محصول القمح من أهم المحاصيل الاستراتيجية فى بلدنا؛ نظرًا لأهميته فى إنتاج الخبز الذى يعتمد عليه الشريحة العظمى من المواطنين. وعلى الرغم من ذلك قرر الكثير من المزارعين عدم زراعة القمح فى الموسم الحالى؛ نظرًا لما تعرضوا له فى العام الماضى أثناء توريد القمح من تأخر صرف مستحقاتهم ورخص ثمنه الذى لم يغطِّ تكلفة زراعته بحسب العديد من المزارعين. فى مركز كفر سعد بدمياط كانت تزرع آلاف الأفدنة من القمح؛ نظرًا لأن الكثير من الفلاحين كانوا يعتبرونه فرصة للحصول على مكسب مادى يدبر به بعض أموره فى نهاية موسم الشتاء الزراعى، ولكن بعد تراجع الدولة عن دعم القمح ومزارعيه، تراجع أيضًا الكثير من الفلاحين عن زراعته. حسن عبد العظيم مزارع من قرية الوسطانى التابعة لمركز كفر سعد يقول "أنا عندى 4 فدادين، وكنت أزرع فدانين منهم قمحًا فى فصل الشتاء، وأزرع الاثنين الآخرين بالبرسيم؛ من أجل المواشى، وكنا زمان نزرع القمح ونطحن منه ونخبز عيشنا فى بيوتنا، والباقى كنا نبيعه، والدولة كانت تشتريه منا للمطاحن والأفران الإفرنجية، وكنا الحمد لله نعمل حاجة من المحصول، لكن ما حدث لنا السنة الماضية والبهدلة علشان ناخد فلوسنا وكمان السعر اللى سعروا به الأردب كان صدمة؛ لأنه سبب لنا خسائر كثيرة. فقلنا واحنا ليه نزرعه ونتعب وفى الآخر ما فيش من وراه فايدة؟". عطية سراج أيضًا مزارع، ويؤكد أن الكثير من المزارعين أعرضوا عن زراعة القمح هذا الموسم، قائلاً "إحنا كفلاحين ما لناش مصدر رزق غير الأرض والحوض اللى إحنا فيه زراعاته معروفة فى الصيف قطن ورز، وفى الموسم الشتوى بنزرع برسيم وقمح أو فول، بس كنا بنعتمد على زراعة القمح أكتر علشان بنطحن منه وناكل ونبيعه للمطاحن علشان المخابز، لكن اللى حصل السنة اللى فاتت ما يتنساش، تعبنا طول الموسم راح بلاش، السعر كان رخيص أوى ما يكفيش مصاريفه، وكمان اتبهدلنا علشان نصرق مستحقاتنا". وعلى الرغم من إعلان زراعة دمياط فى عام 2013 عن زراعة سلالة جديدة من القمح تصل إنتاجية الفدان فيه إلى 24 أردبًا فى الموسم، واستبشار المزارعين به خيرًا، إلا أنه سرعان ما تبخر الحلم، ولم يعد أحد يسمع عنه شيئًا، ومع ذلك يحاول بعض المزارعين التغلب على المشاكل والعقبات التى تواجههم فى زراعة القمح، وهي عدم توفر السماد وارتفاع أسعاره وعدم توافر مياه الرى فى كثير من الأحيان. مسؤل بزراعة دمياط أكد أن اعتماد الدولة على استيراد القمح ورصد مبالغ كبيرة من ميزانية الدولة لذلك أثر سلبًا على الدعم الذى كان يقدم للمزارعين، على الرغم من أحقية مزارع القمح فى الدعم؛ لأن تحقيق الاكتفاء الذاتى من القمح سيوفر الكثير على الدولة من العملة الصعبة، ولكن يبدو أن عدم الوصول للاكتفاء الذاتى من قمح سياسة يسعون لتطبيقها.