومية بشمال سيناء، لتخدم مناطق العريش والنخل والشيخ زويد ورفح ولمدة 10 أيام، وضمت القافلة عدد من الأطباء من التخصصات المختلفة، كالأطباء المقيمين، الطوارئ، المخ والأعصاب، جراحة العظام وأمراض الكلى . ومن جانبه، رحب الدكتور "طارق خاطر" مدير مديرية الصحة بشمال سيناء بالقافلة الطبية، مقدمًا الشكر للجنة "مصر العطاء" على مبادرتها المتميزة . وكانت قافلة "مصر العطاء" قد أعلنت عن مبادرتها بقوافلها الطبية لشمال سيناء عقب الحادث الإرهابي الأخير ضد جنودنا البواسل هناك في أواخر يناير الماضي، وذلك لسد النقص الشديد في عدد الأطباء في المستشفيات الحكومية هناك . يذكر أن نقابة الأطباء قد اتخذت قراراً بمضاعفة المكافأة الرمزية للأطباء المشتركين في تلك القوافل إلى ضعف الحد الأقصى المقرر باللائحة كاستثناء، نظرًا لظروف محافظة شمال سيناء لتكون للأطباء المقيمين 400 جنيه يومياً، وللأطباء المدرسين والاختصاصيين 800 جنيه يومياً، وللأطباء الأساتذة والاستشاريين 1000 جنيه يوميًا، كما تعهدت بضمان سهولة الانتقالات والإقامة الآمنة .