يمثل قطاع الصيد بدمياط أهمية كبيرة لدى سكان المحافظة، حيث يعمل بالمهنة والمهن المرتبطة ما يقرب من رُبع سكان المحافظة، وتمثل مدينة عزبة البرج أهم المدن التى تعمل فى هذا القطاع إلى جانب مدينة رأس البر، ثم بحيرة المنزلة، وتضم المحافظة وحدها ما يقرب من 65% من مراكب الصيد على مستوى الجمهورية التى تتركز فى مدينة عزبة البرج بخلاف مراكب الصيد التى تعمل داخل بحيرة المنزلة. ولأن المحافظة تتميز بموقعها الجغرافى الممتدة على سواحل البحر الأبيض المتوسط ،وكذلك بحيرة المنزلة والنيل، أهلها ذلك لوجود أصناف متميزة من الأسماك انعكست على المواطن الدمياطى الذى أصبحت أكلة السمك بالنسبة له في المقام الأول بين الأكلات، ولكن في الآونة الأخيرة ومع تزايد معدلات التلوث في مياه بحيرة المنزلة وفى مجرى النيل، انعكس ذلك سلبًا على إقبال المواطنين على شراء هذه الأنواع من الأسماك التى يتم صيدها من بحيرة المنزلة والنيل. ونظرًا لتركز مهنة الصيد بالمحافظة تتعدد المشاكل التى تواجه العاملين فى قطاع صيد الأسماك بدمياط التى حاولنا حصر معظمها. يقول محمد عبيد، رئيس رابطة الدفاع عن حقوق الصيادين بعزبة البرج، إن قطاع الثروة السمكية فى دمياط يواجه العديد من المشاكل، بسبب إهمال الدولة ومن أهمها ارتفاع أسعار الخامات ومستلزمات الصيد ومشاكل المراكب مع دول الجوار، والشكوى المتعددة من أصحاب المراكب بشأن التأمين الإجبارى على المراكب وتوريد الحصيلة للاتحاد التعاونى دون أن يكون لها مردود على الصيادين، خاصة بالنسبة للمراكب الغارقة، وكذلك عدم وجود وحدة إنقاذ فى الموانئ الموجودة فى البحر المتوسط لإنقاذ المراكب أثناء النوات، وغياب دور الدولة فى تطهير البواغيز التى تعتبر الممر الملاحى لمراكب الصيد، وغياب دور الاتحاد التعاونى لصائدى الأسماك، بالإضافة إلى مشاكل المئات من أصحاب مراكب صيد الأسماك مع بنك التنمية والائتمان الزراعى، التى توقفت عن العمل بسبب تعثر أصحابها فى سداد المديونيات للبنك. وحذر رأفت عاشور، رئيس رابطة أصحاب المزارع السمكية بدمياط، من انهيار الثروة السمكية فى مصر بسبب تدهور أوضاع المزارع السمكية. وقال "إن الشواطئ المصرية تشكو انعدام التنمية الحقيقة للشواطئ، بسبب عدم حساب المخزون السمكى، مما أدى إلى ذهاب مراكب الصيد إلى دول الجوار، وتتعرض للقبض على أصحابها والسطو عليها"، مضيفًا أن الأمل الحقيقى لمصر في المزارع السمكية، ولكنها تعانى من الكثير من المشاكل، من بينها وجود قوانين تعجيزية تواجه أصحاب المزارع السمكية، مثل قانون 89 لسنة 1980 الخاص بالمزايدات والمناقصات، وهو ما سهل لوجود فئة تتربح من ذلك عقب انتهاء عقد الإيجار، وتقوم بمساومة أصحاب المزارع، ما يؤدى إلى تهديد الأمن العام والسلم الاجتماعى. وتابع قائلاً "إن المزارع تحتاج إلى مناخ آمن للعمل وجاذب لرأس المال"، مطالبًا بتعديل قانون المزايدات والمناقصات الخاص بالمزارع السمكية، وكذلك ضرورة إنشاء مركز للبحوث بدمياط من أجل حل مشاكل التلوث، وكذلك تطهير البواغيز وإنشاء وزارة للثروة السمكية. وأضاف رئيس رابطة أصحاب المزارع السمكية بدمياط، أن عشرات الصيادين وأصحاب المزارع السمكية العاملين فى بحيرة المنزلة يواجهون العديد من المشاكل التى أثرت مباشرة على حرفتهم، وأدت إلى نفوق كميات كبيرة من الأسماك داخل المزارع؛ بسبب ارتفاع نسبة التلوث داخل البحيرة وإغلاق البواغيز وفتحات تجديد المياه داخل البحيرة، وكذلك عدم توافر حفارات تطهير البحيرة، ما أدى إلى ارتفاع نسبة الملوحة وانعدام الأكسجين بالمياه ونفوق كميات كبيرة من الأسماك داخل البحيرة وبالمزارع السمكية الواقعة على طول مجرى البحيرة، وكذلك تعنت هيئة الثروة السمكية معهم وعدم مساعدتهم والوقوف ضدهم فى كل القرارات، خاصة قرارات الإيجارات الخاصة بالمزارع السمكية. ومن ناحية أخرى طالب الصيادون، الذين يعملون داخل بحيرة المنزلة، هيئة الثروة السمكية بإقامة دعوى قضائية على الهيئة العامة للصرف الصحى تلزمها بتطهير البحيرة، بسبب إلقاء مخلفات الصرف الصحى لعدد 5 قرى تضم 160 ألف نسمة تلقى مخلفاتها بالبحيرة مباشرة. كما طالب أصحاب المزارع السمكية بإعادة حفر قنال البط؛ باعتبارها مغذيًا هامًّا لبحيرة المنزلة من النيل؛ مما يساعد على تجديد المياه، والحفاظ على الثروة السمكية، وأن يقوم صندوق خدمة الصيادين بدوره فى خدمة الصيادين وتوضيح حقوقهم. ومن جانبه أكد الدكتور على أبو الحمايل، رئيس جامعة دمياط الأسبق وأستاذ علوم البيئة، أن جميع البحيرات فى مصر تفتقد الأسلوب العلمى فى التعامل، مضيفًا أنه شارك مع وفد من اليابان سبق أن قام بزيارة بحيرة المنزلة أثناء توليه منصب مستشار محافظ الدقهلية، وأكد الوفد فى تقريره أن البحيرة تعانى من ارتفاع نسبة سطح الماء 2 متر تقريبًا عن السطح الطبيعى لها؛ بسبب تراكم مخلفات الصرف الصحى وورد النيل، بالإضافة إلى القمامة التى تلقى فى البحيرة وتوقف حركة المياه داخل البحيرة، كما يوجد بو غازان يربطان بين البحيرة والبحر المتوسط، يحتاجان إلى تطهير بعمق 3 م تقريبًا، وهو ما يحتاج إلى كراكة بقيمة 10 ملايين جنيه، وهى غير متوفرة. وأشار أبو الحمايل إلى تكليف القوات المسلحة بهذا العمل، مضيفًا أن زيادة تلوث مياه البحيرة بسبب مصانع بحر البقر والمصانع الأخرى التى تلقى مياه الصرف بالبحيرة أدت إلى نفوق معظم الأسماك، وانتشر سمك القراميط الذى ينمو على مخلفات الصرف الصحى. ولفت المهندس صلاح جمعة، رئيس فرع الثروة السمكية بدمياط، إلى أن مشاكل الثروة السمكية بدمياط لها جانبان، أولهما مشاكل البحر الأبيض المتوسط الذى يعانى من الصيد الجائر وعدم تطبيق وقف الصيد شهرين، وهى الفترة اللازمة لنمو الذريعة، بالإضافة إلى الصيد المخالف واستخدام شباك غير مناسبة. وأضاف أن مشاكل بحيرة المنزلة تتلخص فى التلوث الناتج عن الصرف الصحى والزراعى والصناعى، وأشار إلى أن من أشهر المصارف التى تلقى مخلفاتها بالبحيرة مصرف بحر البقر والمنطقة الصناعية ببورسعيد ومحطة مصرف السيالة ومصرف الخياطة، كذلك انتشار التعدى على أراضى البحيرة من خلال التجفيف والردم، وانتشار الحوش المخالف على مئات الأفدنة والتحاويط الشبكية المنتشرة على المسطح المائى وصيد الذريعة السمكية. وتظل هذه المشاكل قائمة على مر العصور، تعجز كل الحكومات عن وضع حل نهائى لها، ويظل المواطن أو المستهلك هو من يدفع الثمن من صحته؛ بسبب تناوله لأسماك ربما نمت وتربت على أطعمة ومياه لوثها الصرف الصحى وصرف المناطق الصناعية.