أثار إعلان رئيس اتحاد الحبوب الروسي، أركادي زلوتشيفسكي، عن عدم إمكانية تزويد الهيئة العامة للسلع التموينية في مصر بشحنات القمح بداية من العام الجديد 2015، تخوفات الكثير من المصريين، من عدم توفير الأقماح الخاصة بالرغيف المدعم، المعتمد عليه السواد الأعظم من الشعب المصري. وبرغم أن مصر لديها العديد من المصادر البديلة لاستيراد القمح، إلا أنها تعتمد على روسيا في الحصول على نصف الكمية الواردة من الخارج سنويا، إضافة إلى أن خروج روسيا من بورصة الحبوب، يؤدي إلى ارتفاع أسعار القمح عالميا، مما يترتب عليه اضطرار مصر إلى شرائه بأي أسعار؛ لإيفاء احتياجات الشعب من الرغيف المدعم، لاعتمادها الرئيسي على روسيا في استيراد 50 % من احتياجاتها. يقول الدكتور صلاح جودة، الخبير الاقتصادي، إن هناك سبع دول منتجة للقمح عالميا، وتعد الولاياتالمتحدةالأمريكيةوروسيا، أكبر دولتين من حيث الإنتاج، في حين أن مصر وتركيا، أكبر دولتين مستوردين للقمح، مؤكدا أن إحجام روسيا عن تصدير القمح، جاء ردا على العقوبات الاقتصادية التي فرضت عليها من قبل الغرب والولاياتالمتحدة، بالإضافة إلى أن معظم شركات النقل الأوروبية، تنفذ الأجندات العالمية، فجاء رد روسيا كعقاب للعالم أجمع؛ لأن خروجها من سوق صادرات القمح، سيعمل على ارتفاع الأسعار بنسبة 15 % على الأقل. وأضاف "جودة" أن القرار الروسي سيحمّل مصر فاتورة باهظة في ظل احتياجاتها السنوية من القمح، حيث إن الاستهلاك السنوي من القمح يبلغ 15 مليون طن، وما يتم إنتاجه محليا، يقارب ال5 ملايين طن فقط، والباقي يتم استيراده من الخارج، متابعا: «قبل القرار، كان سعر الطن من القمح لا يتجاوز ال300 دولار، وسيصل إلى 350 دولارا بعد انسحاب روسيا من السوق، الأمر الذي سيحقق زيادة تقدر ب500 مليون دولار، أو ما يعادل 4 مليارات جنيه تتحملها الموازنة العامة في مصر خلال الفترة المقبلة، خاصة أن موسم القمح الجديد، سيبدأ في شهر مارس من العام المقبل». ولفت إلى أن كل تصريحات مسئولي هيئة السلع التموينية، التي تهدئ من روع الشعب لبث الطمأنينة بأن مخزون القمح يكفي الفترة المقبلة، ما هي إلا بيانات وهمية ولا تمت للحقيقة بصلة. من جانبه، قال الدكتور نادر نور الدين، خبير بورصات الغذاء والحبوب العالمية، إنه خلال الأربع سنوات الماضية اعتمدت مصر بشكل أساسي على استيراد القمح من روسيا بنسبة 50% من إجمالي ما نستورده، والبالغ 10 ملايين طن سنويا، وبالتالي سوف يؤدي الحظر لحتمية تغيير مصادر الاستيراد إلى أستراليا وفرنسا الأقرب إلينا، ثم أمريكا وكندا والأرجنتين الأبعد والأعلى سعرا. وأشار "نور الدين" إلى أن روسيا تساهم في السوق العالمي بنحو 22 مليون طن قمح سنويا، مؤكدا أن حظر التصدير يعني احتمال ارتفاع أسعار القمح عالميا، رغم أن الإنتاج العالمي في الموسم الحالي حقق رقما قياسيا بلغ 715 مليون طن، والمحصول المقبل سيزيد ويحقق 722 مليون طن بالمقارنة بالموسم الماضي الذي بلغ 678 مليون طن فقط، وهو ما يمكن أن يقلل من ارتفاع أسعار القمح عالميا بسبب وفرة المحصول، لكن المشكلة أن استهلاك القمح عالميا، سيزيد إلى 713 مليون طن، أي مساوٍ للإنتاج العالمي وبزيادة 8% عن العام الماضي. وطالب خبير بورصات الغذاء، الحكومة المصرية بضرورة أن تستوعب الدرس بعدم الارتماء في أحضان منشأ واحد في الاستيراد، وأن يكون الأمر درسا لوزير التموين، الذي خاطب روسيا أن توفي بتعاقداتها التي أبرمتها معنا، بعد أن كان يقول إن مصر ستملي شروطها على موردي القمح لمصر، مختتما: «يجب أن يدرك جيدا أن المشتري والمستورد هو الأضعف دوما من البائع والمصدر، وأنه عندما يتعلق الأمر بتجويع شعب، فينبغي على المسئول أن يكون حريصا في تصريحاته».