بدأ العاهل السعودي الجديد "سلمان بن عبد العزيز" عهده بتصفية تركة الملك الراحل "عبد الله بن عبد العزيز"، المؤشرات الأولية تكشف عن أنه يمارس دورًا تدميريًا سريعًا حتى يفرض سيطرته على زمام الدولة دون متاعب ولا ضغوط ويحيلها "سديرية" مطلقة، تغيرات مفاجئة أجراها العاهل السعودي تؤكد أن المملكة تبدأ عهد "سلمان بن عبد العزيز" بتصفية الحساب مع سلفه السابق. أجرى العاهل السعودي الملك "سلمان بن عبدالعزيز" تغييرات جذرية في مفاصل الدولة كافة شملت عددا من المناصب الهامة والحساسة، حيث أعاد "سلمان" تشكيل الحكومة، مبقياً على "متعب بن عبد الله" و"سعود الفيصل" في منصبيهما، وقرر إلغاء 12 مجلساً وهيئة، كانت تُعنى بالمجالات الأمنية والسياسية والاقتصادية والتعليمية والاجتماعية، واستبدالها بمجلسين فقط يرتبطان بمجلس الوزراء، الأول هو "مجلس الشؤون السياسية والأمنية" والثاني هو "مجلس الشؤون الاقتصادية والتنموية"، ويرأس المجلس الأول، بحسب القرار الملكي، وليّ وليّ العهد ووزير الداخلية "محمد بن نايف بن عبد العزيز"، أما المجلس الثاني فيرأسه نجل الملك، وزير الدفاع "محمد بن سلمان". أعفى الملك "خالد بن بندر" من رئاسة الاستخبارات و"بندر بن سلطان" من رئاسة مجلس الأمن الوطني، وقرر "سلمان" في أمر ملكي منفصل إعفاء "مشعل بن عبد الله" من إمارة منطقة مكةالمكرمة، كذلك أعفى "تركي بن عبد الله" من إمارة منطقة الرياض، فعيّن مكان الأول "خالد بن فيصل" أميراً لمنطقة مكة برتبة وزير، وعيّن "فيصل بن بندر" أميراً لمنطقة الرياض برتبة وزير أيضا. من بين القرارات اللافتة أيضاً، الأمر الملكي القاضي بإعفاء "بندر بن سلطان" رئيس الاستخبارات السابق من منصبه الأخير، وهو أمين عام مجلس الأمن الوطني، حيث كان قد عيّنه الملك "عبد الله" الراحل مستشاراً ومبعوثاً خاصاً له، فأعفاه "سلمان" في أمره من هذا المنصب أيضاً. بالتزامن مع إعفاء "بندر"، قرر سلمان إلغاء ما يُعرف بمجلس الأمن الوطني من أصله، وفي أمر ملكي آخر، لا يخلو من استهجان، أعفى الملك "خالد بن بندر" من منصب رئيس الاستخبارات السعودية العامة، وعيّن الفريق "خالد بن علي بن عبد الله" مكانه برتبة وزير، ومن المثير للاستغراب أن هذا المنصب ليس مألوفاً أن يتسلمه أحد من خارج العائلة الحاكمة، فسابقاً، عندما أعفي "بندر من سلطان" من منصب رئيس الاستخبارات، كلّف "يوسف الإدريسي" هذه المهمة مؤقتاً، ولكنه لم يعيّن في هذا المنصب بشكل دائم ورسمي، أما اليوم فيأتي "سلمان" بشخص من خارج العائلة، فيما لم يفت "سلمان" أن يعيّن ابنه، "عبد العزيز"، نائباً لوزير البترول والثروة المعدنية برتبة وزير. الاستغناء عن وزراء كان قد أتى بهم الملك الراحل لإحداث انفتاح وتغييرات، جعل التغييرات الجديدة توصف ب"الانقلاب على حكم الملك الراحل" وعودة الحكم الى ما يسمون ب"الجناح السديري" أي أبناء الزوجة الثامنة لمؤسس المملكة السعودية وهي الأميرة "حصة السديري". بعد ساعات من وفاة الملك "عبد الله بن عبد العزيز"، قَلَبَ الملك الجديد، "سلمان بن عبد العزيز"، الطاولة مسترجعاً للجناح السديري سطوة المُلك، بعدما نجح سلفه في كف يد هذا الجناح في الحكم إلى حد كبير، لاستحالة شطبه كلياً من المعادلة السياسية في المملكة. اختزن الملك الجديد حزمة خصومات مع الملك "عبد الله" حد الاحتقان بانتظار هذه اللحظة والانقضاض سريعاً، ليبدو لافتًا للجميع أن معركة تصفية الحسابات بين الملك الراحل والعاهل الجديد لم تنتظر حتى انتهاء مراسم دفن الراحل "عبد الله بن العزيز".