أعلن الديوان الملكي السعودي وفاة الملك عبدالله بن عبد العزيز(عام 99)–ولد عام 1916 وسجل في رسمياً في 1924- في الساعات الأولى من اليوم، وأعلن الديوان الملكي أيضاً أن الأمير سلمان بن عبد العزيز(80 عام) ولي العهد تلقى بيعة آل سعود بعد توليه عرش المملكة، كذلك تولي الأمير مقرن بن عبد العزيز(70 عام) منصب ولي عهد المملكة طبقاً لشغور المنصب بعد تولي سلمان الملك وذلك طبقاً لقرار ملكي سابق قد أصدره الملك عبدالله باستحداث منصب ولِّي وليُّ العهد وتوليته لمقرن. وتولى الملك عبدالله الحكم رسمياً عام 2005، إلا إنه كان الحاكم الفعلي للمملكة منذ توليه منصب ولاية العهد عام 1982، حيث كان يشغل قبل ذلك التاريخ مناصب حساسة على رأسها قيادة الحرس الوطني منذ عام 1963، والنائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء منذ عام 1975، وبعد إصابة الملك فهد بن عبد العزيز بجلطة في المخ عام 1995 أضحى عبدالله بشكل رسمي وواقعي هو الحاكم الفعلي للمملكة. بعد توليته عرش المملكة في 2005 أقدم عبدالله على إنشاء هيئة البيعة، وهي هيئة مكونة من أبناء الملك المؤسس عبد العزيز بن سعود أو ما ينيب عنهم من أحفاده، وظيفتها ترشيح وليِّ للعهد من بين أعضاءها أو تأييد من أختاره الملك بعد مشاورتهم، وهو ما لم يحدث في حالة مقرن بن عبدالعزيز، الذي تجاوز الأمير أحمد بن عبدالعزيز(72 عام) في أحقية الأخير بمنصب ولاية العهد. يذكر أن الملك الراحل قد تولى ثلاثة من أخوته منصب ولاية العهد، هم سلطان بن عبدالعزيز (توفى في2011) ونايف بن عبد العزيز(توفى في 2012) وسلمان بن عبد العزيز الذي تولى المُلك منذ ساعات. وكانت تقارير إعلامية تداولت تقارير إعلامية مسألة وفاة الملك الراحل من ما يربو عن أسبوعين، وذلك بعد أخبار عن دخوله إلى المستشفى بسبب التهاب رئوي حاد، كانتكاسة صحية أخيرة في سلسلة انتكاسات صحية من 2010، وتناولت هذه التقارير أن الملك دخل في حالة موت سريري وأن أمراء البيت السعودي يتكتمون على الخبر لحين الانتهاء من ترتيبات مسألة خلافته المعقدة، والتي شهدت تطورات وصفها البعض ب"بأنها جعلت مستقبل آل سعود على المحك" بسبب التغيرات التي شرع فيها الملك الراحل في السنوات الأخيرة والتي صعد فيها نجله متعب بن عبدالعزيز لعدد من المناصب أخرها تعديل كيان الحرس الوطني وجعله وزارة يتولها متعب. ذلك بالإضافة إلى تغيرات سريعة ومتواترة وغير مدروسة في مناصب الاستخبارات والدفاع. وأخر هذه التغيرات كان استحداث منصب وليِّ وليُّ العهد. للملك الراحل خطوات مهمة فيما يخص السياسة الخارجة للمملكة السعودية حتى قبل تولية المُلك، أهمها التماهي التام مع السياسات الأميركية في المنطقة وكانت قمة هذا التماهي في حرب الخليج الثانية وحصار العراق وأخيراً الغزو في 2003. وشهد عهده خطوات واسعة لتطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني، كان أبرزها مبادرته التي سميت باسمه –سرعان ما تبنتها الجامعة العربية- عام 2002 إبان توليه للعهد، والتي نصت على تطبيع كامل للعلاقات مع إسرائيل في حال انسحابها لحدود 1967. وذلك بموازاة عداء بالغ لجارته إيران، والذي بلغ ذروته بتصريحه للسفير الأميركي في بلاده عام 2008 بضرورة "قطع رأس الأفعى" في إشارة إلى ضرورة توجيه ضربة عسكرية لطهران بسبب برنامجها النووي ودعمها لحركات المقاومة. بالإضافة إلى تحفيز بلاده المتسمر للعمليات العسكرية الإسرائيلية ضد غزة في السنوات الأخيرة، الأمر الذي حدا ببعض المحللين الغربيين أن العدوان الأخير على غزة جاء بمرسوم ملكي سعودي. وصولاً إلى ضلوع بلاده بشكل رئيسي في الحرب الحالية في سوريا بمد العون المادي وتسليح الإرهابيين والمعارضة المسلحة منذ 2012، وهو ما ساهم في تنمية ما يعرف الأن بتنظيم داعش، الذي ما لبث أن هدد باقتحام حدود المملكة السعودية، وهو الأمر الذي جعل المملكة تسحب يدها من دعم المسلحين المتطرفين وفرض عدد من القوانين والإجراءات منذ أوائل العام الماضي التي تحول من استمرار تدفق مقاتلين سعوديين إلى سوريا أو العراق هناك خاصة بعد قرار مجلس الأمن بتجريم دعم داعش أو جبهة النُصرة، وتركيز جهود المملكة في دعم ما يسمى بالمعارضة المعتدلة بشراكة أميركية. ويرحل الملك السعودي في وضع يصفه البعض بالأخطر من حرب الخليج الثانية فيما يخص أمن المملكة ومحيطها الاستراتيجي، فمن ناحية برز تهديد تنظيم داعش للحدود السعودية وخطر تمدده إلى أراضي المملكة، وجنوباً حيث سيطرة الحوثيين على مفاصل الدولة في اليمن، وهي الحركة التي تستعديها المملكة من أوائل الألفية الجديدة ودخلت معها في حرب عام 2009، ذلك بالإضافة إلى تراجع نفوذ المملكة في منطقة الشام وخاصة في سوريا ولبنان. ويسجل للملك انجاز وحيد هو إعادة التوازن في منطقة الخليج بعد التناطح بين الرياض والدوحة منذ 2011 على خلفية ما يسمى بالربيع العربي، ونهاية بالإطاحة بجماعة الإخوان في مصر ودعم الرياض للنظام المصري الجديد وتحجيم قطر في دورها التقليدي بين الدول الخليجية والذي كلل بقبول المصالحة مع السعودية والإمارات والبحرين طبقاً لشروط هذه الدول ثم المصالحة مع مصر طبقاً لشروط السعودية. وبالنسبة لسجل حقوق الإنسان في المملكة في عهد الملك الراحل، فسُجلت أسوء معدلات انتهاك حقوق الإنسان في عهده، سواء فيما يتعلق بالحريات الشخصية أو مصادرة حرية التعبير والمجتمع المدني والحريات السياسية، أو الاحكام القضائية التي تصل إلى الإعدام بقطع الرأس أو الجلد لمجرد إبداء حقوق الرأي، وكشف الصحفي الأميركي جلين جرينوالد عن وثائق سربها المتعاقد السابق مع وكالة الأمن القومي الأميركية، إدوارد سنودن، أن المملكة تستخدم تقنيات أميركية حصلت عليها من مكتب التحقيقات الفيدرالي تحت بند الشراكة في مكافحة الإرهاب في ملاحقة المعارضين ونشطاء الرأي والمدافعين عن الحريات وحقوق الإنسان بالمملكة. وجدير بالذكر أن عهد الملك الراحل شهد تركز لثروات السعودية في أيدي أمراء البيت الحاكم على حساب الشعب السعودي، حيث أشارت دراسة نشرها معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى أن تقاسم الثروة في المملكة يبلغ نسبة واحد: عشرة ألاف بين آل سعود وبقية الشعب على الترتيب، وذلك في الوقت الذي تعد فيه السعودية أغنى بلاد العالم في انتاج واحتياطي النفط، ويعد التطرق إلى حصيلة بيع النفط السعودي من الأمور المحظورة في المملكة وتناقش فقط بين أمراء البيت الحاكم. وبحسب مجلة "فوربس" الأميركية فأن ثروة الملك الراحل تتجاوز 18 مليار دولار، في الوقت الذي سجل فيه عام 2014 نسبة قياسية جديدة للفقر والبطالة في المملكة. وبتولي سلمان بن عبد العزيز الحكم في المملكة حسم تساؤل حول ماهية الملك الجديد فيما زادت علامات الاستفهام حول استمراره في المنصب بسبب المتاعب الصحية التي يعانيها وأبرزها مرض "الخرف" العقلي، وذلك بموازاة تحفز وتحفظ بعض أهم أمراء العائلة على مسألة ولاية العهد الحالية والقادمة، سواء لحيثيات حول الأمير مقرن المتجاوز في منصبه للأمير أحمد أو كون مقرن من أم يمنية لم تكن حتى زوجة للملك عبد العزيز بن سعود. وبخصوص أخر التطورات في هذا السياق غرد "مجتهد" أن إعلان بيعة مقرن ولياً للعهد سُرب للإعلام عن طريق ما أسماه ب"مجموعة الأزمة التي تدير الديوان" وأن لا يوجد إجماع على بيعته من أمراء العائلة أو هيئة البيعة المهمشة والتي اعترضت على تعيين الملك عبدالله له في منصب ولاية ولي العهد. ليظل مستقبل حكم آل سعود رهن قرارات الملك الجديد أو تغيرات درامية قد تشهدها الأيام القادمة. موضوعات متعلقة: